ذكر السلام والاتفاقات 34 مرة وتجاهل حق العودة

لم يأخذ أحدٌ على محمل الجد تهديد محمود عباس بعدم الاستمرار في الالتزام بالاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، على الأقل هذا ما يشير إليه غياب ردود الفعل الدولية على خطاب يهدد بمثل هكذا خطوة تصعيدية، يمكن أن تغيّر مسار المنطقة، وتقلب معادلات عُمل على نسجها لسنوات.
تحليل للمصطلحات المستخدمة، وجولة في التعابير الكلامية المكررة، وإحصاء للكلمات الدلالية التي تضمنها خطاب عبّاس يقود إلى استنتاج مشابه؛ بأن عباس لن ينفّذ تهديده، وسيدخل ضمن تهديدات أخرى سبق أن أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية.
استخدم عباس في خطابه كلمة السلام 20 مرة، بينما كان نصيب تكرار كلمة اتفاق واتفاقية 14 مرة. وهذا التكرار يشير بوضوح إلى عدم تملّصه من عملية التسوية، أو الانسحاب من الاتفاقيات وهو يؤكد في كل مقطع تقريبا على أهميتها. بل هناك فقرة كاملة يعدد فيها محاسن الاتفاقيات، وانعكاساتها الإيجابية على الفلسطينــيين.
يقول عباس “إننا ومنذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وإلى هذه اللحظة نعمل بوتيرة متسارعة من أجل بناء دولتنا وبناها التحتية ومؤسساتها الوطنية والسيادية، وقد أحرزنا تقدماُ حقيقياُ على الأرض…”. فمن يكيل كل هذا المديح لعملية التسوية كيف ينسحب منها؟
إن عباس لم يذكر كلمة المقاومة في خطابه ولو لمرة واحدة، فهدد بالانسحاب من الاتفاقيات وهو منزوع الأسنان تماماً، الأمر الذي دفعه أن يهدد بلسانه، لكن بجسد مرتجف. فكرر طلب الحماية للشعب الفلسطيني ست مرّات: “أطالب بتوفير حماية دولية”. “نطلب حمايتكم”. “نريد حماية، وبحاجة لحماية دولية”. “نرجوكم نحن بحاجة لحماية دولية”.
كلمة “حماية” المتكررة تختصر لغة الخطاب، الأقرب إلى اللطم والنواح. وما الفائدة من طلب الحماية الذي يكرره عباس منذ سنوات على أبواب المسؤولين الدوليين والمحافل الدولية، دون استجابة. وقديما سئلت أعرابية: ما الذُّلْ؟ أجابت بأنه وقوف المرء بباب اللئيم ثم لا يُفتح له.
تجاهل عباس تماماً حق العودة، ولم يذكره أبداً. حتى إن لفظة اللاجئين جاءت عابرة في خطابه حين قال “وكذلك حل قضية لاجئيه وفق قرار الأمم المتحدة 194، ومبادرة السلام العربية”. ومعلوم أن مبادرة السلام العربية تنص على حل عادل لقضية اللاجئين، دون أن تذكر صراحة حق العودة.
أما المصاعب والمآسي التي يمرّ بها اللاجئون الفلسطينيون في عدد من الدول العربية، فغابت عن خطاب عباس. ولم تحتل مأساة الفلسطينيين في سورية حيزاً من الخطاب، وكأنه لم يهاجر أكثر من نصفهم، ولم يُحاصر مخيمهم الأكبر، ولا أن عدداً من مخيماته بلا سكانه. وكذلك لاجئو لبنان بمآسيهم ومخاوفهم كانوا خارج الخطاب.
حتى القضايا الفلسطينية الكبرى كالأسرى لم تُذكر سوى مرة واحدة، وكذلك فإن المصالحة الفلسطينية كانت بلا ذكر. أما الأقصى الذي ورد مرتين، فكان ذكره خاوياً من المعاني والدلالات لأن التحدي غائب عن السياق. وكيف يتحدّى من يقمع تظاهرات تبغي نصرته؟
أما غزة فإنها وردت أربع مرات، عند الحديث عن الحصار. وجاء هذا الكلام بعد يوم واحد من خطاب السيسي الذي قال فيه إنالإجراءات على حدود غزة (من تدمير للأنفاق، وإغراقها بالماء) يتم تنسيقها مع السلطة الفلسطينية.
إن الراحل ياسر عرفات عندما خطب في الأمم المتحدة عام 1974، لم يحفظ العالم من خطابه سوى “لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”، وعلى الأرجح إن العالم اليوم سيحفظ عبارات عباس عن السلام وسيتناسى تهديداته كلياً، لأن عبارته التهديدية ظهرت وكأنها خارج السياق العام للخطاب.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...