محمود محسن.. رحيل داعية ومؤسس أول مكتبة في رفح

في بيته بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية، تربى على يديه قيادات كبيرة وأسماء نضالية بارزة من الإسلاميين، أبرزهم القياديان فتحي الشقاقي وموسى أبو مرزوق، وكان معروفاً بحسن كرمه وابتسامته التي لا تغادر ثغره.

الحاج محمود محسن؛ المربي والداعية الإسلامي وأحد رجالات العمل الخيري، والذي صعدت روحه الطاهرة إلى باريها بعد عمر ناهز التسعين عاماً؛ وودَّعته مدينة رفح جنوب قطاع غزة يوم الجمعة الخامس والعشرين من أغسطس، والثالث من ذي الحجة، بعد مسيرة جهاد وعطاء خاضها استمرت 60 عاماً.

ومحسن من أوائل الذين انضموا إلى جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين؛ وأول مسؤول تنظيمي لحركة الإخوان المسلمين في مدينة رفح جنوب محافظات قطاع غزة.

حياته وصفاته
“من مواليد بلدة المجدل المحتلة عام 1928م؛ أنهى فيها الصف السابع، وهو أعلى صف في ذلك الوقت”، بهذه الكلمات بدأ نجله يوسف (59 عاماً) الحديث لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” عن حياة والده.

وأضاف:” عُرف بين أقرانه بالهدوء وحسن الخلق، ولكنه في نفس الوقت كان شعلةً في النشاط والحيوية. كان منذ صغره محبوباً بين الجميع، فقد كان لا يتأخر عن مساعدة أحد من الجيران أو الأصدقاء، وقد استمر على هذه الحال حتى وفاته رحمه الله”.

وتابع: “تزوج والدي في العام 1945، وبعدها بعام تقريبا رزقه الله بشقيقتي الكبرى.. وفي العام 1948 كانت النكبة حيث هاجر إلى مدينة رفح، وتوظف في مدرسة للوكالة برفح، وكان يتقاضى الدقيق والأغذية المختلفة كراتب، لذا ترك المدرسة بعد شهور لأنه كان متزوجا ولا يكفي ذلك لمعيشته؛ ثم اتجه للعمل في تجارة القماش، والتي كانت مهنة والده حتى العام 1978”.

أول مكتبة في رفح
وأوضح أنه “بعد عام 1978 أسس الحاج محسن أول مكتبة إسلامية في محافظة رفح، ضمت بين جنباتها الكتب الإسلامية الهادفة”، مشيراً إلى أن والده كان يتوجه إلى مدينة القدس والخليل من أجل شراء الكتب، إلى جانب الكتب التي كان يحضرها شقيقه من مصر.

وعن رحلته مع الإخوان المسلمين يقول أحمد يوسف أحد قيادات حركة حماس في مدينة رفح وأحد القادة الذين تتلمذوا على يد الشيخ الراحل: “انضم الحاج أبو محمد إلى الجماعة تقريبا في العام 1952، على يد الشيخ إسماعيل المصري من مدينة الإسماعيلية، ويعدّ هذا الجيل هو أول جيل يدخل الجماعة من غزة”.
 
من المؤسسين الأوائل
وأوضح أنه من الأوائل المؤسسين الذين رافقوا الشيخ أحمد الياسين، وعبد الفتاح دخان، وإبراهيم اليازوري، ومحمد النجار، وحماد الحسنات، في مرحلة تعد الأعقد في تاريخ الحركة.

وأضاف: “هو صاحب الفضل علينا في الالتحاق بجماعة الإخوان المسلمين بعد نكسة عام 67، وذلك بعد أن أصيب جيل الشباب أمثالي بصدمة الهزيمة ووقع الإذلال المهين برؤية جيش المحتلين، وذلك بعد أن كانت آمالنا معقودة على وعود العرب”، مشيراً إلى أنه كان أول من فتح بيته ليكون بعد النكسة محضناً لجيل الشباب.

من جهته قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خلال كلمة له في مسجد الهدى الذي  شييع الحاج محمود منه: “كان الحاج أبو محمد من الأوائل المؤسسين لحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين في مرحلة تعد الأعقد في تاريخ الحركة الإسلامية”.

وأضاف هنية: “حمل الحاج محمود على عاتقه مع إخوانه تأسيس حركة حماس، رسخوا فيها قواعد البناء والتنظيم عبر منابرها الدعوية والخطابية المختلفة”، مشيراً أن الشيخ أحمد ياسين أوصاه بالحاج محمود خيراً.