المطلوب سخاء سياسي.. أيضاً

صحيفة الوطن العمانية
الكلمات التي ألقاها المشاركون في مؤتمر إعادة إعمار غزة أمس الأول حملت كثيراً من الرؤى والانطباعات والمطالب ووجهات النظر، وإن كان هذا الأمر طبيعيّاً لكون أن السياسات والتوجهات تلعب في ذلك دوراً كبيراً، إلا أن بعضها استلفت الانتباه وكان بحاجة إلى التوقف عنده للغوص بعيداً إلى الأعماق للكشف عن حقيقة الصورة من كافة زواياها والتي حاول بعض الساسة رسمها حول الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والطريقة المثلى ـ في نظره ـ التي تفضي إلى حل.
ولعل الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جدير التوقف عندها، حيث لخصت بين سطورها المطالب الإسرائيلية وهي أولاً: إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط عندما قال: “شاليط بالنسبة لفرنسا مواطن (فرنسي)، ولن نقبل أن تعرض حياته للخطر، وإطلاق سراحه أولوية بالنسبة لنا”. وثانياً: الاعتراف ب”إسرائيل” والدخول في مفاوضات سياسية معها، وأن لا خيار أمام إنشاء الدولة الفلسطينية سوى ذلك، وهذا ما بدا من خلال توجيه ساركوزي دعوته لكل القادة الفلسطينيين: “إذا كنتم تريدون أن تكونوا محاورين شرعيين يتعين عليكم أن تقبلوا بأن لا طريق إلى إنشاء دولة فلسطينية إلا أن تمضوا بعزم في البحث عن تسوية سياسية، وبالتالي في حوار مع “إسرائيل”، وإذا كانت حماس تريد أن تحظى بالاحترام يتعين عليها أن تتبنى موقفًا قابلاً للاحترام، وهذا الموقف هو أن تعتبر أنه لا يوجد حل إلا حل سياسي مع إسرائيل”.
إن المطالب التي جاءت في معرض كلمة ساركوزي توحي للمتلقي بأنها عبارة عن مطالب إسرائيلية ألقيت بلسان فرنسي، إلى كافة الفلسطينيين والعرب بأن طريق التسوية يبدأ من بوابة القبول ب”إسرائيل” والاعتراف بها والتطبيع معها، وإلا فإن عملية الرجوع إلى الخلف الحالية ستستمر وستبقى. وفي الحقيقة هذه المطالب قد بانت بشكل جلي في موقف رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو عبر إصراره على عدم التعامل مع حكومة فلسطينية تكون حماس طرفاً فيها، وهو بذلك يسعى ـ كما يبدو ـ إلى تحقيق نتيجتين الأولى: إبقاء الانقسام الفلسطيني لاعتقاده أن حماس لن تعترف ب”إسرائيل”، وبالتالي يظل الاعتراف عقبة أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، أو دفع حماس إلى الاعتراف في نهاية المطاف بضغط عربي ودولي. والثانية: إزاحة حماس من أي حكومة قادمة وتهميشها سياسيّاً.
لكن حتى لو قبلت حماس الاعتراف ب”إسرائيل” أو خرجت من تشكيل الحكومة، فليس ثمة ما يشجع لدى الجانب الإسرائيلي، فنتنياهو يرفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويطرح بديلاً عنها خيار الحكم الذاتي للفلسطينيين، فهناك فرق بين الدولة المستقلة والحكم الذاتي، والأمر الذي يريد نتنياهو التأكيد عليه أن خيار الدولتين المطروح أميركيّاً والمؤيد عربيّاً ودوليّاً لا يقبله العقل الإسرائيلي ولا تستسيغه النفس الإسرائيلية، بدليل النتائج التي أرادها الناخب الإسرائيلي في الانتخابات الأخيرة، فحسب طرح نتنياهو يريد أن تظل الأراضي الفلسطينية جزءاً من “إسرائيل”، وعلى سكانها الفلسطينيين أن يديروا مصالحهم بأنفسهم فقط، أضف إلى ذلك وجود آلاف الخطط الإسرائيلية للاستيطان وإقامة الوحدات السكنية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وتغيير الوضع الحالي القائم قد يعرقل هذه الخطط. ولذلك فإن المقابل والمحصلة النهائية للمطالب الإسرائيلية هو مشروع تآمري ساعٍ لقتل القضية الفلسطينية، يتجاوز حدود الاعتراف والتطبيع، ما يحتم على الفلسطينيين إنهاء خلافاتهم وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ويبقى التمني الوحيد من مؤتمر إعادة إعمار غزة؛ أنه مثلما كان كريماً وسخيّاً في العطاء المادي يكون كذلك في السياسة. ولو فشل في كل ذلك (أي ماليّاً وسياسيّاً) فسوف يكون نسخة مكررة لمؤتمر أنابوليس الذي عقد في نوفمبر 2007.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...