السبت 02/نوفمبر/2024

هل يمكن ضرب غزة من قبل السيسي؟

إبراهيم المدهون

صاحب فكرة ضرب غزة هو الإعلامي المصري المثير للجدل “توفيق عكاشة”، وهو أول من خرج بهذه الفكرة المجنونة فور عزل الرئيس محمد مرسي، ثم بدأ بتكرارها والإصرار عليها بطريقة كوميدية وتراجيدية في الوقت نفسه، فهو صاحب تناقضات المشهد بطريقته الأقرب للعبث والجنون، اليوم لم يقتصر الأمر عليه بل توسعت دائرة التحريض والدعوات لضرب غزة فانضم لعكاشة أحمد موسى المخبر الإعلامي كما يشاع عنه في الوسط المصري، بالإضافة إلى كتّاب مغمورين، حتى وصل الحال بالفنان الشعبي “شعبان عبد الرحيم” لدس اسم حماس في اغنيته الاخيرة ضد داعش.
 
المطمئن بعض الشيء أنه حتى اللحظة لم يتبنى هذه الفكرة “الهبلة” أحد من الإعلاميين الوازنين والمتزنين أمثال إبراهيم عيسى وخيري رمضان وعمرو أديب ووائل الأبراشي، وربما يعارضونها بسرهم وببعض التلميحات وبأحاديثهم الخاصة، إلا أنهم لا يقومون بدور وطني يوضح الحقائق ويسكت الرعناء، وهذا يضع عشرات علامات الاستفهام حول النوايا الحقيقية للنظام المصري.
 
احتمال توجيه ضربة عسكرية مصرية لبعض الأهداف داخل القطاع يبقى ضعيفا، وذلك لأن حماس مهابة الجانب أولا ومعركتها مع الاحتلال ولها صولات وجولات أثبتت خلالها أنها حركة وطنية لا يمكن القفز عنها وهذا ما أكده رئيس الجامعة العربية في حديثه الاخير، كما أنها لم تُوجِد أي مبرر أمام الرأي العام العربي والإسلامي والمصري، فسلاحها منضبط ولم تتورط بأي عملية معادية للجيش المصري بل على العكس تماما فهي ترسل بوادر حسن النية بشكل دائم، ومع هذا فالتحريض الإعلامي المصري المتواصل والمبتذل يقلق ويضع الاحتمالات جميعها على الطاولة.
 
ورغم تعقيد المعادلة وصعوبة التفكير إلا أن حملة التحريض الإعلامي ضد غزة وحركة حماس طوال الفترة الماضية قد تهدف إلى تهيئة الرأي العام المصري انتظارا للوقت المناسب، ولهذا مطلوب دور واضح من الفصائل الفلسطينية، وحركة فتح بشكل خاص ومن مؤسسات المجتمع المدني حول موقفهم مما يقال في الإعلام المصري ومن تلك الدعوات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أي هجمة عسكرية مصرية ضد غزة سيكون النظام المصري هو الخاسر الوحيد فيها لأنه لن يكون لهذه الضربة غطاء شعبيا عربيا أو مصريا، بالإضافة إلى أن الوضع في غزة ليس سهلا والمقاومة لديها قدرة على خلط الأوراق خصوصا أنها تستطيع توجيه سلاحها نحو الاحتلال الإسرائيلي مما يربك جميع الحسابات، كما أن أي عمل عسكري مصري سيحسب على أنه لصالح إسرائيل واصطفاف معها سياسيا وتاريخيا، وسيؤخذ على أنه عمل خياني يقوم به نظام عربي.
 
قد تكون حملات التحريض التي تشنها وسائل الإعلام المصرية الهدف منها إرسال رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل بأنه تعادي حركات المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة “حماس” وكمبرر لمواصلة حصارها، وذلك لاستجلاب الدعم والتأييد على حساب معاناة شعبنا، إلا ان كمية التحريض والتلويح والبذاءة الخارجة من الوسط الاعلامي في مصر يحتاج لوقفة يحتشد خلفها الجميع لنخرج بمواقف ورؤية واضحة لآلية التعامل، وهنا تبرز الوطنية الفلسطينية الحقيقية من المزيفة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات