الثلاثاء 13/مايو/2025

لقطاع غزة أراضٍ وحقوق تستحق المطالبة

د.عصام عدوان
تشكَّل قطاع غزة نتيجة لاتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر و(إسرائيل) الموقَّعة في 24/2/1949م، وهي اتفاقية دولية أشرفت عليها لجنة التوفيق الدولية، وبموجبها كانت مساحة القطاع 555كم2 ويلحق بها مساحة أخرى منزوعة من السلاح هي مثلث العوجا ومساحته 260كم2. واليوم مساحة القطاع 365كم2. فكيف تقلَّصت مساحة القطاع؟

لأسباب إسرائيلية جرى توقيع اتفاقية بين القوات المصرية المسئولة عن القطاع بقيادة الكولونيل محمود رياض، وبين قيادة القوات الجنوبية الإسرائيلية بقيادة الليفتنانت كولونيل كالمان كيت بتاريخ 22/2/1950م سُميت باتفاقية “التعايش” والتي لم تُشِر في أي بند من بنودها إلى أنها تعديل لاتفاق الهدنة وحدود الهدنة ووافقت الحكومة المصرية سراً (لاعتبارات داخلية وحزبية) على هذه الاتفاقية بوصفها اتفاقية محلية، بينما تردد رئيس لجنة الهدنة التابعة للأمم المتحدة في الموافقة عليها، لأنه لم يجد في اتفاقية رودس أي بند يسمح بتبادل الأراضي. ومع ذلك وقّع الطرفان على الاتفاقية وأرفقوا بها الخريطة المرفقة (مصدر هذه المعلومات والخريطة: هيئة أرض فلسطين – لندن – 2009م).

بمقتضى اتفاقية التعايش المحلية (غير دولية) أعارت مصر لـ(إسرائيل) الأراضي المحيطة بقطاع غزة من الجهتين الشمالية والشرقية بمساحة إجمالية حوالي 190كم2، وتصل في عمقها في بعض المناطق إلى 3كم شرق الحدود الحالية للقطاع، مثل منطقة عبسان وخزاعة.

لقد أنشأت (إسرائيل) في هذه المساحة المقتَطَعة مستعمرات عدة، منها: في الشمال موشاف “ناتيفهعسراه” وكيبوتس “ايريز” وقاعدة عسكرية في وادي الحسي، وكيبوتس “زيكيم”، وفي الشرق مستعمرة “كيسوفيم”، و”نيريم”، و”عين هشلوشة” وأيضاً “كرم أبو سالم”.

من جهة ثانية، فقد احتلت (إسرائيل) مثلث العوجا في عام 1955م وطردت منه 20 ألفاً من الفلسطينيين من قبيلة العزازمة.

وفي ضوء هذه المعلومات التاريخية الخطيرة والهامة، هناك جملة نقاط تسترعي الانتباه، وهي:
1- إن أي حديث عن أراضي عام 1967م يُسقِط من حسابه تلك الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) بين عامي 1948- 1967م.
2- إن الأراضي الواقعة في محيط قطاع غزة وإلى عمق يصل إلى ثلاثة كيلومترات هي أصلاً من أراضي القطاع وفق اتفاقية الهدنة. وعلى مَن يقيم وزناً للمعاهدات الدولية أن يدرك بأن (إسرائيل) هي المعتدية على قطاع غزة عندما انتزعت منه 450كم2،وأقامت المستوطنات المحيطة بالقطاع.
3- إن نفق المقاومة الممتد من عبسان باتجاه الشرق لمسافة 25 كم إنما يقع بكامله ضمن أراضي قطاع غزة المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة الدولية، وليس من حق أحد الاعتراض عليه.
4- إن اقتراح تبادل الأراضي بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية والذي ورد في سياق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والتي ذُكر فيها أن (إسرائيل) ستتمسك بضم الأراضي التي استولت عليها في الضفة الغربية، مقابل توسيع قطاع غزة قليلاً، وتوسيع الضفة الغربية في مناطق قاحلة غير مأهولة في منطقة الخليل ،يعني أن (إسرائيل) تسرق الأراضي ثم تساوم أصحابها عليها. وكان على المفاوض الفلسطيني أن يحيط علماً بما أوردناه أعلاه وأن يطالب به، لا أن يقنع الفلسطينيين بجدوى مبادلة الأراضي.
5- إن المعابر التجارية التي تتحكم بها (إسرائيل) في حركة البضائع من مصر إلى القطاع؛ معبر كرم أبو سالم، ومعبر العوجا، كلاهما أراضٍ تابعة لقطاع غزة وفق اتفاقية الهدنة. ومن الضروري إثارة المطالبة بتعريب هذين المعبرين، ومطالبة السلطات المصرية بدور قومي في هذا الاتجاه، ولاسيما أنها المسئولة عن ضياعهما بدون ظروف حرب.
6- إن من حق عشرين ألف فلسطيني من قرية العزازمة هُجروا من أراضيهم في مثلث العوجا عام 1955م أن يمتلكوا حق عودتهم إلى أراضيهم وحق المواطنة فيها، حتى لو قرروا عدم العودة الفعلية، ومع احتفاظهم بأي جنسية أخرى حصلوا عليها. وربما أصبح تعداد هؤلاء أكثر من مائة ألف يعيش معظمهم في سيناء.
7- إن ضربات المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة هي مشروعة ليس فقط لأن (إسرائيل) احتلت معظم فلسطين في حرب عام 1948م، بل ولأن هذه الأراضي تحديداً هي أراضي لقطاع غزة وفق اتفاقية الهدنة الدولية. والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة تقِر بالكفاح المسلح لاستعادتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات