هل تموت فتح ليعيش ماجد؟
![هيثم غراب
هيثم غراب](https://palinfo.com/wp-content/uploads/models/media/images/2016/1/25/468548637.jpg)
مراراً وتكراراً حاول الكتاب والمثقفون الفلسطينيون أن يضعوا حداً فاصلاً بين المتنفذين في صناعة القرار الفلسطيني وحركة فتح، وبين القواعد التنظيمية والعناصر الفتحاوية، عندما كان يدور الحديث عن سياسات التعامل وطبيعة العلاقة مع الاحتلال الصهيوني.
وكثيراً ما قيل أن القواعد الشعبية والكوادر المناطقية الفتحاوية ترفض حالة التنسيق الأمني، الذي وصل إلى مراحل خطيرة باتت تهدد أي عمل مقاوم أو حتى مجرد التفكير في عمل ينال من هيبة دولة الاحتلال ويردع جنودها ومستوطنيها.
هؤلاء الجنود والمستوطنون الذين أوغلوا في دماء الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة، ليس ابتداء بحروب غزة الثلاثة، والتهويد، والاستيطان، واقتحام الأقصى ومحاولات تقسيمه، وحرق الطفل أبو خضير وعائلة دوابشة، وليس انتهاء بعمليات الإعدام التي لا تتوقف في كل لحظة ودون أي مبررات وبدم بارد ودون رادع.
لكن التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، والتي كشفت عن الوجه الحقيقي لتعامل أجهزة السلطة ونظرة قادتها للانتفاضة الشعبية التي انطلقت مطلع أكتوبر المنصرم، والتي استشهد خلالها 165 فلسطينياً، لا زالت جثت عدد منهم رهن الاحتجاز الصهيوني، وأصيب واعتقل الآلاف، فيما هدمت عشرات البيوت، كشفت أيضاً عن استسلام فتحاوي كامل لسياسات هذه الفئة المتحكمة الحاكمة.
كنا ننتظر أن يظهر ماجد فرج وكأنه صوت نشاز لا يعبر عن تطلعات الحركة الفلسطينية الكبيرة، لكنها وللأسف أظهرت عكس توقعاتنا وآمالنا.
فقد انقسمت فتح إلى قسمين لا ثالث لهما، الأول وقف مدافعاً عن تصريحات فرج التي تفاخر خلالها بالتنسيق الأمني وإفشال 200 عملية فدائية واعتقال 100 ثائر فلسطيني، فيما لاذ أصحاب القسم الثاني بالصمت المطبق وكأنهم طبقوا فعلاً المقولة الفيسبوكية “اعمل نفسك ميت”.
ومن وجهة نظري فإن كلا الفريقين أظهر الحالة الحقيقية التي وصلت إليها حركة فتح، فقد استسلمت لواقع فرضه عليها من يتفردون بالقرار الوطني الفلسطيني، ويصرون على إبقاء حالة الانقسام، خوفاً من الوحدة الوطنية التي ستؤدي حسبما يعتقدون إلى انهيارهم شعبياً بسبب برنامجهم السياسي الذي أثبت فشله على مدار أكثر من عشرين عاماً.
استسلام جعل ماكينات الإعلام الفتحاوي ومن لف لفها تعمل بكامل طاقتها في محاولة إخفاء الحقيقة في بداية الحملة عبر إخراج مسودات مترجمة للحوار مع المجلة الأمريكية، دون إظهار حديث ماجد فرج عن الانتفاضة وإفشال العمليات وممارسة الاعتقال السياسي للثائرين والشباب المنتفضين، وهو ما فشلوا فيه بعد إبراز النسخة الانجليزية كاملة أمام الناس والمتابعين.
بعدها انتقل هؤلاء لمحاولة تبرير هذه التصريحات وتفسيرها تفسيرات أقل ما يقال عنها أنها صبيانية، ولا تنطلي على طفل من أطفال الشعب الفلسطيني، لأن توجه هذه الأجهزة لم تفضحه فقط تصريحات ماجد فرج الأخيرة، بل سبقتها ممارسات شاهدها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، وما “جماعة البيجامات” الذين تصدوا للشبان ومنعوهم من الوصول لحواجز ومواقع الاحتلال عنا ببعيد.
هذا النهج الفتحاوي في التساوق والترويج والتبرير لتصريحات ماجد فرج التي لقت إجماعاً فلسطينياً (عدا حركة فتح)، بأنها ضربة في ظهر الانتفاضة الشعبية، جعل حركة فتح تظهر وكأنها في سلة واحدة، تروج للتنسيق الأمني وتصفق لرجالاته بعيداً عن إرثها النضالي وتاريخها المقاوم.
وأضحت مقولة أحد قادة حركة فتح التاريخيين التي أبدى فيها تخوفه من تحول الخيانة إلى وجهة نظر واقعاً موجوداً بأبشع صوره، فقد بات من يمارسه وينظّر له ويعمل على تقديسه، مناضلاً تستهدفه سهام الاحتلال ويجب الوقوف معه والدفاع عنه في وجه المشككين والمتساوقين مع الاحتلال.
باختصار فإن قواعد حركة فتح المغلوبة على أمرها أصبحت مطالبة وبشكل جدي وأكثر من أي وقت مضى بإيضاح موقفها من كل ما يجري، وإعلاء صوتها برفض هذه الممارسات التي أساءت للشعب الفلسطيني وجعلته رهينة في يد الاحتلال الصهيوني بسبب الحماية الأمنية التي توفرها أجهزة السلطة له دون مقابل.
ولا يمكن لعاقل أن ينكر تاريخ وبطولة حركة فتح ورجالها وشهدائها وأسراها على مدار سنوات الصراع، لكنها إذا أرادت أن تعود إلى مكانها الصحيح، وموقعها السليم كحركة تحرر وطني تعمل على استعادة الحقوق وتحرير الأرض وتطهير المقدسات وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، فعليها أن ترفض أن يلطخ هؤلاء سمعتها وصورتها بالعار وتبترهم من جسدها المثقل بأمثالهم حتى تتعافى وتعود قوية ثائرة كما عرفها شعبها وأمتها على مدار تاريخها الطويل.
وعليهم أن يجيبوا على التساؤل بصراحة، هل يمكن أن تضحوا بفتح ومبادئها ومنطلقاتها وتاريخها وتضحياتها من أجل أن يعيش زعيم التنسيق ماجد فرج.. وبعبارة أخرى هل تموت حركة فتح لأجل أن يعيش ماجد فرج؟؟!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
![الأونروا: حرمان طلاب الثانوية العامّة بغزة من الامتحانات أمرٌ مروعٌ ومحزنٌ](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GPfD6UTWQAEyBbB-1080x675.jpeg)
الأونروا: حرمان طلاب الثانوية العامّة بغزة من الامتحانات أمرٌ مروعٌ ومحزنٌ
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يوم الأحد، إنّ "حرمان 39 ألف طالب ثانوية عامة في قطاع غزة من...
![إصابات خلال اقتحام قوات الاحتلال أحياءً في نابلس](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/05/158619391041282700.jpg)
إصابات خلال اقتحام قوات الاحتلال أحياءً في نابلس
نابلس- المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي وشاب برضوض وجروح، ظهر اليوم الأحد، خلال اقتحامها مدينة نابلس شمال الضفة...
![الإعلام الحكومي: 17 ألف طفل في غزة جعلهم الاحتلال أيتامًا](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQq1lSzWwAA38q1-666x675.jpeg)
الإعلام الحكومي: 17 ألف طفل في غزة جعلهم الاحتلال أيتامًا
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الأحد، إن أكثر من 17 ألف طفل يَتّمهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بدء...
![30 شيكل كل ثروته.. زاهر الحداد واصل سقاية أهل غزة بكل حُبٍ وفدائيةٍ بلا راتبٍ ولا إجازةٍ](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQvvOJYWcAAEW9O-1080x675.jpeg)
30 شيكل كل ثروته.. زاهر الحداد واصل سقاية أهل غزة بكل حُبٍ وفدائيةٍ بلا راتبٍ ولا إجازةٍ
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام لم يكن حبّ الشهيد زاهر الحداد وفدائيته وإخلاصه في عمله بلجنة الطوارئ في بلدية غزة مستغربًا، وهو الذي لم يتوان يومًا...
![مجلة أمريكية: إسرائيل هُزمت في غزة وحماس أصبحت أقوى](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/uVdIamqx-1080x630.jpeg)
مجلة أمريكية: إسرائيل هُزمت في غزة وحماس أصبحت أقوى
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قالت مجلة foreign affairs الأمريكية، إنّه بعد "تسعة أشهر من العمليات القتالية الإسرائيلية في قطاع غزّة، لم تُهزم...
![قيادي في حماس: المقاومة في غزة بخير وندير عملية التفاوض بحكمة واقتدار](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2023/11/4572194.jpg)
قيادي في حماس: المقاومة في غزة بخير وندير عملية التفاوض بحكمة واقتدار
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الحركة تدير عملية التفاوض "بحكمة وتوافق وإدراك للعقبات والتحديات...
![من لم يمت بالقذائف مات بالأوبئة.. اليونيسف تحذر من تصاعد الوفيات بين أطفال غزة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQo2lx9WUAAb6z6-1024x675.jpeg)
من لم يمت بالقذائف مات بالأوبئة.. اليونيسف تحذر من تصاعد الوفيات بين أطفال غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام "من لم يمت بالقذائف مات بالأوبئة"، بهذه العبارات وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" الوضع في قطاع غزة، إذ...