هل تحتاج فلسطين إلى انتخابات؟!

سؤال تصعب الإجابة عليه بشكل حاسم في ظلّ تركّز غالبية جهود المصالحة على هذه النقطة، وتعويل غالبية الفصائل عليها لأهداف مختلفة، ما بين تحسين الحظوظ الانتخابية لبعضها، وأمل بعضها الآخر بتغيير الوضع القائم مستفيدةً من حرية التحرّك الممنوحة لفصائل دون غيرها، وإمكانية توظيف أجواء المعاناة والحصار والتضييق باتجاه المساعدة في تفويز فريق على حساب آخر، ثم الدخول في دوّامة الخطوط الحمراء المفروضة دولياً والتي لا تتيح إلا لمسار واحد بالعمل دونما عراقيل.
لكن الإشكالية الجوهرية التي ينبغي أن تكون حاضرة في أذهان جميع الطيف الفلسطيني هي وجود الاحتلال، ومدى إمكانية توفّر مقوّمات العملية الانتخابية في ظلّه، وفي ظلّ ما يمكن أن يفرضه على الأرض من معادلات يستفيد منها طرف على حساب آخر، أو تمنع تكرار التجربة الأخيرة، ثم مدى هامش العمل الممكن في ظلّه إذا ما افترضنا جدلاً بأن الانتخابات ستنجز، ولعل تعطيل المجلس التشريعي طوال السنوات الأخيرة، بفعل الاحتلال من جهة، وقرارات عباس المتعسفة من جهة أخرى ما يزال يلقي بظلاله على تجربة العمل البرلماني في الضفة وغزة بشكل عام، ويكشف كم أنها تجربة قاصرة وبلا جدوى، فكيف إذا كانت خارج محددات الاحتلال ومن خلفه الدول المانحة والمجتمع الدولي؟
من الطبيعي ألا تكترث الفصائل التي أعفت نفسها من المقاومة ومن مشروع التحرير برمّته من مثل هذه الحسابات، لأنها أصلاً لا تعاني من التضييق، وتعيش متوافقة مع نظام الحكم الذاتي القائم في الضفة وفق محددات والتزامات معينة، ولذلك نجد كل المحسوبين عليها والمغردين في سربها يتحدثون بإسهاب غير منقطع عن ضرورة تجديد الشرعيات وبث الحياة في النظام السياسي الفلسطيني واستئناف الحياة البرلمانية، وغير ذلك من شطحات في فضاء السياسة، ومن الطبيعي كذلك ألا يكترث هؤلاء بمدى توفّر أجواء انتخابية صحيّة تتيح ممارسة العملية دون ضغوطات وملاحقات، لأن الأمن عندهم مستتب، وهم يعوّلون أصلاً على إفرازات الانتخابات السابقة لأجل خلق حالة جديدة، من خلال إقناع الجمهور بأن الخروج من عنق الزجاجة لن يتحصّل إلا إذا امتنع عن انتخاب جهة تعاند المعايير الإسرائيلية والدولية.
لكن فصائل المقاومة، وتحديداً حركتي حماس والجهاد ينبغي أن تمتلكان أفقاً أوسع من مجرّد الانخراط في مناقشة قضايا تفصيلية كهذه تبدو مجرّد ترفٍ مرهق على هامش مشروع كبير، أساسه العمل على كل ما يساعد على نقل مشروع التحرير خطوات إلى الأمام وليس إعادته إلى الخلف. ومما يزيد من جدية الموقف أجواء الانتفاضة الحالية التي تحتاج ما يُعينها على التطور والاستمرار وليس الانتكاس والتلاشي، وليس مثل وصفة الانشغال بالانتخابات وتفاصيل الحكومة من مسكّن لحالة المواجهة أو مُميت لها.
إن إشكاليات الحصار التي تعاني منها غزة بكل متعلقاتها يمكن أن تعالج بالتوافق وبعيداً عن جعلها مشروطة بمسارات عبثية، رغم أن ما سيحصل كالعادة هو تأجيل ملفات غزة إلى ما بعد الانتخابات، وذلك لأغراض سياسية رخيصة ومكشوفة، وهو ما دأبت عليه قيادة السلطة وحركة فتح في انتقائها من ملف المصالحة ما يناسبها ويدعم مشروعها وحسب، ثم ترحيل القضايا المصيرية والمهمة إلى المجهول، تماماً كما حصل ويحصل في إدارتها ملفّ المفاوضات والتسوية مع الاحتلال.
حين نكون أمام ميزان مختلّ وغير قابل لضبط أثقاله فإن التعويل على نتائجه سينتج كارثة، وحين تغيب الأساسيات في ثنايا الاستغراق في التفاصيل الجانبية، فإن الكارثة تكون مضاعفة، وكذلك الحال بالنسبة لتجريب المجرّب وإعادة سلوك الدروب المقفلة والمفضية إلى الفراغ والخسارة الوطنية. كل ما في الأمر أن أجواء الإفلاس والتيه والجمود تناسب وضع فريق بعينه على الساحة، ويحاول جاهداً أن يديمها، بالحيلة أحياناً وبالضغط على الطرف المقابل حيناً آخر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...