حكومة الوحدة الوطنية.. والمسؤولية الإعلامية..!

برزت الحاجة إلى الإعلام الفلسطيني كحالة ضرورية لتجربة هذا الشعب المحتل الفريدة كأحد أدوات المقاومة الفاعلة في وجه آلة الإعلام والتزييف الصهيونية.
ثم برزت الحاجة إلى الإعلام الفلسطيني لتجربة الحكم وجاءت متابعة الحاجة لإبراز دور الإعلام في إطار الحاجات للترويج لسياسات السلطة وتجاوز الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها من الخصوم.
ولا يشك أحد في أن وسائط الإعلام المختلفة تلعب أدوارا ضرورية في التصدي للأزمات وتداعياتها، خصوصا مع حالتنا الفلسطينية، مع العمل على اقتراح وسائل للحل بأسس موضوعية وعلمية خارج دائرة التعصب والفئوية السائدة اليوم في كل أرجاء الوطن، ذلك أن ما على الإعلام القيام به تماماً في مؤسساته المختلفة ومهاراته المتنوعة ومبادراته التي لا تخضع إلا للضمير الإعلامي اليقظ من خلال الممارسة والتجريب المتواصل لبلوغ حالة الرضا بالتقويم والمتابعة .
ولكي يؤتي العمل الإعلامي أكله لا مناص من أن يتسم بالتوازن والعدالة والدقة وبها جميعا يمكن لأجهزة الإعلام أن تطور نفسها، وترقية وسائط الإعلام في السلطة قد تتم على نحو أفضل بالشراكة مع مؤسسات الإعلام المحيط كالإعلام العربي والإسلامي الذي يملك الإمكانات للإعلام الفضائي الذي نفتقر إليه بوضعنا الحالي.
هذا الضعف الإعلامي الفلسطيني الذي من أسبابه الانتقائية والتعتيم والتحيز في تقويم الأداء ، خاصة في مجال الأخبار والمعلومات في ظل ما نحياه من أزمات متلاحقة.
لذلك تبرز بوضوح الحاجة الماسة في ظل حكومة الوحدة الوطنية العتيدة لتصويب تجربة الممارسة الإعلامية خاصة في زمن تتجه فيه نوايا السلطة التي تقود الحكم في فلسطين إلى استدامة السلام الداخلي والحكم الرشيد، بالديمقراطية والاستثمار التنموي السليم، هكذا فإن السلطة تقف على مفترق طرق، إما أن تختار السير على خطى الأمس الموروث بفساده وفئويته، أو أن تختار المضي قدما في البحث عن طريق للغد الجديد الواعد .
تلك الحيرة في الاختيار قد لا تطول، فخطى اليوم متسارعة إلى واقع مختلف، بيد أن الموروث في الأداء الإعلامي في ميادينه الأربعة الأخبار، التثقيف، التعليم والترفيه، يبدو متخلفا عن إيقاع الزمن القادم سواء على صعيد العاملين والإداريين للأداء الإعلامي.
لم تبدأ تجربة الأداء الإعلامي في السلطة من واقع تأسيس السلطة على قواعد الإدارة والقانون. وبذلك ارتبط الأداء الإعلامي بالخضوع للأجهزة الرقابية إدارية كانت أو قانونية أو أمنية.
وبالعمل على ترفيع رموز السلطة إلى درجة التقديس في بعض الأحوال ، وكل أجهزة الإعلام في السلطة لا تخرج من ذلك السياق، أما ما يخرج عن هذا النمط في الأداء الصحفي، فكان يتعرض للضغوط الإدارية والأمنية المتنوعة، على نسق متواتر ومستمر .
وفي مثل تلك الظروف أضحى الإعلام مهجوساً بالخوف والتأنيب والنقد الذاتي، مما يفقد المتلقين لأعماله ميزة الاختيار على أسس نزيهة. وهو حق مكفول للمتلقي أن يختار ما يراه من آراء وأفكار كحقوق إنسان غير قابلة للنقض.
لقد أضحى الإعلام في هذا السياق أداة في يد من يحكم، مع تقليل الفرص أمام المعالجات المهنية للموضوعات ذات الصلة بحياة الأمة والمجتمع.
إلا انه في وضعنا الفلسطيني الغريب فقد الحزب الحاكم مواقع الحكم فيما بقيت وسائل الإعلام تتبع له ولا تتبع لنظام الحكم الجديد مما خلق قادة على جيش يوالي غيرهم.
وفي سياق هذا التطور برز سؤال من أيهما ينبع التعبير الإعلامي السليم من ضمير الأمة والشعب أم من ثوابت السلطة الحاكمة التي تتبع هذا الحزب او ذلك.؟
ومع تواضع التجارب الإعلامية الفلسطينية إلا أن السؤال ما يزال في حاجة إلى المزيد من الحيثيات للإجابة عليه. والصعود بتلك الإجابة إلى واقع جديد من الممارسة .
أولا: أن السلطة في ظل أول حكومة وحدة وطنية في التاريخ الفلسطيني مقبلة على واقع جديد ما يزال الجدل ثائراً حول مستقبله. والاضطرابات تتفجر حوله كما لو أنها حبات عقد ينفرط على نحو منظم، فقد أصبحت الحاجة ملحة لوحدة الفصائل في بوتقة الحكومة، أما ديمقراطيتها فبحاجة إلى تغيير نمط التعبير الإعلامي من أساسه. ولكن كيف يبدأ التغيير وعلى أي خط يسير؟
لقد حان الوقت للعمل من اجل ترسيخ قيم جديدة وبعقلية متطورة تحكم واقع التعبير الإعلامي في سلطة يغلب علياه التعدد الفصائلي والاختلاف في وجهة النظر إلى الأمور مما يستدعي المزيد من الجهد ليس فقط بتدريب الإعلاميين والصحافيين، بل بتطوير انتمائهم إلى مهنة مبادرة وخلاقة وقادرة على إدارة الحوار بين فئات المجتمع باتجاه الوحدة وتصحيح المسار ونقل المجتمع من متسول للمساعدات الأجنبية إلى مجتمع منتج يتجه نحو الاكتفاء، من مجتمع يستجدي النصرة من هنا وهناك إلى مجتمع مقاوم في كل ميادينه الثقافية والتعليمية والعملية والتربوية..الخ.
بتلك الصفة لن يكون الإعلام مهنة محلية تسيطر عليها الإدارات الحكومية أو الأحزاب وتوجهها، إنما تتحقق كمهنة واسعة التأثير تقتضي تطويرها شراكة حقيقية في إطار محلي إقليمي ودولي يزيد من قدرات العاملين ويساهم في الانتقال بالمهنة من حالة الإكراه إلى التجسير للسلام والتراضي .
وفي ظل حركة المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة بشقيها السياسي والمعرفي -التكنولوجي أصبح من الواجب أن يكون لكل دولة أدواتها النوعية في إعادة بناء وإنتاج كل من الفرد والمجتمع ومجموعة العلاقات السياسية والاقتصادية والمعرفية الداخلية والخارجية على نحو ايجابي بما يؤمن الحصانة الوطنية للأفراد ويدفعهم نحو المشاركة الفاعلة والمساهمة في البحث عن الفرص المثلى لخلق البيئة والأطر المتجانسة من حيث الآمال والطموحات وهو الأمر الذي يستوجب عملا شموليا جماعيا لكافة مؤسسات السلطة ومكوناتها.
ولكون الإعلام بشقيه الرسمي والخاص هو الناطق باسم هذه الوحدات فقد كان من الأجدى أن يكون إعلامنا الفلسطيني بمستوى المهمات الملقاة على عاتقه في ضوء الحقائق الأساسية والموضوعية الهامة التي تؤكد بان أي إعلام يفتقد إلى الإدارة والتخطيط والتنفيذ هو بالطبع إعلام يفتقد إلى الرؤية إذ أن الإعلام المؤثر والفاعل يحتاج إلى مرجعيات قادرة على اتخاذ القرار وذلك يقتضي بالضرورة أن يكون إعلاما مؤسسيا يتمتع بالاستقلالية والمهنية في ظل واقع متداخل من حيث قوى الفعل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي بصوره المختلفة التي تنعكس بالمحصلة على مؤسسات الإعلام ودوائره ووحداته كافة.
وليس كما هو اليوم حيث أضحى احد أدوات التنافس في إطار التجاذبات السياسية ومسرحا لتنازع الصلاحيات عليه.
غير أن ضعف إدارة المؤسسات الإعلامية وضعف خطابها السياسي والثقافي وإخفاقها في تقليص الفجوة المتزايدة بين المواطن والإعلام ومؤسساته ضاعف من عوامل التأثير الموجه ولعل السبب في ذلك يعود إلى غياب المقومات الإعلامية الأساسية لدى هذه المؤسسات وبخاصة فيما يتعلق :
بالمهنية حيث أن اغلب العاملين في الإعلام الرسمي لا يحملون المؤهلات العلمية المطلوبة في المجال الإعلامي، والحيادية التي يفتقر إليها اغلب العاملين في مجال الإعلام الحكومي لأنهم من لون سياسي معين.
والمصداقية والجدية في معالجة القضايا التي تمس مصلحة الوطن والمواطن ويتم تناولها للأسف بناء على وجهة نظر جانب واحد في الساحة الفلسطينية.
والعمل على استنهاض طاقاته وإمكاناته وقدراته وتوظيفها بشكل موضوعي ينعكس ايجابيا على المجتمع والأفراد في إطار علاقة مؤسسية تفاعلية جامعة وهذا ما تفتقر إليه الساحة الإعلامية الفلسطينية التي تنغصها التجاذبات السياسية التي تطغى على كل ما هو موضوعي.
فقد أصبح الإعلام يفتقد إلى القدرة ويعاني ضعف المنافسة والفاعلية والتأثير كما أصبح يشهد حالة ضمور في مواكبة الحدث وفي مواجهة قدرات الإعلام الخارجي المنافس وفي مواجهة آلة الإعلام الصهيونية التي تنجح باستمرار في قلب الحقائق ولعب دور الضحية!!.
إضافة إلى حالة من السطحية الشديدة كون هدف القائمين على الإعلام الفلسطيني هو الحفاظ على الصورة الشكلية والنمطية من دون إيلاء الجانب الإبداعي الاهتمام اللازم ومن دون أدنى عناية بالمضامين النوعية التي تشكل مضمون الرسالة الإعلامية للإعلام الفلسطيني على اعتبار أن هذه المؤسسات تعد مؤسسات وطنية أولا وأخيرا وليست تابعة لهذا الفصيل أو ذاك.
ويذكر بهذا الصدد أن الإعلام اليوم هو مادة محورية (سياسية واقتصادي
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...