كنوز العرب الثقافية المستهدفة من إسرائيل

صحيفة الوطن القطرية
كانت ل”إسرائيل” خطط قديمة ومستمرة لتفتيت الدول العربية من الداخل، وكان التراث الثقافي للعرب، يتصدر الأهداف المطلوب تدميرها، أو طمس معالمها -لأنه في نظر السياسة الإسرائيلية- ذاكرة الشعوب، ومصدر تجدد طاقاتها، وبعث ثقافتها المعاصرة، وتجدد شعورها بالكرامة الوطنية، الكاتب الإسرائيلي – “إسرائيل شاحاك” كتب عام 1982 عن خطط “إسرائيل” لتفتيت العالم العربي، وأن هذا وارد في التفكير الإسرائيلي مراراً وتكراراً. والمحرر العسكري لصحيفة «هآرتس» زئيف تشيف والمعروف بدقة اطلاعه، كتب في صحيفته عام 1982، أن تفكيك العراق إلى دولتين شيعية وسنية، وانفصال الجزء الكردي، هو جزء من خطط قديمة. مع ملاحظة أن غزو أميركا للعراق تم عام 2003، وقبل ذلك قدمه المحافظون الجدد عام 1992، كمشروع إلى الرئيس جورج بوش الأب، لكنه رفضه.
وكان المثير للاهتمام حتى في أميركا وأوروبا، أن الحملة العسكرية، شملت تحركاً نحو المواقع والكنوز الأثرية، وسجلات التاريخ العراقي، بالتدمير، والنهب المنظم، ورأى الكثيرون من المهتمين بالآثار والحضارات، أن ما جرى شمل محاولة لطمس الميراث الثقافي الذي يجتمع حوله العراقيون، معا كشعب، وجعله مثل صفحة بيضاء، تعاد كتابتها، وأن ذلك يعد نوعا من الإبادة الثقافية لحضارة عمرها سبعة آلاف عام.
وقد صدر في لندن كتاب بعنوان «تدمير التراث الثقافي في العراق» للكاتبين الإنجليزيين بيرت ستون، وفراشاك بيالي، يتحدث عن عمليات النهب التي تعرضت لها بغداد عام 2003 عقب دخول قوات الاحتلال، بما في ذلك المتحف الوطني، وكذلك إشعال النار في المكتبات لإحراق الذاكرة الوطنية، فضلاً عن سرقة ملفات سجلات المواطنين.
والكتاب يتحدث عن الكنوز الأثرية التي اختفت وعن محفوظات من أرشيف المكتبة الوطنية، لم يعثر لها على أثر.
وبالرغم من أن المؤلفين يقولان إن جدلاً مازال يدور حول من الذي نظم ودبر عملية سرقة المتحف الوطني، إلا أن معلومات كانت قد نشرت عام 2003 من مصادر أخرى بعد النهب والتدمير الذي تعرض له المتحف الوطني في بغداد، والمواقع الأثرية الأخرى في العراق، تذكر أن الإسرائيليين كانوا أول من خطت أقدامهم هذه المواقع، ونقلوا قطعاً منها إلى “إسرائيل”، وقيل إن من بين ما سرقوه قطعاً أثرية كانت معهم بيانات كاملة بشأنها، تتصل باليهود وتاريخهم في العراق.
ومن المعلومات المؤكدة أن فرقاً من الموساد اندفعت إلى داخل العراق في ركاب قوات الغزو، ومن بعده، إما متسترة وراء لافتة شركات المقاولات الدولية، أو مراكز بحوث سياسية أو اجتماعية، أو في إطار شركات الأمن التي فتح لها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أبواب العراق، لأداء عمليات أمنية معاونة للجهد العسكري لقوات الاحتلال، وهي شركات لا تخضع للقانون العراقي أو لسيادة الدولة العراقية، وتتصرف وفق بنود الاتفاق الموقع بينها وبين البنتاغون.
ويضيف الكاتب الأميركي رونالد بليير في مقال كتبه عام 2007، أن الكارثة التي يعانيها العراق الآن، ليست نتيجة خطأ كبير، لكنه نتيجة قصد وتعمد وعن وعي. وقال إن الولايات المتحدة لم تقم بغزو العراق لإقامة ديمقراطية، وتحرير العراقيين، بل لتقسيم العراق، وحماية التوسع الصهيوني، والسيطرة على ثروات العراق من البترول، ورافق هذه الأهداف تدمير التراث الثقافي للعراق.
وقد أدى ذلك – كما يشير مؤلفا كتاب «تدمير التراث الثقافي في العراق» إلى تدخل من جهات دولية عديدة من بينها المتحف البريطاني، بالقيام بالضغط على البنتاغون لحماية المتحف الوطني في بغداد بطريقة فعالة. وإن كان ذلك قد حدث بعد فترة من المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في عام 2003، والذي سئل فيه عن عمليات النهب التي تعرض لها المتحف الوطني العراقي فكان رده «هذه أشياء تحدث». وهو الرد الذي كان مثار سخرية دوائر كبيرة في العالم. وفي تيار هذه السخرية شهدت لندن مسرحية للكاتب الشهير هارولد بنتر عن أحداث العراق عنوانها «أشياء تحدث»، وحمل غلاف كتاب المسرحية صورة بوش ورامسفيلد.
يذكر كتاب «تدمير التراث الثقافي العراقي» أنه عندما اشتعلت الحرب، لم يكن لدى قوات التحالف أي خطة لحماية الكنوز الثقافية، مما تسبب في سرقة وتدمير الآلاف من المواقع الأثرية.
وهذه نقطة كشفت حقيقتها شخصيات دبلوماسية ومصادر من وزارة الخارجية الأميركية، وكذبت الروايات التي رددت عدم وجود خطة لإدارة العراق لما بعد الحرب، وكشفت هذه الشخصيات من خلال أوراق لوزارة الخارجية، أن الوزير كولن باول سلم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد خططاً كاملة أعدتها وزارته، للإدارة المدنية للدولة بعد الضربة العسكرية، تحاشياً لحدوث فوضى، لكن وزارة الدفاع تجاهلتها ولم تأخذ بها.. عندئذ حدث فراغ داخلي في العراق، كانت الفوضى هي الأسرع لملئه.
والحقيقة إنه لم يكن يخفى على أحد الترابط بين المحافظين الجدد الذين أداروا السياسة الخارجية والعسكرية في عهد بوش -وهم الذين وضعوا استراتيجية السياسة الخارجية الجديدة في سبتمبر 2002، سواء كان الوزير كولن باول أو كوندوليزا رايس- وبين خطط “إسرائيل” في العالم العربي، فبين الاثنين (المحافظين الجدد والليكود) تحالف منظم تم منذ أول التسعينيات عندما كان الاثنان في المعارضة، وكلاهما أخذ من الآخر وأعطاه، فالمحافظون الجدد سلموا نتانياهو بعد فوز الليكود في انتخابات 1996، برامج مكتوبة ليسير على هديها في حكمه وتقضي بالتنكر لمرجعيات مدريد وعلى رأسها مبدأ الأرض مقابل السلام، وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية حقيقية، وقد التزم بها هو ومن خلفه من شارون إلى أولمرت، و”إسرائيل” من ناحيتها قدمت لهم أهدافها القديمة والجديدة ليتبنوها، منها ضرب العراق عسكرياً، وتنظيف المنطقة من حولها من أي أسلحة تريد أن تحتكرها هي، والمساعدة على تفتيت الدول العربية من الداخل.
وإذا كان قد دار جدل واسع حول نهب وتدمير التراث الثقافي للعراق، وآثاره التاريخية، فلم يكن ذلك عملاً عشوائياً، أو من فعل لصوص ونهابين، لكنه جرى عن عمد، وعلى يد من عرفوا ماذا كانوا يفعلون.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...