الإثنين 05/مايو/2025

المؤشرات تقول: إسرائيل إلى اليمين در

المؤشرات تقول: إسرائيل إلى اليمين در

صحيفة الوطن السعودية

بفعل المخاض الذي تشهده “إسرائيل” في الآونة الأخيرة، كثرت المؤشرات الكاشفة للاتجاهات الحقيقية للشارع الإسرائيلي التي بدت قبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في حالة ضبابية، ومن بين هذه المؤشرات، مؤشران أظهرا بوضوح جنوح الشارع الإسرائيلي والساحة السياسية الإسرائيلية باتجاه اليمين، رغم أن تأسيس حزب “كاديما” أوحى بأن الساحة السياسية الإسرائيلية تسير باتجاه الوسط .

المؤشر الأول: جاء به استطلاع جديد للرأي بين الإسرائيليين، حول منح العفو لقاتل إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق، حيث أيد واحد من كل ثلاثة إسرائيليين منحه العفو، وهي نسبة عالية مقارنة بواحد من كل خمسة إسرائيليين قبل عام، والتي اعتبرت في حينها مؤشراً على التوجهات المتطرفة في “إسرائيل” .

المؤشر الثاني: انضمام حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة العنصري أفيغدور ليبرمان إلى حكومة إيهود أولمرت وبموافقة حزب “العمل”، وهو الحزب الذي يدعو إلى طرد عرب “إسرائيل” من الدولة العبرية، وتعزيز الاستيطان، وهو الذي هدد بقصف السدود المصرية وإغراق مصر .

هذان المؤشران الفاقعان هما جزء من طيف واسع من المؤشرات الإسرائيلية التي تقول إن الشارع الإسرائيلي ذاهب باتجاه المزيد من اليمين، والأصوات الإسرائيلية في الحكومة التي تدق طبول الحرب على غزة أو على لبنان أو حتى على سوريا، ما تزال تتصاعد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي على رأس الذين يقرعون هذه الطبول، خاصة بعد الأداء المخزي للجيش الإسرائيلي في الحرب على لبنان.

ومن الطبيعي في هذه الأجواء أن يزداد الشارع الإسرائيلي ميلاً مرة أخرى باتجاه أحزاب اليمين التي تكسب المزيد من الأصوات في الشارع الإسرائيلي، بعد الفشل الذي شهده الأداء الحكومي والعسكري الإسرائيلي في الحرب الأخيرة، وفي هذه الأوضاع يصبح اليمين العنصري هو المنقذ لحكومة أولمرت بعد فقدان الثقة مع حزب “العمل”.

وبات من الواضح أن نجم المرحلة السياسية القادمة سيكون بنيامين نتانياهو الذي يقف على رأس “الليكود”، الذي ازدادت أسهمه في الشارع الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، مقابل الانخفاض المريع لحزبي “كاديما” و”العمل”. وكلما غرقت الحكومة الإسرائيلية بأسئلة الحرب وتحقيقاتها وتكشف المزيد من الفشل، مال الشارع الإسرائيلي باتجاه اليمين.

لقد فككت الحرب الأخيرة التحالف الحاكم في “إسرائيل”. واحتدمت الخلافات بين الحزبين الشريكين في الحكومة، كما احتدمت الخلافات داخلهما، سواء على مستوى الصراع التنافسي على قيادة هذه الأحزاب، أو على مستوى التعاطي مع القضايا المطروحة على “إسرائيل”. والحزب الأكثر معاناة والأكثر انقساماً وخلافاً، والأكثر عرضة للتفكك هو حزب “كاديما”، الذي تشكل حديثاً ولم يزد عمره على العام. والذي يقوم في الأصل على فكرة محورية واحدة وهي فكرة الانسحاب من طرف واحد من الضفة بعد أن انسحبت “إسرائيل” من قطاع غزة، والتي ما لبثت أن سقطت من أجندة الحزب الحاكم. فأولمرت خاض على رأس حزب “كاديما” الانتخابات الإسرائيلية على قاعدة نقطة برنامجية واحدة، وهي الانسحاب من طرف واحد من الضفة الغربية بتقديم “خطة الانطواء”، وقد حصد الحزب في الانتخابات الكتلة الأكبر في الكنيست الإسرائيلي، وهو ما أعطاه الحق في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي شكلها بشراكة مع حزب “العمل”، لكن الخطة ذهبت أدراج الريح .

لم يطل الزخم الذي أعطته الانتخابات لحزب “كاديما”، فبعد أشهر من تشكيلها تفككت الحكومة الإسرائيلية التي بدأت قوية ومنسجمة لحظة تشكيلها. وفي هذا الوقت القصير خاضت “إسرائيل” حربها ضد لبنان واثقة بعنجهية من النصر الذي لم يحالفها بسحق حزب الله، ما جعل العداد التنازلي في الشارع الإسرائيلي يأخذ مداه في تقييم أداء الحكومة وقادة الأحزاب المنضوية في إطارها، خاصة كلا من إيهود أولمرت زعيم “كاديما”، ووزير دفاعه عامير بيرتس وزعيم حزب “العمل”. وكان أول ما أعلن عنه أولمرت بعد انتهاء العمليات الحربية، أن خطته للانسحاب من طرف واحد من الضفة لم تعد “مطروحة على جدول الأعمال”، وبهذا الإعلان فقد حزب “كاديما” أساسه المكوّن وعاد حزباً يمينياً يرى نفسه قريباً من حزب “إسرائيل بيتنا” القابع في أقصى اليمين الإسرائيلي .

في ذات الوقت يمر حزب “العمل” بأزمة حادة تفقده هويته التي ادعاها في حملته في الانتخابات الأخيرة. فأن يجلس قادة حزب “العمل” إلى جانب قادة “إسرائيل بيتنا” وهو الحزب الذي كان حزب “العمل” يعتبره قبل أشهر خطراً على “إسرائيل”، هو مؤشر لعمق المأزق الذي يمر به الحزب، والذي يدفعه باتجاه التفكك النهائي. فزعيم الحزب عامير بيرتس يمر بأزمة ثقة داخل حزبه وهذه الخطوة ستفقد الحزب آخر أسهمه في الشارع الإسرائيلي، حيث تعطيه استطلاعات الرأي الإسرائيلية أقل الأرقام أصلاً .

يأخذ التأثير الكاشف لحرب لبنان على الساحة السياسية الإسرائيلية مفعول كرة الثلج التي تكبر، وكلما كبرت استفاد اليمين الإسرائيلي، وأول هذه التأثيرات هو دفع مزاج الشارع باتجاه خيارات أكثر تطرفاً. ففي الوقت الذي أعطى الجمهور الإسرائيلي حزب “كاديما” الثقة للخلاص من المشاكل مع الفلسطينيين، وجد نفسه يواجه المزيد من المخاطر تأتيه من جبهات مختلفة. وفي الوقت الذي أدخلت الحرب الأحزاب الشريكة في الحكومة في أزمة حادة، بات اليمين هو المنقذ لإسرائيل من الورطة التي وقعت فيها. و”الليكود” اليوم بدل أن كان حزباً طارداً بات اليوم حزباً جاذباً، وهو يبدو بوصفه الحصان الرابح في سباق الساحة السياسية الإسرائيلية، فإذا كان ليبرمان هو الحل بالنسبة لأولمرت، لماذا لا يكون نتانياهو هو الحل للمأزق الذي تعيشه “إسرائيل”. هذا ما تقوله المؤشرات .

* كاتبة فلسطينية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....