السبت 31/أغسطس/2024

مطابع الضفة.. استهداف مزدوج يهدد وجودها

مطابع الضفة.. استهداف مزدوج يهدد وجودها

تصاعدت في الآونة الأخيرة حملة الاستهداف للعديد من المنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية بحجة دعمها وتمويلها ومشاركتها للمقاومة الفلسطينية والنشاطات الرافضة للاحتلال، والذي يصر على تسميتها وتصنيفها على أنها “أعمال إرهابية”؛ لكونها تفضح ممارساته وتعري جرائمه.

ونال المطابع نصيب كبير من حملة الاستهدافات الأخيرة؛ ففي الوقت الذي سعت السلطة خلال سنوات خلت لإغلاق الكثير من المطابع وتقييدها وشلّها؛ لكونها تطبع وتنشر أعمالًا تخص الشهداء والأسرى وحركات المقاومة، فإن الاحتلال هو الآخر صعّد من حملته ضدها من خلال مصادرة المعدات  والماكينات التي تقدر قيمتها بآلاف الدولارات؛ من أجل ردعها وغيرها عن تقديم أي خدمات لأحزاب أو أشخاص تمجد المقاومة ومرادفاتها.

إغلاق ومصادرة

وتعددت أشكال الاستهداف للمطابع في الضفة من إغلاق لبعضها ومصادرة معدات، وتهديد بالاستهداف والاعتقال لأصحابها والقائمين عليها، وفرض الغرامات على بعضها، وجعل العمل فيها بمنزلة مغامرة غير محسوبة.

ولعل ما حصل مع العديد من المطابع في أكثر من مدينة فلسطينية من اقتحامات قوات الاحتلال الصهيوني، وما رافق ذلك من حملات للمصادرة لمعداتها ومن ثم إغلاقها، ما هو إلا غيض من فيض من جملة الممارسات التي طالت العديد منها، وتنتظر الآخرين.

وعلاوة على ما جرى الحديث عنه عبر وسائل الإعلام من حملات استهداف، إلا أن الكثير من أصحاب المطابع آثروا السكوت على جملة التهديدات التي تعرضوا لها، سواء أكانت من الاحتلال وجهاز المخابرات لديه، أو من أجهزة أمن السلطة المختلفة التي هي الأخرى لم تختلف عن الأولى في طبيعة التهديدات بالملاحقة والاستهداف لأصحاب المطابع.

تهديدات مستمرة

أبو فؤاد؛ كما كنى نفسه، صاحب إحدى شركات الطباعة والتصميم، كشف خلال حديثه مع “المركز الفلسطيني للإعلام” عن تلقيه تهديدات بشكل مستمر من الاحتلال بذريعة طباعة منشورات ومواد للكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية.

ويضيف: “بالعادة مع بدايات المواسم واشتداد الأنشطة الطلابية وموسم الانتخابات، نبدأ بتلقي اتصالات من ضباط في المخابرات الصهيونية تحذرنا من التعاون مع الكتلة الإسلامية وطباعة أي مواد لها”.

ولم يكن التهديد الذي تعرض له أبو فؤاد مختلفًا عن ما حصل مع أحد الشباب في الثلاثين من عمره، والذي هو تعرض كذلك في أكثر من مرة لتهديدات الاحتلال تارة والأجهزة الأمنية تارة أخرى.

وأكمل بعد أن طلب عدم نشر اسمه: “منذ خمس سنوات تقريبا افتتحت شركة للدعاية والإعلان والطباعة، ولا أبالغ إذا ما قلت إنه في كل شهر أتلقى تهديدات مباشرة وغير مباشرة من ضباط في مخابرات الاحتلال الذين يتصلون على الشركة هاتفيا، ويهددوني بإغلاقها ومصادرة محتوياتها”.

ولم تتوقف التهديدات عند هذا الحد كما يقول الشاب متابعا: “الأجهزة الأمنية اتصلت بي عشرات المرات، وهددتني في حال طبعت أي بوسترات أو يافطات لأسرى محررين أو شهداء أو حتى  للكتلة الإسلامية في بعض الجامعات بإغلاق المطبعة أو حتى اعتقالي”.

ولم تقف التهديدات من أجهزة أمن السلطة عند حد التهديد والوعيد بالاعتقال والإغلاق؛ بل إنها عمدت إلى إجبار العديد من أصحاب المطابع في الضفة الغربية على التوقيع على تعهد بعد طباعة أي بوستر لشهيد محسوب على حركة حماس أو يافطة أو أي مادة للكتلة الإسلامية، ووضع غرامة مالية باهظة على كل من يخالف هذا الأمر، بحسب ما أفاده الكثير من أصحاب المطابع.

تدمير قطاع المطابع

وكشف صاحب إحدى المطابع الذي اضطر مجبرا على التوقيع على هذا التعهد أن أجهزة الأمن شلّت العمل في كثير من المطابع، وكانت سببا في إغلاق بعضها نتيجة ممارساتها وملاحقتها الدائمة لأصحابها، وتدخلها في طبيعة الزبائن الذين يحضرون وطبيعة المواد التي تطبَع، على حد قوله.

وأردف: “الكثير منا تعرض للاستجواب وحتى الاعتقال بعد طباعة بوسترات لشهداء أو مواد للكتلة الإسلامية، وصودرت العديد من الماكينات إجراءاتٍ عقابية لنا، وصولا إلى تعمد الأجهزة الأمنية إجبارنا على توقيع تعهدات بعدم طباعة أي مواد سياسية متعلقة بحركة حماس أو الكتلة  الإسلامية”.

وختم: “بالمختصر فإن ما يجرى بحق مطابع الضفة هو مجزرة صامته إحدى أدواتها هي أجهزة أمن السلطة التي تزيد من تعقيد الأمور، وبدلا من أن تقف في وجه ممارسات الاحتلال ضدنا، تكمل هي الأخرى الدور، وتفرض إجراءات من شأنها أن تدمر قطاع المطابع ومجال عملها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات