روح الشهيد صدام.. تلاحق قادة العالم
لم يعد هناك اختلاف بين اثنين (عاقليْن-بالغيْن-منتميين للإنسانية) على أن ما تم بحق الرئيس الشرعي للعراق، من خطف، ومحاكمة مزورة، واغتيال، وبشاعة في الاغتيال.. الخ هو جريمة لا تُغتَفَر. كما أنه لم يعد هناك اختلاف بأن ما حل بالعراق من مساس مباشر بكرامة هذا البلد، وأمن شعبه، وكرامته، واستقلاليته.. الخ، هو تهديد لكافة المعاهدات والاتفاقيات التي تحكم العلاقات بين الدول والمجتمعات على هذا الكوكب. إنه العراق الذي كان آمناً، مستقراً، يعيش بما يتسرب من بين أنياب “الحصار الظالم” الذي فُرِضَ عليه منذ العام 1990م..
ولعل الرئيس الفرنسي “جاك شيراك”، كان أول قائد، يُفكر بصوت مرتفع، بعد أن استمعنا إلى كوفي عنان (الأمين العام السابق للأمم المتحدة) الذي تحدث في الشأن العراقي، بما يشبه حشرجة اللحظة الأخيرة، عندما قال: “.. وضع العراق في عهد صدام كان أفضل..”. إضافة إلى ما قاله كاتب من بريطانيا (التي احترقت أصابعها جراء اللعب بالعراق): “لقد حقق صدام حسين للعراق الاستقرار، ووحدة البلاد، والوظائف، والخدمات الأساسية.. كما تمكن من إعادة بناء العراق بعد ستة أشهر من انتهاء الحرب مع إيران”.[1]
أما جاك شيراك، الذي انطلق متأخراً ليُطيل في الحديث عن الحرب على العراق، وقد جاء خطابه بعد أن تم اغتيال الرئيس الشرعي للعراق، الشهيد صدام، على أيدي الأمريكان وربائبهم..
وتتلخص وجهة نظر شيراك بأن الحرب على العراق، التي كان آخر فصولها اغتيال الرئيس الشرعي لهذا البلد، هي “مغامرة وتسببت في تسريع التقلبات التي لم تنته انعكاساتها بعد”. كما أن شيراك، الذي يُعد العدة لمغادرة كرسي الرئاسة في بلاده، “يوصي” بما يلي:[2]
1. عدم تصديق الشعار الأمريكي القائل بأنها كانت حرب على الإرهاب. بل أنه يؤكد على أن تلك الحرب قد “وفرت تربة خصبة للإرهاب”.
2. تكمن الأولوية، أكثر من أي وقت مضى، في “إعادة السيادة الكاملة إلى العراقيين”.
بهذا يتأكد لنا، وعلى لسان الفرنسيين هذه المرة، بأن الحرب على العراق هي، وبكل المقاييس، غير شرعية. وأن البشرية جمعاء قد تضررت من نتائجها، المباشرة وغير المباشرة.. وبهذا يكون الرئيس الفرنسي قد نطق بما لم ينطق به عربي ولا أعجمي، من قادة هذا العالم، وبخاصة فيما يتعلق بإعادة “السيادة الكاملة إلى العراقيين”. وعليه، فإن من يمتلك، الحد الأدنى، من الفهم السياسيي، سوف يتوقف مطولاً أمام هذا المطلب الذي يصدر عن رئيس دولة عظمى، كانت في يوم من الأيام “شاهداً متفرجاً” على حصار ظالم اُتبع بحرب شُنّت على العراق بلا هوادة، وبلا تفويض من أحد. إنها “فرنسا العظمى” التي اكتفت بالنصح والارشاد لأمريكا، ضاربة بعرض الحائط ما ألمَّ بالعراق والعراقيين من ويلات ومآسٍ يندى لها جبين البشرية.
وإذا لم يعلم الرئيس الفرنسي، حتى اللحظة، عن الحال الذي آلَ إليه العراق، فإنه يسعدني أن أتطوع لإبلاغه بآخر أخبار “العراق الجديد”. فـ “عراق ما بعد صدام” أصبح يساسُ من قِبل منظومة سياسية-أمنية-اقتصادية لها من الصفات والخصائص، ما يمكن اختصاره، بما يلي:
1. أُجلس في كرسي الرئاسة رجل، مغلوب على أمره، اسمه جلال الطالباني. هذا الرئيس الذي، اعتقد في لحظة ما، بأنه قد يُسَجَّلُ في السِّفر العراقي على أنه الرئيس الذي قاد العراق بعد الشهيد “صدام حسين” مباشرة. إلا أنه اكتشف، في لحظة ما، بأنه ليس برئيس وأن أحداً ما لن يستشيره في شىء، لا من قريب ولا من بعيد.. حتى أنه لا يستطيع المحافظة على ضيوفه الذين يحلون على العراق بدعوة مباشرة منه، كما أنه لا يستطيع الإدلاء برأيه في أي شأن. هذا الرئيس الذي يَغضَب عندما يسمع، من نشرات الأخبار، بأن أمريكا ستنسحب من العراق؛ لأن الوجود العسكري الأمريكي “من وجهة نظره” ضرورة وطنية (!!). هذا الرئيس الذي غضب، وأرغى، وأزبد عندما قيل له بأن بيكر وهاملتون قد أوصيا بشىء ما حول العراق. فثار منذ تلك اللحظة، ولا ندري ما إذا هدأت ثورته أم لا، معتبراً ذلك تدخلاً سافراً في خصوصيات “العراق الجديد”، واستقلاله، وهيبته، واقتصاده الحر المستقل (!!).
2. أفرزت ديمقراطية الاحتلال الأمريكي-البريطاني، رئيس وزراء ، محاصر في منطقة، سماها الأمريكان بـِ “الخضراء”، إسمه “نوري المالكي” وقد رُويَ عنه قوله: “أنا نادم على أنني رئيس وزراء للعراق.. وأنني لن أُُرشِّح نفسي مرة أخرى؛ لأنني أُريدُ العمل وسط الجماهير”.[3] وكلنا أمل بأن يعود المالكي إلى الجماهير وقد تخلصت من الإيدز الذي انتشر في جنوب “العراق الجديد”، وأُعيد بناء المساجد، والحسينيات، والكنائس التي دمرتها الطائفية المريضة-الحاقدة، وتوقف قتل العراقيين على الهوية، أو أن يتحسن القتل بحيث “يٌبقي الرأس على الجثة”.
3. يقوم على رأس “العراق الجديد” حكومة، ليست بالحكومة، وقضاء ليس بالقضاء، وسلطة أمنية ينطبق عليها المثل القائل “فاقد الشيء لا يُعطيه”. ولكي لا نتجنى على أحد من هؤلاء فإنني أقتبس، حرفياً، مما ورد في تقرير رويترز، المنشور في صحيفة القدس بتاريخ 4/1/2007م، الصفحة (31)، على لسان مسؤول في وزارة داخلية “العراق الجديد”، حول كيفية اغتيال رئيسهم الشرعي “الشهيد صدام”: “.. إن الفريق الذي كان مكلفاً بتنفيذ الحكم من وزارة الداخلية قد نُحي، وأن ميليشيات ودخلاء هم الذين نفذوا الحكم”. أي أننا أمام حكام مجهولين لعراق اليوم. كما أن تصريحات منقذ الفرعون/ نائب المدعي العام، تشير إلى أنه لم يكن هناك أي دور لقانو أو قضاء.
بهذا يصبح العالم، بِدُوَلِهِ العظمى، والصغرى، والمعدومة الحجم “شاهد زور” على استباحة دماء الشعب العراقي من قِبل زمرة، وصفتهم وزارة الداخلية المذكورة، بـِ “الدخلاء العازمين على إلهاب التوترات الطائفية”.
4. يحرس (!!) مصالح العراقيين، وأمنهم، ويقوم على جمع الجثث المقطوعة الرأس، وتلك التي بقي رأسها معها، شرطة وجيش يتوزع، في ولائه، بين الطوائف المختلفة ذات المصالح المتضاربة-المتناقضة، والتي تعود إلى مرجعيات، معمّمَة وغير معمّمَة، تعمل كل منها على امتلاك ثروات العراق لمصالحها الفئوية و/أو الشخصية الضيقة.
ولعل ما يُرعِبُ “حكومة الطوائف” هذه، أن تُفاجأ بشرائح من بين شرطة (والجيش) تعتبر الشهيد صدام هو القائد الشرعي لها. فقد ورد في شريط الأخبار لفضائية “الفرات” العراقية، مساء 4/1/2007م: “.. سيتم محاسبة شرطة عراقيين لمشاركتهم في مظاهرة احتجاجية على ما أسمته الفضائية “إعدام صدام”. وأُضيفُ إلى ذلك ما ورد على ألسنة أبناء رجال الشرطة للعراق الجديد ، : “صدام حسين أفضل من أمريكا، هو رئيسنا؛ ولا أحد يكره رئيسه “ .[4]
بهذا يتضح لنا، كم هو واهن بيت العنكبوب لـِ “العراق الجديد”، ولقيادته التي “أخشى أن تكون دعوة شيراك تعنيهم هم بعينهم”.
5. الجيش الأمريكي في العراق، لم يمارس “المهنية العسكرية” التي عليه أن يتحلى بها كـ “جيش احتلال”: ويبدو أن لسان حال هذا الجيش يقول: “في الصيفِ ضيعتُ اللبن”. فقد ثبت بانه مارس العديد من الموبقات بحق العراق والعراقيين؛ الرجال والنساء، على حد سواء. فقد امتهن هذا الجيش المرأة العراقية بالاغتصاب، والترويع، والسجن، والتعذيب. تلك المرأة التي أطلق عليها “الشهيد صدام” لقب “الماجدة”. كما أنه مارس القتل الجماعي في أكثر من موقع، ولعل الصور التي التقطت لتعذيب العراقيين، في أماكن مختلفة من العراق، وما تبعها من الأحكام التي صدرت بحق أعداد من الضباط الأمريكان في المحاكم الأمريكية تشهد على ذلك. وقد نسي هذا الجيش بأن العراقي يساوي تماماً بين حياته من جانب، وكرامته وعِرضه من الجانب الآخر..
6. الجنود الأمريكان في واد، ورئيسهم الذي يخطب علينا كل يوم في وادٍ آخر: لقد مللنا الخطاب الدائم للرئيس بوش الذي يدعي فيه بأن حربه كانت، لتخليص أمريكا من الإرهاب، ولتوفير الأمن والأمان للعراقيين. مما دفعنا إلى البحث عما يشعر به جنوده في العراق الذي ذهبوا لتحريره (!!). وقد وجدنا ضالتنا بما قاله جنوده، حرفياً، وفق ما ورد في قناة العربية الفضائية، برنامج “العين الثالثة “ ، مساء الجمعة 29/9/200