قراءة في استشراف الوضع الصهيوني

التقرير الاستراتيجي للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية – مدار (رام الله) لعام 2014، والذي صدر هذه الأيام وتضمن استشرافاً لإحالات الوضع الإسرائيلي الآن على مختلف الصُعد، استبعد أن تسفر جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن إحراز تقدم في عملية التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.
ويأتي التقرير انطلاقا من قراءة استراتيجيا إسرائيل التفاوضية القائمة على مبدأ التفاوض من أجل التفاوض، وإفشال أي جهد لتحقيق نتائج فعلية، مع تحيّن أي فرصة لتفجير المفاوضات بطريقة تحمّل الفلسطينيين مسؤولية الفشل، وتظهرهم بمظهر الرافض للسلام.
وتناول التقرير انعكاس انشغال الدول العربية الرئيسة بملفاتها الداخلية على السلوك الإسرائيلي الميداني والتفاوضي، حيث تحاول إسرائيل توظيف ذلك للاستفراد بالفلسطينيين عبر مواصلة فرض الأمر الواقع من جهة، ومحاولة انتزاع حلّ يطابق المعايير الإسرائيلية من جهة أخرى.
ورجّح التقرير أن يحاول الجانب الإسرائيلي تفجير المفاوضات على موضوعة “الاعتراف بيهودية الدولة”، وأن يتجنب تفجيرها على موضوعات خلافية كالاستيطان، وذلك بغرض الاستفادة من الإجماع الداخلي الإسرائيلي على موضوع يهودية الدولة، وزيادة قدرة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على المناورة، عبر تقديم الفلسطينيين، داخلياً ودولياً، كرافضين لوجود إسرائيل، لا لشروط الحل ومواصفاته.
واعتبر التقرير أن فرص نجاح الحل على طريقة كيري متدنية، رغم اقتراب طروحات واشنطن إلى حدّ كبير من وجهة النظر الإسرائيلية في معظم القضايا الخلافية، وذلك من جرّاء التركيبة الائتلافية للحكومة الإسرائيلية المستندة إلى الأيديولوجيا، والجو اليميني السائد في إسرائيل عموماً.
وإلى جانب التكتيكات التفاوضية، قدّم التقرير ما يواكبها من فرض وقائع إسرائيلية على الأرض على نحو يكشف انحصار نظرة إسرائيل الى المفاوضات فقط في إطار ما يقلل الخسائر السياسية على مستوى العلاقة مع أميركا وأوروبا.
وتوقع التقرير تواصل التصعيد في العلاقات الإسرائيلية -الأوروبية نظراً الى اصرار إسرائيل على تجسيد وقائع تجعل حل الدولتين المقبول أوروبياً شبه مستحيل.
كما أشير في التقرير إلى ممارسات حكومية متعدّدة تحافظ على الطابع اليهودي لإسرائيل حتى لو جاءت متضادة مع طابعها الديموقراطي، عبر الدفع قدماً بمزيد من مشاريع القوانين والمبادرات الرامية إلى ترسيخ الصهيونية داخل إسرائيل وخارجها.
إن أهمية هذا التقرير الذي أشارك في إعداده منذ أعوام عدة كامنة في أنه الوحيد فلسطينياً وعربياً الذي يقدّم زاداً معرفياً عن إسرائيل من منظار عرض الحقائق وتشريحها ومحاولة تلمس وجهتها، من خلال قراءة ما يجري داخلها من تفاعلات متعددة. ومجرّد ذلك يبرّر تخصيص هذه الوقفة السريعة له.
يديعوت أحرونوت