متى تُشهر إسرائيل سلاحها النووي؟

صحيفة الحياة اللندنية 18/11/2006
على رغم مرور أكثر من نصف قرن على بدء “إسرائيل” العمل ببرنامجها النووي إلا أنها لم تؤكد امتلاكها القدرة النووية إلى الآن، مع أن التقارير تتحدث عن امتلاكها ترسانة نووية ضخمة من مختلف أنواع الأسلحة، فلماذا لم تشهر نوويتها؟ وهل حان الوقت لإعلان ذلك؟ وهل سيكون لتوقيت مثل هذا الإعلان علاقة بتطورات الملف النووي الإيراني؟
عندما بدأت “إسرائيل” ببناء مفاعل ديمونا النووي بمساعدة فرنسية في منتصف خمسينات القرن الماضي انطلقت من فريضة أساسية تقول إن امتلاك السلاح النووي يمنع العدو (العرب) من القضاء على “إسرائيل” حتى لو هزمت في معركة تقليدية.
وفي السبعينات والثمانينات هدفت “إسرائيل” من وراء امتلاك الأسلحة النووية إلى تحقيق مسألتين أساسيتين:
الأولى: دفع الدول العربية إلى الاقتناع بأن “إسرائيل” قوة نووية كبيرة لا يمكن هزيمتها عسكرياً ولا بد من التسليم بوجودها كأمر واقع.
والثانية: مع هذا الاقتناع لا بد من قبول أعدائها العرب بالحل السلمي للصراع العربي – الإسرائيلي وبالتالي دفعه إلى طاولة مفاوضات بحثاً عن تسوية لم تكن محددة المعالم في ذلك الوقت .
وعند الحديث عن المفاعل النووي الإسرائيلي والمحطات التي ساهمت في دفع هذا المفاعل إلى أرض الواقع وصولاً إلى صناعة الأسلحة النووية التي أضحت جزءاً أساسياً من بنية دولة “إسرائيل” وسياستها لا بد من التوقف عند الزيارة التي قام بها شيمون بيريز إلى واشنطن عام 1960 وحصوله خلال تلك الزيارة على دعم الإدارة الأميركية في مجالين، الأول: الدعم الأميركي الكامل ل”إسرائيل” حتى أصبحت دولة نووية. والثاني: مساعدتها على الدوام في التهرب من التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية على رغم الاتجاه الدولي لدفع الدول المتطلعة نووياً إلى هذه المعاهدة .
في الواقع، إذا كان الدعم الأميركي نجح في إبعاد “إسرائيل” عن دائرة المطالبة الدولية بالانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الداعية إلى الحد من الأسلحة النووية وانتشارها فإن استراتيجية “إسرائيل” النووية والتي عرفت بسياسة الغموض النووي قد حققت أهدافها السياسية وفق المفهوم الإسرائيلي الذي يقوم على الردع وليس الهجوم، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بعد أن حققت هذه السياسة أهدافها: هل سياسة الغموض النووي أي عدم إشهار نووية “إسرائيل” مازالت مفيدة ومجدية؟
بداية، ينبغي القول إن سياسة الغموض النووي لا تعني إنكار امتلاك “إسرائيل” لأسلحة نووية، كما أن عدم الإفصاح عن الأسلحة النووية الإسرائيلية لم يعد مفيداً في ظل التقارير والدراسات التي تؤكد امتلاك “إسرائيل” لقرابة مئتي رأس نووي، وبعد قضية فعنونو لم يعد من المحرمات والجرائم الحديث عن المفاعل النووي الإسرائيلي، ومن يتابع الصحافة الإسرائيلية في السنتين الأخيرتين سيجد أنها زاخرة بالمقالات والدراسات والأخبار والتقارير التي تتحدث عن هذه المسألة الحساسة، بل يمكن القول إنه في ضوء النقاشات الجارية فإن المسألة الأساسية بالنسبة إلى الأسلحة النووية الإسرائيلية في الفترة الحالية والمقبلة تتعلق بنوع من موازنة الخيارات المتعددة والتي تتعلق بكيفية إعلان نووية “إسرائيل” مع أن التصريحات الرسمية الإسرائيلية ما زالت تتمسك بسياسة الغموض النووي، ولعل من أهم المؤشرات حول كيفية إشهار نووية “إسرائيل” :
1 – اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتانياهو قبل فترة إلغاء السرية عن القدرات النووية الإسرائيلية إذا أتضح ان إيران ستصبح دولة نووية، ولعل مثل هذا الاقتراح بات في موقع الاهتمام مع اشتداد الجدل بشأن الملف النووي الإيراني وتزايد الاهتمام الإسرائيلي به وسط مخاوف من أن يقلب امتلاك إيران لأسلحة نووية الكثير من المعادلات في المنطقة، إذ إن “إسرائيل” باتت ترى نفسها وجهاً لوجه في صراع مع دولة نووية على جغرافيات متفجرة في الشرق الأوسط .
2 – القضية التي عرفت باسم الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو على خلفية كشف الأخير جملة من الأسرار النووية الإسرائيلية، ولا يخفى على المراقب أنه منذ خروج فعنونو من السجن في نيسان (أبريل) 2004 يدور جدل كبير في الأوساط الإسرائيلية حول عدم جدوى سرية البرنامج النووي الإسرائيلي .
3 – إطلاق “إسرائيل” قبل نحو سنة موقعا على شبكة الأنترنيت باللغتين العربية والإنكليزية، يقدم معلومات حول مفاعل ديمونا ومركز ناحل سوريك النووي .
4 – قيام “إسرائيل” في الفترة الأخيرة بتوزيع دواء (لوغول) المضاد للإشعاعات الذرية على الإسرائيليين الذين يسكنون في مناطق ديمونا ويروحام ويفنا، أي المناطق القريبة من المفاعل النووي وذلك في اعتراف غير مباشر بامتلاكها الأسلحة النووية .
5 – بروز اتجاه دولي نشط يطالب ويعمل من أجل الحد ونزع مجمل أسلحة الدمار الشامل في العالم، وفي الوقت نفسه بروز ما يشبه التحدي من قبل بعض الدول (كوريا الشمالية وإيران) في إعلان نوويتها وهو الأمر الذي قد يشجع “إسرائيل” على انتهاج السلوك نفسه .
هذه المؤشرات والوقائع وإن كانت أولية حول مسألة تخلي “إسرائيل” عن سياسة الغموض النووي وإشهار نوويتها إلا أن قيامها بذلك، سواء من خلال الإعلان الرسمي أو إجراء تجربة نووية علنية يبدو أنه بات مرتبطاً بالملف النووي الإيراني حيث تفكر “إسرائيل” بتأمين الضربة النووية الثانية (الأولى إيرانية حسب الفهم الإسرائيلي) من خلال الغواصات البحرية النووية التي اشترتها “إسرائيل” من ألمانيا. وفي جميع الأحوال فإن “إسرائيل” باتت تجد نفسها أمام معادلة إشهار نوويتها بعد أكثر من نصف قرن على اتباعها سياسة الغموض النووي والتي حققت أهدافها .
* كاتب سوري
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...