حل الدولتين: تحليل معرفي

أولاً : (دولة فلسطينية)
مصطلح جديد أو طُعْمٌ من نوع المصطلحات ذات البريق الإعلامي الذي يدغدغ المشاعر ،فمَنْ هو الفلسطيني الذي لا يهتز كيانه طربًا عندما يرى أو يسمع أن هناك من يعمل على انتزاع هذا الاسم المقدس من بين أنياب اليهود المغتصبين الذين حاولوا طمسه وتغييبه منذ أن ابتليت الأرض المقدسة بتدنيسهم لترابها هاربين من الهولوكست الأوروبي باحثين عن مأوى أو ملجأ ؟ ولم يجدوا إلا الأرض المقدسة المباركة فلسطين الخالدة.
وهذا المصطلح تطوير إعلامي معرفي ظهر على يد الدبلوماسي الأمريكي جورج ميتشل،أي أنه صناعة أمريكية إلى جانب المصطلح المعرفي الذي ألقاه فريق العمل الأمريكي على لسان الجنرال كيث دايتون وهو مصطلح (الفلسطينيون الجدد) ،على الرغم من أن رئيسهم السابق بوش الابن كان قد تبناه كذبًا ونفاقًا وإغراقًا في التضليل والتعمية ، وإضاعة للوقت حتى انتهاء ولايته ؛ ليتلقفه الرئيس الجديد باراك حسين أوباما ، ويقذف به في المستنقع العربي والفلسطيني من خلال (غزوته السلمية) المبكرة ،وفي بيانه البليغ الذي أطلقه من جامعة القاهرة إلى العرب والمسلمين .
الدولة الفلسطينية التي يرأسها حاليًا رئيس انتهت شرعيته الوطنية : محمود عباس تقول لفلسطين الحبيبة ، فلسطين الوطن ، فلسطين الأرض والقضية والشعب فلسطين الانتماء بكل ما يمثله الوطن من عنفوان وكرامة ، فلسطين التاريخ والجغرافيا المثقلين بعبق الأمجاد والقداسات ، فلسطين الحقيقة والواقع ، تقول لكل هؤلاء : إلى اللقاء في مدافن القصائد ،وفي بطون التاريخ ، وفي الأحلام الوردية للشعب الذي يزداد عزلة يومًا بعد يوم عن قضيته ، وفي حمأة مطاردة أبنائه وقتلهم بدم بارد في الضفة على يد السلطة وفي غزة على يد اليهود ومن ينسق معهم من الجيران :الإخوة الأعداء ، وفي غياب شبه تام من فلسطينيي الشتات إلا من رحم ربي.
ثانيًا : دولة إسرائيل اليهودية
متاهة من نوعٍ آخر
في حلبة السياسة الدولية ومنذ ظهور الكيان اليهودي الصهيوني بعد انهزام سبع دول عربية أمام العصابات اليهودية في عام 1948م ، ثم طوال الهزائم المتوالية للأنظمة العربية أمام اليهود كان هؤلاء المجرمون الغزاة يلعبون على سلبيات التعدد والاختلاف في الموقف العربي الرسمي، بالإضافة إلى غياب ثم تلاشي الضغوط الشعبية في الوطن العربي الممتد من شواطىء الأطلسي غربًا إلى شواطىء الخليج العربي وجبال كردستان وجبال طوروس اللتين تشكلان الحد الطبيعي للوطن العربي شرقًا، وقد بلغ الاغتراب العربي لمفردات الصراع مع اليهود ذروته بتوقيع اتفاقيات السلام مع اليهود الغزاة من جانب الحلفاء الثلاثة : مصر والأردن والسلطة الفلسطينية العميلة.
وظل التراجع والتنازل عن استحقاقات الحق الطبيعي في فلسطين يتوالى حتى بلغ ذروته فيما يعرف باتفاقيات أوسلو ،ثم ونتيجة للمعارضة الشديدة لتطبيق استحقاقاتها دعمها النظام الرسمي العربي بالمبادرة العربية للسلام 2002م في مؤتمر القمة في بيروت ، وهذه المبادرة تطوير سلبي عكسي تراجعي للنقاط الأربعة المشهورة في مؤتمر الرباط ، ولكن الأمر الجديد هو استحداث منصب إدارة أو وكالة جديدة لتسويق الفشل والتنازل والتخاذل والإحباط وزرع بذور اليأس على مستوى خمسين دولة عربية وإسلامية ، وتعيين محمود عباس وكيلاً أو مديرًا لها على رأس فريق أوسلو المشؤومة.
ونظرًا لتمكن اليهود والحركة الصهيونية من نخب المجتمعات الغربية فقد استطاعوا أن يطابقوا بين سياساتهم وسياسات تلك الدول، ووظَّف الصهاينة قوى الغرب الرأسمالي لخدمة التفسير الأحادي لكل مفردات الصراع في مراحله المختلفة. وكانوا قد سيطروا منذ الثورة البلشفية أكتوبر 1917 م على النخب في الأحزاب والتنظيمات الاشتراكية واليسارية فيما كان يعرف بدول الستار الحديدي أو الكتلة الشرقية عن طريق التغلفل في الأوساط القيادية للأحزاب الشيوعية التي كان معظم مؤسسيها ودعاتها وفلاسفتها وقادة التوجيه فيها من العنصر اليهودي الخزري ، وعن طريق المال والإعلام الجماهيري الذي كان الهدف منهما إغراق العالم في وحل الفكر والاقتصاد الاستهلاكي الترفي الذي يفقد الإنسان معه القدرة على التمييز القيمي ،وتبين الحق من الباطل ، دولة إسرائيل اليهودية تطوير جديد لمفهوم يهودية الدولة الذي واجه معارضة شديدة ، وتسويق أميريكي متزامن مع تسويق المصطلح الوردي : الدولة الفلسطينية ! ولكن هل هما متساويان على أرض الواقع وبمنطق الحل السلمي إن كان هناك ثمة نية حقيقية لحل الصراع كما يقترحه مستر باراك حسين أوباما أو كما رُسِمَ له ليتبناه ويلقي بثقله الرسمي خلفه؟
يبدو الأمر وكأنه مجرد تلاعب بالألفاظ ، ولا يعدو أن يكون شراكًا ينصبها الصهاينة من خلال الإدارة الأمريكية الجديدة التي تحاول أن توهم العالم أنها إدارة مختلفة،وتتبع نهجًا أدار ظهره لكل السياسات العدوانية الخرقاء التي انتهجتها الإدارة السابقة ،وهو ادعاء مكشوف الضعف ، يفتقر إلى المنطق وأقل درجات المصداقية.
الدولة الفلسطينية مفهوم حقيقي أقدم من عشرات الكيانات السياسية والوطنية التي ظهرت نتيجة لاتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م وما بعدها من الأحداث الدولية ، وذلك لو قدر له أن يقوم على أرض الواقع ويستمر في النمو والتطور الطبيعيين ليصبح دولة ذات كيان متميز بعمقه التاريخي ورمزيته وقداسته الثقافية والدينية والإنسانية ،وطبيعته التي لا مثيل لها على وجه الأرض، وموقعه الفريد ، كما حدث للكيانات العربية والدولية في إطار المم المتحدة والنظام الدولي الجديد وكما يتوقع لأي جماعة بشرية تستوطن إقليمًا ما من أكبرها كالصين وروسيا والولايات المتحدة إلى أصغرها كجمهورية أندورا في جبال البرانس (مساحتها 50 كيلومتر مربع ) وإمارة ليشتنشتاين على حدود النمسا، وإمارة موناكو في الريفييرا وبعض جزر المحيط الهادي ،ولا نذهب بعيدًا فقطر والبحرين نموذجان عربيان وغيرهما من الكيانات القزمية التي سمح لها بالظهور والاستمرار والعطاء الطبيعيين،ولم يغزُها عدو إحلالي عبارة عن تجميع عدواني من نفايات الأمم الأوروبية وغيرها بمؤازرة الأمم الظالمة لتأسيس كيان من نسج الخرافات والأساطير وبفعل القوة الغاشمة ، وهو إسرائيل :ال دولة ال يهودية كما ألقاه على ساحة المفاهيم السياسية الحالية كل من ميتشل وأوباما ؛ استمرارًا لتكريس واقع قام على التلفيق والكذب والظلم ،في حالة إنسانية فريدة ،وفي محاولة لفرض حل مستحيل بالشروط الأمريكية المتماهية مع الألاعيب والعبث الصهيوني في سابقة إنسانية لم يشهد التاريخ لها مثيلا،وهذا ما يجعلنا نشك كثيرًا في هذا (الفيلسوف الحكيم) القادم من بلاد المادة واللامعيارية والافتقار إلى العدل نحو الشرق موطن الحكمة والأديان السماوية ؛ ليفرض شرعًا يتصادم مع شريعة الله.
ثالثًا : ابحث عن بريطانيا
تحت كل حجر عثرة في الطريق يوجد رأس إنجليزي
وهنا نتوقف عند ( أل التعريف ) في كلمتي : ال دولة ال يهودية ، فهي لم ترد صدفة أو من قبيل التزويق اللفظي ، بل إنها في غاية الخطورة من حيث المدلول السياسي الدولي ،وهنا نذكر القرار رقم 242 الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي الذي وضع صياغته مندوب بريطانيا بمجلس الأمن اللورد كارادون Caradon Lord ، وتبناه المجلس في 22 نوفمبر 1967م وذلك في أعقاب العدوان اليهودي على مصر وسوريا والأردن في يونيو 1967م ،ذلك العدوان الذي يطلق عليه العرب النكسة تمييزًا له عن النكبة ،والذي نتج عنه احتلال مساحات واسعة من أراضي تلك الدول ، والجدل الطويل والتضليل المعرفي المقصود الذي حدث حول ما ورد فيه في تعبير انسحاب إسرائيل من (
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...