الإثنين 12/مايو/2025

حكومة الوحدة: الإنجاز والرهان

وليد خالد

بعيدا عن مجمل المعطيات والحوادث والعوامل التي أدت إلى ولادة أول حكومة وحدة وطنية في تاريخ الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ، وبصرف النظر عن الثمن المبذول في سبيل ولادتها ، إذ عندما يكون الهدف المرجو تحقيقه كبيرا يهون عندئذ الثمن المدفوع لانجازه ،ودون الخوض في التلاوم حول ما إذا كان بالإمكان تجنيبنا كل هذا الثمن أو أغلبه أو لم يكن …. دعونا ننظر للمستقبل بعين الحقيقة والأمل نستلهم دروس الأمس كي نصنع الغد ونحن نعيش الحاضر .

في الساحة الفلسطينية نهجان رئيسان تفرد أحدهما في سدة القرار والقيادة عدة عقود وقادته مآسي وجراحات السنوات الطوال إلى الاقتناع بضرورة التخلي عن ” مثاليات ” الانطلاق الحالمة ، تحت ضغط “الواقع الظالم ” وإلا فان الاندثار هو المصير ، إذ ما العمل ونحن الضعفاء المهجرون في ظل واقع عربي متفكك أو متآمر “أحيانا ” … وأمام مجتمع دولي لا يرى إلا بعين واحدة …؟! ليس إلا أن نستجيب لمتطلبات هذا المجتمع الدولي كي نصبح جزءا من الشرعية الدولية أملا في أن تضغط هذه الشرعية على المحتل ليعطينا بعض الحق … والرضا بالاستظلال تحت سقف الشرعية الدولية كان ثمنه التنازل المرة بعد المرة عن “ثوابت الانطلاقة الأولى ” ….!

وبالمقابل نشأ نهج جديد يرفض هذا الشكل من التعاطي ، ويرى أن بالإمكان الممانعة والصمود والمقاومة لإجبار المجتمع الدولي على الرضا بنا كما نحن والتسليم بحقوقنا تحت ضغط صمودنا مقابل ألم المحتل وعدم استطاعته التعايش مع الجراحات التي ستحدثها مقاومتنا في جسده فيضطر للتراجع …وفازت حماس في الانتخابات تحت هذه الراية وقد جرب الناس سابقتها فلم يجنوا منها سوى الأشواك …وكان حريا بهذه التجربة الوليدة أن تعطى فرصتها… ولكن أحدا لم يرد لها النجاح لأنه رأى في نجاحها انتهاء نهجه أو بعبارة أخرى “موته السياسي ” … فكان الصراع منذ اللحظة الأولى بين هذين النهجين حتى وصلت الأمور –للأسف- حد سفك الدم …. مما سرع في اتفاق مكة … حيث قدم كل من الطرفين تنازلاته للآخر …

ولئن رأت حماس أن تتنازل عن بعض دورها القيادي الذي بوأها شعبها من خلال صندوق الاقتراع إياه مقابل تمترسها خلف المبادئ والثوابت التي فازت على أساسها … فلقد كان مقبولا على فتح أن تبقى في القيادة ” وهي التي لم تغادرها ” بالشكل الذي رسمه اتفاق مكة ….

هل يمكن أن يرفع الحصار … ويعترف بنا … دون الاستجابة لمطالب الرباعية أو ما يسمونه زورا ” الشرعية الدولية ” …. هذا هو الرهان… وفي تقديري إن ذلك ممكن تماما مع قليل من الصبر والحكمة … ولذلك فاني أرى أن اتفاق مكة لم يكن إنجازا لمجرد أنه حقن دم الأشقاء وأنهى حالة الاحتقان فحسب، وهو أمر كاف وحده أن يجعل منه إنجازا عظيما ولكني أرى الاتفاق :_

أولا :_ تصحيحا للأخطاء التاريخية التي تمثلت بالتنازل والاعتراف مقابل الحصول على الشرعية لنطالب بعد كل تراجع وتنازل بتراجع جديد يثبت مصداقيتنا في تراجعنا السابق مقابل السراب !!

ثانيا :_ تغيير قواعد اللعبة السياسية ، ولغة الخطاب السياسي مع المجتمع الدولي ، فنحن أصحاب حق ، إن كنتم تبحثون عن الاستقرار لمصالحكم وأنفسكم فساهموا في أن نأخذ حقنا أو قفوا جانبا … فإن الحقوق لا تستجدى ولا تمنح إنما تؤخذ أخذا … وهذا ما سنفعله بوحدتنا وصمودنا … فإما أن تكونوا مع حقنا أو تختاروا العزلة … وعدم الاستقرار .

ثالثا :_ رفع السقف السياسي الفلسطيني ، فلقد قدم الفلسطينيون الكثير من التنازلات المجانية دون مقابل . وقد آن الأوان أن يطالب المحتل بإعادة الحق لأصحابه … ولئن كانت معادلة الماضي : اعتراف وتنازل = قبول وشرعية واستعداد لتفاوض بلا نهاية … فإنها تصبح اليوم : لا اعتراف ولا تنازل إنما حقنا ومطالبنا العادلة وبعدها لكل حادث حديث ، وفي تقديري أن رعاية حكومة الوحدة والسعي لإنجاحها بهدف تحقيق هذه الانجازات الكبرى أمر ممكن بل هو واجب وطني سيرفد المشروع الوطني كله وسيضعنا على أبواب مرحلة جديدة تقربنا من نيل حقوقنا الوطنية .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات