الثلاثاء 13/مايو/2025

شريط جلعاد جزء من حرب نفسية..نجحت فيها حماس

شريط جلعاد جزء من حرب نفسية..نجحت فيها حماس

مثير للقشعريرة.. لا توجد كلمة تحدد على نحو أفضل الإحساس الذي يثور لسماع صوت جلعاد شليط في مكان ما في أسر حركة حماس..يكسر القلب، هكذا فقط يمكن أن نصف إحساس الأم الصادر، التي تسمع ابنها يدعوها بعد سنة كاملة من عدم اليقين.

أمي، أبي، يقول لهما، وضعي الصحي يتدهور، لا تذهبوا الى مناطق بعيدة.. قفوا لحظة وفكروا في ابنكم الخاص الذي يشكو أنه لا يشعر شعورا حسنا، كم يُسبب لكم ذلك من عدم السكون والقلق، ما الذي تستعدون لفعله لتحسين وضعه، ولتسليته ولتقوية قلبه، وأي يأس، وألم وعجز تشعر به “أفيفا ونوعام شليط”، اللذان يعجزان عن مساعدة ابنهما عندما ننظر إلى والده يبدو أنه كان في حياتنا دائما.

يقف بقوة أمام السماعات، وجهه مُحمر خجلا، وحرجا لمن يضطر مُرغما للخروج من كونه مجهولا لكي ينقذ ابنه، توجد رغبة كبيرة في الانحناء لهذا الرجل الذي ينجح إزاء الظروف في الحفاظ على ضبط النفس، وعلى برود الأعصاب، وعلى المنطق وعلى العقل السديد، تنقلب أمعاؤنا من التفكير فيما يجري عليه في الليالي، أي المشاهد يراها في خياله، أي الكوابيس تطارده في نومه.

اذا كان الشريط المسجل جزءا من حرب نفسية، فقد نجح، النص الذي أعده آسرو جلعاد يضرب على جميع الأوتار الصحيحة، هذه سيمفونية كاملة من الحزن، والوحدة، والخوف، والغضب والشوق والعجز، هذا كل ما يجب أن تشعر به دولة سقط ابنها الجندي في أسر العدو ولا تنجح في إعادته للبيت، صوت جلعاد، محسوس جدا، وحي جدا، وهو لنا جدا، ابن الجيران.

لم يكن يجب على حماس أن توجِد هذا النص، فالدعاوى موجودة كلها في أقوال والد الجندي في توجهه إلى الحكومة، عن التزام الدولة للجندي الذي أُرسل في مهمة، وعن الأمهات والآباء الذين يوجدون عن جانبي المتراس ويأملون إطلاق أعزائهم، وعن الحاجة للتحادث، وعن الوقت الذي أخذ ينفد غمر صوت جلعاد شليط مرة أخرى تعجل الصفقة مع حماس.

الرغبة في التأكد من أنهم يفعلون كل شيء حقا من اجل الإفضاء إلى إطلاقه، أهذا كل شيء؟ ماذا يعني كل شيء؟ يبدو أن قيمة إعادة الأسير وصنع كل شيء من أجل ذلك، أصبحت مفهوما بلا مضمون، تلك القيمة التي كانت مرة جزءا لا ينفصل عن منعة المجتمع الإسرائيلي، والمقاتلين، والصلة بين المقاتلين ومن يُرسلونهم.

وهل أن تحرير عشرة سجناء على أيديهم الدم ثمن معقول لتحرير جندي إسرائيلي، أما تحرير عشرين كهؤلاء فلا؟ يوجد غير قليل من الدعاوى التي تُبين لماذا لا يجب الاستجابة لطلبات حماس، يقولون لنا انه لا يوجد من يُتحدث إليه، وانه لا يوجد من تُصنع هذه الصفقة معه، تبين أنه يوجد، مثلا جهات مصرية كانت في غزة من اجل ذلك إلى ما قبل أسبوع، وعلى نحو عام اذا لم يكن يوجد مُحادث، ولا عنوان، فممن تلقينا قائمة الأسماء والطلبات؟

يزعمون أننا إذا أطلقنا أسرى فإنهم سيعودون لتنفيذ العمليات المسلحة، وإذا لم نُطلق ألن توجد بعد عمليات، وأعمال قتل واختطاف؟ ألن ينشأ فدائيون آخرون؟

المأساة هي أننا كلما انتظرنا، فسيزداد الثمن، وفي آخر الأمر سندفع الثمن كاملا، وكان الثمن في الشرق الأوسط من ناحية عددية لغير مصلحتنا دائما، أنظروا ما الذي كان شارون مستعدا لبذله من اجل أن يُعيد إلى البيت من تاجر بالمخدرات “تننباوم” وورط الدولة، ما هو الثمن إذا لجندي صهيوني، محارب شاب، أرسله الجيش والدولة في مهمته؟

فور بث الشريط، نشأت فرصة أخرى، قد تكون أخيرة، ومن ذا يعلم، لإنهاء القضية، وإعادة جلعاد إلى البيت، إن إمكانية أن يحدث شيء له، أو أن ينقلوه لمكان آخر تُفقد آثاره فيه، أو أن يفقد شخص ما السيطرة ويقضي عليه، يجب أن تقض مضاجعنا جميعا.

الفرصة التي أُضيعت في حالة الطيار المفقود “رون أراد” يجب ألا تتكرر، فالضرر الذي أحدثته بوعينا العام كشعب صادِم دعانا جلعاد شليط إلى إنقاذه، إنه حي، ويوجد عنوان يُتحدث إليه، ويوجد ما يُتفاوض فيه، إذا حصل له شيء فلن نستطيع أن نغفر لأنفسنا، أعيدوا جلعاد إلى البيت لا باسم الشعور فقط، أعيدوه باسم المنطق، أعيدوه إلى البيت… الآن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات