الخميس 08/مايو/2025

إعادة الاعتبار لحركة فتح

إعادة الاعتبار لحركة فتح

صحيفة الغد الأردنية

تشاهد صور الرئيس الراحل أبو عمار في غزة إلى جوار صور الشيخ أحمد ياسين. وكأن حماس التي أحكمت سيطرتها على القطاع تريد القول إننا على خط عرفات في التمسك بالثوابت وأن خلافنا هو مع “الخط الدايتوني”. وعلى الأرض لا تعترف حماس بالكيان السياسي لحركة فتح فقط وإنما تعترف بجناحها العسكري كتائب شهداء الأقصى، ولنتذكر أن معظم الصواريخ بعد وقف إطلاق النار كانت من طرف شهداء الأقصى. والتي كان لها مشاركتها في أثناء الحرب على غزة.

لم يبدأ نضال الشعب الفلسطيني لا بحماس ولا بفتح. إلا أن الحريصين على نضال الشعب الفلسطيني عليهم أن يراعوا الثقل التاريخي تماماً مثل مراعاة الثقل الميداني. وحماس بالذات عليها أن تقرأ التاريخ جيداً. فحركة فتح عندما بدأت نظر لها الإخوان المسلمون على أنها انشقاق عليهم ونظر إليها عبد الناصر (كما ينقل هيكل) على أنها امتداد للإخوان المسلمين. فجل قياداتها التاريخية كانت من الإخوان أو قريبة منهم (أبو جهاد، أبو إياد، أبو يوسف النجار..).

ومن يتهمون المقاومة اليوم بأنها “عبثية” فهذا أول ما ينطبق على حركة فتح. لم يكن في يوم من الأيام “توازن استراتيجي” عندما كانت فتح تمارس الكفاح المسلح. ولم تكن يوماً المقاومة بلا كلفة غالية تفوق كثيراً ما حصل في غزة سواء في الأردن أو في لبنان. لنتذكر أن بيروت أجمل العواصم العربية دمرت بسبب المقاومة، وأن قرى الجنوب كانت تدفع ثمن وجودها في نطاق “فتح لاند”. وكانت النتيجة أن ألقي بالثوار في البحر وشتتوا في بلاد العرب القصية.

قدمت فتح دماء قادتها وزهرة شبابها، ولم تكن تستورد مرتزقة للقتال نيابة عنها. لا يجوز أن ننسى أن أبو عمار قضى مسموماً، وقبله قضى على درب الشهادة أبو جهاد وأبو إياد وأبو يوسف النجار وسعد صايل.. وأغلب أعضاء اللجنة المركزية الأولى، ناهيك عن شهداء الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى وصولاً إلى حرب غزة. وهو ما دفع القيادي قدورة فارس إلى التحذير من إضرار ما يحدث في غضون الحرب على غزة “بسمعة حركة فتح، وربما يظلمها أيضاً، فالحركة التي تشتبك مع الاحتلال هي من تفرض لغتها في الشارع، وهي من تكتب الأحرف الأولى في وعي الأطفال، ومن لا تفعل ذلك تنسى، ويمحى تاريخها على أهميته وفعاليته”.

لا يمحى التاريخ، إلا أن الواقع يظل أكثر فاعلية. فلا يجوز أن نظل منذ ثلاثة عقود نسمع عن انعقاد المؤتمر العام للحركة. وبدلاً منه تنعقد “اللجنة التحضيرية” التي لا ينتهي تحضيرها للاجتماع. على الأرض توجد قيادات لا علاقة لها بالخط التفاوضي، ولا يوجد نقد أقسى مما يقوله القيادي في الحركة في الضفة حسام خضر “هناك مجموعة من أصحاب المصالح الاقتصادية الذين استثمروا تاريخ الحركة المشرف للاستيلاء على مقدرات الشعب ومقدرات فتح”.

وما يقوله الرجل الثاني في الحركة، فاروق القدومي، لا يختلف عما يقوله قادة حماس، إلا أن ذلك لا يقلل من حضور التيار المعادي للمقاومة والذي يعتبر أن المقاومة سواء كانت من حماس أو من فتح أو من أي جهة مضرة بالشعب الفلسطيني، وهو التيار الأعلى صوتاً والممسك بمفاصل الأجهزة الأمنية وبالأموال. وجزء من هذا التيار الحاضر في السلطة والمنظمة ليس من فتح أصلاً، مثل ياسر عبدربه وسلام فياض وخالد سلام وغيرهم.   

قبل الحديث عن إعادة الاعتبار للمنظمة وتفعيلها لا بد من ذلك في حركة فتح التي تشكل عماد المنظمة. فإن كان مؤتمرها العام لا ينعقد ولا يخرج من الثلاجة فهذه حال المنظمة. والحريص على المنظمة وعلى فتح عليه أن يسمح بضخ الدماء فيها لا جعلها حكراً بيد شخص واحد هو أبو مازن. ولينتبهوا – مع أن الأعمار بيد الله– أن الصلاحيات المطلقة وتجميد المؤسسات لصالح أبو مازن ستكون لصالح فاروق القدومي إن حصل مكروه لمحمود عباس أو قرر التنحي. وإن كان ذلك مستبعداً إلا أنه ليس مستحيلاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات