السبت 10/مايو/2025

هويدي: المستقبل العربي مطمئِن والكيان يعيد حساباته

هويدي: المستقبل العربي مطمئِن والكيان يعيد حساباته

رأى الكاتب والمفكر الإسلامي الكبير فهمي هويدي أن الثورات العربية وانهيار الأنظمة المستبدة سببٌ كافٍ للاطمئنان على المستقبل، وأن الكيان الصهيوني أصبح قلقًا على وضعه الإقليمي والدولي، بعد سقوط الظهير العربي الذي كان يتولى حمايته.
وقال هويدي في الحوار الذي أجراه معه “المركز الفلسطيني للإعلام” الأحد (22-5)، إن النظر في العلاقة بين مصر والكيان في المرحلة المقبلة هو أمر معقد، حيث إن النفط سيلعب دورًا مهمًّا، وكذلك يتعلق الأمر بمدى قدرة مصر على كبح جماح التغوّل الصهيوني، ومدى تأثير ذلك على معاهدة السلام بين الجانبين، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن مصر تحتاج إلى ترتيب بيتها الداخلي أولاً، حتى تستطيع إدارة اللعبة من جديد.
وبين أن هناك عوامل ضغط خارجية تدفع باتجاه مضاد للثورة المصرية، وأهمها هي التدخلات الأمريكية والصهيونية، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة، لن تسمح بوجود ديمقراطية تتناقض مع مصالحها، وأنها سوف تسعى لاستخدام المال والتسليح والقوى الداخلية لتحقيق مآربها.

وفي موضوع المصالحة أكد هويدي أنها لم تؤتِ ثمارها حتى الآن، مبينًا في الوقت ذاته أن كلا الطرفين (فتح وحماس) كسبا من ورائها، إلا أنه أبدى توقفه تجاه موقف أبي مازن الذي رأى تحسنًا قليلاً في خطابه؛ حيث أراد طمأنة الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني في الوقت ذاته.
وتوقع الكاتب الكبير من الإدارة الصهيونية مراجعة أوراقها إزاء أي حرب محتملة على إيران أو حزب الله أو سورية أو غزة، وذلك طبقًا للمعادلة العربية الجديدة التي لم تكن في حسبانها وقت الحديث عن ذلك.

وإلى نص الحوار

س. كيف تقرأ مستقبل الكيان الصهيوني في ذكرى النكبة خاصة في ظل الثورات العربية، وانهيار بعض الأنظمة المتحالفة مع هذا الكيان؟
ج. ربما من المبكر الكلام عن المستقبل، لكن نستطيع أن نقول شيئًا محددًا، وهما أمران: الأمر الأول: أن صوت الشعوب العربية الآن يرتفع بقوة، بعدما ظل محجوبًا لسنوات طويلة، وحينما يرتفع صوت الشعوب، فهذا يعني مقدمة لتغييرات مهمة في الشرق الأوسط، وبغير مبالغة، حينما يحدث هذا فإنه بحد ذاته سببٌ كافٍ للاطئمنان علی المستقبل لأنه عندما ظلت شعوبنا تحت هيمنة بعض الأنظمة والحكام كانت مصائرها مرهونة بهؤلاء الحكام، فضلاٌ عن أن هؤلاء الحكام كان أغلبهم لا يمثلون رغبات الشعوب، هذه هي النقطة الأولي، أما النقطة الثانية أن إسرائيل الآن في موقع الدفاع والقلق وكل المتغيرات الاستراتيجية ضدها، أولاً إيران خرجت من المنظومة الاستراتيجية التي تدعم وجود إسرائيل قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وبدرجة أو أخرى فإن تركيا تبتعد عن إسرائيل، والنظام الحليف للكيان الصهيوني انهار في مصر. أهمية التغيير في مصر تأتي من كونها أهم تغيير أساسي ملاصق لإسرائيل، باختلاف إيران التي تبعد عن إسرائيل جغرافيًّا، بالتالي إسرائيل اليوم في موقف القلق والارتباك، والإسرائيليون أعلنوا بأنهم سيعيدون النظر في استراتيجيتهم لأن الوضع لم يعد كما كان، والسادات الذي عقد معهم اتفاقية السلام ومبارك الذي ظل يدعمهم خلال ثلاثين عامًا من حكمه غابا عن المشهد، بالتالي مصر ليست كما كانت، والساسة الإسرائيليون يعرفون حجم التغيير جيدًا في المنطقة عمومًا، وفي جوارهم خاصة،  لذلك فإن حساباتهم تتغير، وإن جاز التعبير هنالك انتفاضة شعبية في العالم العربي، هل تفتح هذه الانتفاضة العربية الباب لانتفاضة فلسطينية ثالثة أم لا، هنالك تكهنات تقول بأن فلسطين مقبلة علی هذا التغيير، فمن الناحية العملية والاستراتيجية موقف إسرائيل صعب للغاية ومتراجع، وكل ذلك يصب في مصلحة القضية الفلسطينية مباشرة.

س. في ذكري النكبة اقترفت إسرائيل مجزرةً كبيرةً بحق المتظاهرين الفلسطينيين والعرب، كيف تنظر إلی هذا الفعل الإسرائيلي؟ هل ذلك يدل علی حالة ارتباك تعيشها إسرائيل؟
ج. طبعًا كما قلت إسرائيل منزعجة جدًا؛ لأن كل حساباتها الاستراتيجية بدأت تتغير أساسًا وهم أصلا تحدثوا عن ذلك، حتى بالنسبة لموضوع التخطيط للعدوان علی إيران، قالوا يجب تأجيل هذا الأمر، لأن الجبهة المصرية لم تعد هادئة كما نتصور، ولابد أن نعيد النظر في هذه الاستراتيجية. هنالك قلق داخل إسرائيل والصلف والعربدة الإسرائيلية معروفة للجميع، هنالك حالة انزعاج وانفعال داخل إسرائيل وخطأ في التقدير، حتى ارتفعت أصوات في إسرائيل تطالب القيادة الإسرائيلية بالاتفاق مع الفلسطينيين قبل حدوث ما لا يمكن أن يحمد عقباه. هنالك قلق كبير واستهانة برد فعل عربي وربما ذلك اختبار لرد الفعل العربي، بحيث تقول إسرائيل نحن نفعل هكذا فماذا أنتم فاعلون؟

س. أشرتم إلی أهمية مصر كونها دولة جارة للأراضي المحتلة، بالتالي كيف ستكون علاقاتها مع إسرائيل مستقبلاً؟
ج. هذا الموضوع معقد، ويحتاج إلی الوقت، والمتغيرات في العالم العربي تقلق إسرائيل والغرب من جانبين: أولاً ما يسمي بالمصالح الغربية والأمريكية في ملعب النفط -إن جاز التعبير- وغيره، وثانيًا: هذه التغيرات علی باب إسرائيل، لذلك الأمر ليس سهلاً وهو يحتاج نفسًا طويلا واستراتيجية بعيدة المدي، والقضية الآن ليست ماذا ستفعل مصر في معاهدة السلام؟، لكن ما هي القوة والعافية التي تتمتع بها مصر بحيث تتمكن من كبح جماع التغول الإسرائيلي، وإعادة النظر في شروط العلاقات؟، اليوم بدأ الحديث عن إعادة النظر في بيع الغاز المصري لإسرائيل وسعره الذي كان مسكوتًا عليه في الماضي، هل يمكن أن يؤدي هذا إلی تعطيل اتفاقية السلام أم لا؟ هنالك أسئلة كثيِرة حول العلاقات المصرية الإسرائيلية في المستقبل، نبيل العربي قبل أن يصبح وزيرًا للخارجية كتب مقالاً قال فيه: علينا إعادة النظر في اتفاقية السلام، هناك فرق كبير بين ما تمناه وبين القدرات العملية التي تتوفر لمصر لتحقيق هذه التمنيات، خصوصًا عندما تواجه هذا الأمر. بطبيعة الحال ستكون قد تواجه الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي وما يسمي بالرباعية الدولية، الثورة المصرية تحتاج إلی تعزيز مكانتها واليوم تواجه مشاكل أمنية واقتصادية، وهي مشغولة بترتيب البيت الداخلي المصري ثم تنظر في علاقاتها الخارجية وأنها أين ستصطف، من حيث علاقاتها مع إيران وتركيا، هل مصر بإمكانها اليوم قيادة مواجهة من هذا القبيل؟ نحن الآن لا نتحدث عن مواجهة عسكرية، بل علی الأقل المواجهة السياسية الضاغطة التي تجبر إسرائيل علی أن تقدّم شيئًا سواءً للأمن العربي أو الفلسطيني، الحد الأدني أن هنالك اتفاقية التزمت بها مصر وإسرائيل لم تتلزم بها، علی إسرائيل أيضاً أن تلتزم بها، هذه مطالب مشروعة، إسرائيل تعطل البنود التي قد تكون لصالح مصر، والإنسان عندما يواجه خصمًا لا بد أن يتمتع بدرجة من اللياقة البدنية والعقلية والاصطفاف، أين سوريا في الموضوع؟ سوريا اليوم تواجه مشاكل داخلية، ما نريد قوله اليوم أن مصر تغيرت ولم تعد ذلك الحليف المطمئن لإسرائيل، مصر لها طلبات تبدأ بتعديل شروط اتفاقية بيع الغاز ثم اتفاقية كامب ديفيد، هذا كله مرهون بأوارق القوة التي تملكها مصر، الثورة التي لا تمضي ثلاثة أشهر علی قيامها لا تستطيع الدخول في مواجهة، إسرائيل دمرت مصر من خلال عملائها وإحداث فتن داخلية بين المسلمين والأقباط وتخريب الاقتصاد، الثوار يعرفون ماذا يريدون والإسرائيليون يعرفون أن مصر تغيرت.

س. تقول إن إسرائيل هي التي تؤجج الطائفية في مصر؟
ج. نعم، إسرائيل هي التي تفعل ذلك، ولا تتردد في ذلك وهي أصلاً عملت في تأجيج الطائفية بمصر، الآن الأولوية للثوار هي تحصين البيت المصري الداخلي، وهذا ما تؤكد عليه القيادات الفلسطينية أيضًا، بحيث تقوي مصر ذاتها وتدافع عن أمنها القومي، لأن مصر في السابق كانت تدافع عن الأمن القومي الإسرائيلي. ثم بعد ذلك ترى الثورة مسئولياتها، مثل قضية المعبر والمصالحة، هذه الأمور بسيطة لكن توجد قضايا أكبر من ذلك، وهنالك ما هو إستراتيجي وما هو مرحلي وتكتيكي، واليوم يجب أن تتحرك مصر بحسب ما تتوفر لها من حصانات وقوة.

س. الثورة المصرية لا تهم المصريين فقط، بل بحكم مكانة مصر التاريخية والجغرافية في العالمين العربي والإسلامي فإنها محل اهتمام كل مسلم وعربي، بالتالی كيف تنظر إلی مستقبل الثورة وتأثيرها علی القضايا الإسلامية وعلی رأسها القضية الفلسطينية، وما هي أهم الأخطار التي تهدد الثورة المصرية؟
ج. مصر في الوقت الراهن تدرك ذاتها ومسئولياتها وأنا هنا وفي إيران وفي أماكن أخري أكدت أن مصر ليست مجرد دولة بل هي أمة إذا قامت فقد قامت الأمة وإذا انتكست كما حدث، انتكست الأمة، نحن نعرف وهم يعرفون ذلك جيدًا. أهم التحديات التي تواجهها الثورة المصرية هي الأمن والاستقرار والاقتصاد، الأمن والاستقرار وجهان لعملة واحدة، أي أن بقايا النظام السابق والخصوم الذين نعرفهم حريصون علی أن البلد لا يتمتع بالأمن والاستقرار، بالتالی يمكن تشهد مصر اضطرابات وفتنة طائفية، والاضطرابات تعني أن هنالك لا سياحة ولا استثمار أجنبي جديد، وتتعطل المصانع في ظل انعدام الأمن، نحن نحتاج إلی مجموعة إجراءات، خاصة أنه لم تمر علی الثورة إلا مائة يوم فقط، هذا جانب من القضية، والجانب الآخر هو أن النظام السابق لا يستسلم بسهولة، وهو يضغط لإثارة الفوضي حتي يقنع الناس بأنهم كانوا أكثر أمانًا في ظل وجوده، مصر اليوم تخسر شهريًّا أكثر من ثلاثة مليارات دولار، والتحدي الآخر يتمثل في الاقتصاد الذي يجب تعزيزه وتطويره، التصدير متوقف والإنتاج تراجع، هنالك الكثير من العوامل تحتاج إلی الضبط، وإحدى مشاكل الثورة المصرية هي أن الشعب الذي قام بها يعرف ما يرفضه لكن ربما لا يعرف بالضبط ما يقبل به، الشعب ضد الظلم والاضطهاد والتعذيب واحتكار السلطة وتزوير الانتخابات وغيرها، لكن هو مع ماذا؟ لا يمكن التحدث إلی الملايين لتعرف ماذا يريدون؟ بالتالي نحتاج إلی إعادة ترتيب الإجماع الوطني وبلورة الثورة وأن ما هي القاطرة التي تقود هذه المقطورة، هذا لم يتشكل والثورة لم يكن لها الرأس، بخلاف إيران التي كان الإمام الخميني يقود الثورة التي كان لها مشروع واضح، نحن أمام جيش بلا قائد، فنحتاج إلی القائد، ويمكن أن يكون هذا القائد هو الإجماع الوطني ونخبة منتخبة ويمكن أن تظهر قوی سياسية، هذه هي التحديات الأمنية والاقتصادية. والبنية السياسية تشكل القيادة لهذه الثورة، الآن الجيش ليس قائدًا للثورة بل هو حارسٌ لها، في المجتمعات الأخري الجيش هو الذي ينفذ الانقلاب ويسد المجتمع، لكن في مصر حصل عكس ذلك، المجتمع هو الذي خرج واستدعى الجيش، فالجيش بمصر هو حارس الثورة وليس صانعها، هذه الأشياء تحتاج إلی الوقت.

س. أشرتم إلی العوامل الداخلية التي تهدد الثورة المصرية، لكن ما هي التحديات والعوامل الخارجية التي تهددها أيضًا؟
ج. العوامل الخارجية هي الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فوجئت أمريكا وإسرائيل بما حصل في مصر، هنالك قضية لا نعرفها وهي إذا كانت هنالك التزامات سرية تعهد بها السادات للإسرائيليين أم لا؟ ثم هل أمريكا ستق

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات