الإثنين 12/مايو/2025

طفولة الضفة تستلهم من عنفوان المقاومة في غزة

طفولة الضفة تستلهم من عنفوان المقاومة في غزة

الحرب على غزة، هذا الحدث التاريخي الأبرز في العام الجاري، وما شهدته من بطولات المقاومة وعملياتها النوعية لم تؤثر أجواؤها على “الكبار” فحسب، بل إن آثارها امتدت إلى “أحباب الرحمن” حتى باتوا يملؤون أوقاتهم بألعاب المقاومة، ولكن هذه المرة مختلفة بعض الشيء عما سبقتها.

لعبة “جيش عرب” إحدى الألعاب الشعبية التي اشتهر بها الصبية الفلسطينيون لعقود طوال تطورت بعد الحرب على غزة.

في هذه اللعبة، كان الصغار يقسمون أنفسهم إلى قسمين: اليهود والفلسطينيين، ويقوم الفريق الأخير بملاحقة الجيش بالحجارة والمقلاع وغيرها من أداوت القتال بسيطة الصنع والمعروفة آنذاك.

تطورت هذه اللعبة بشكل ملحوظ، حيث أصبحت تشمل أساليب المقاومة الجديدة التي عاينها الأطفال من خلال متابعتهم لعمليات المقاومة التي تبث على شاشة التلفاز.

أبو محمد صيام من مدينة رام الله شمال الضفة المحتلة يحدثنا عما ابتكره نجله محمد ورفاقه من ألعاب حديثة، مقلدين فيها جنود القسام وتحركاتهم خلال عمليات المقاومة.

يقول أبو محمد لمراسلنا وهو يراقب محمد ورفاقه يلعبون: “يقوم الأولاد باستخدام ما يتاح لهم من أدوات منزلية بسيطة كفرش السرير لصناعة ما يشبه الأنفاق، ومن ثم يؤدي فريق منهم دور جنود القسام، ويقومون بتمثيل ما يشبه عملية التسلل خلف خطوط العدو!.

ويتابع: “يقضي الأطفال فترة طويلة في لعبتهم دون كلل أو ملل، شكراً للمقاومة التي طورت من قدرات أطفالنا الجسدية والذهنية، ويشرفنا أن يكون لأبنائنا قدوة حسنة بالمقاومة، ونتمى أن يحتذوا حذوهم بعد أن يغدوا رجالاً”.

ولخطابات الناطقين باسم المقاومة نصيب كبير من حياة الأطفال ونشاطاتهم، حيث يتسابق الأطفال على حفظ خطابات أبي عبيدة الناطق باسم القسام وترديد عباراته الشهيرة.

نهى من نابلس تقول لمراسلنا: دائما ما أحدث طفلاي دانية وليث عن المقاومة منذ نعومة أظفارهم، وخاصة كتائب القسام وما حققوه من انتصارات على أعدائنا الصهاينة، وبالرغم من صغر سنهم إلا أني ألمس سرعة عجيبة في حفظ  عبارات أبي عبيدة.

وتضيف: عندما ذهبت الى السوق لشراء “كوفية أبو عبيدة” ذات الخطوط البيضاء والحمراء بناء على رغبة أطفالي، أخبرني البائع بمدى الإقبال الشديد على شراء كوفية أبو عبيدة وبزته العسكرية من قبل المواطنين، حيث يجد أطفالهم متعة عارمة بتقليده بلباسه وحركاته وأسلوب كلامه.

لقد استطاعت المقاومة الباسلة في غزة أن تلقي بظلالها على حياة الأطفال الفلسطينيين وتسلب ألبابهم، وباتت رسوماتهم أيضاً ملونة بألوان المقاومة الخضراء، ومزينة بشارات النصر، وأناشيدهم التي يرددونها بأصواتهم الغضة ملحنة بإيقاع الغضب والثورة.
 
الأستاذ مخلص سمارة الأخصائي التربوي يفسر ما نلحظه في هذه الأيام من سلوكيات طفولية تحاكي واقع المقاومة في غزة، بأنه نتيجة طبيعة لتأثر هؤلاء الأطفال بالأجواء التي فرضت سهامها بقوة على الساحة الفلسطينية.

ويقول خلال حديثه لمراسلنا: “في يوم من الأيام  كان السوبرمان ورامبو هو المثل الأعلى لهؤلاء الأطفال، لأنهم لم يعهدوا نموذجاً آخر للقوة”.

ويستدرك: “اليوم وأمام روعة مشاهد المقاومة في غزة، ووجود إعلام مقاوم أيضا، وجدنا الجميع بما فيهم الأطفال، يمجدون تلك الأعمال المقاومة كل بطريقته، ولعل محاكاة أفعال المقاومة وكلماتهم من خلال الألعاب والتمثيل هي الظاهرة الأكثر شيوعاً في هذه الأيام”.

ويشير سمارة إلى مساهمة وسائل الإعلام في نقل بطولات المقاومة في غزة مما يساعد على تنشئة جيل جديد من الطفولة بشكلها القديم، ولكنها في هذه المرة تحاكي نماذج واقعية، لا خيالية ولا خرافية، وهذا بحد ذاته إيجابي، خاصة أن الجيل الجديد أحوج إلى غرس القيم الوطنية والإسلامية في نفوسه، بعد أن شوهت وسائل الإعلام الحديثة الموجهة أفكار وطريقة تفكير الأطفال.

وحول الأفكار التي تحاول تسويق فكرة بأنه من الخطأ تعريض الأطفال ودمجهم  وتشجيهعم على حمل تلك الأفكار وممارستها من خلال اللعب، يعقب سمارة: “يمكن القول بأن هؤلاء الأشخاص أصلا هم ذاتهم الذين يوجهون أبناءهم للانكباب حول وسائل وبرامج الأطفال الحديثة الموجهة الهادفة إلى جر الطفل في تعقيدات الحياة وتناقضات  القيم الأخلاقية المشوهة وتفتيت النظم الدينية.

ويضيف: “نحن كتربويين وإن كنا من دعاة تشجيع الأطفال على التأثر بمظاهر العزة والكرامة المستوحاة من غزة وجعلها من ضمن الممارسات التربوية السلوكية، من خلال الألعاب التي يمارسونها، إلا أننا أيضا نركز على ضرورة أن تحافظ الطفولة على رونقها الخاص بها، وهذا ممكن انتهاجه دون تفتيت أي من القيم الوطنية والإسلامية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات