الثلاثاء 06/مايو/2025

خالد مشعل.. الصلب المرن يودع رئاسة حماس

خالد مشعل.. الصلب المرن يودع رئاسة حماس

“كل أبناء الحركة يصطفون خلف هنية والقيادة الجديدة”.. جملة أوجز فيها خالد مشعل، مرحلة تكللت بالعطاء والنضوج السياسي لحركة “حماس”، عقب الإعلان عن انتخاب إسماعيل هنية، رئيسا لمكتبها السياسي.

ففي العام 1996، كان خالد مشعل، يقف أمام إخوانه من قيادات الحركة، تكليفا ليكون ثاني شخصية تتقلد رئاسة مكتبها السياسي، ليعبر بها مسارات عدة بـ”صلابة مواقفة ومرونة مهاراته القيادية” كما تصفه وسائل الإعلام.

عرف مشعل بشخصيته الكاريزمية المؤثرة، ما جعله يحظى باحترام واسع على الصعيد الفلسطيني الداخلي، والعربي والإسلامي، فضلاً عن تمتعه بعلاقات واسعة جعلته حاضرًا في الكثير من الملتقيات العربية والإسلامية رمزًا للمقاومة ومعبرًا عنها.

قاد حركة “حماس” في محطات مفصلية، انتقلت فيها من مرحلة المجموعات الصغيرة الملاحقة إلى صانعة التحرير بغزة، لتصبح أمل الجماهير التي اختارتها عام 2006 لتزاوج بين الحكم والمقاومة في تجربة استثنائية واجهت ولا تزال التحديات والصعوبات، رفضت خلالها الرضوخ والتنازل عن الثوابت، فيما تضاعفت في عهده قوة الحركة وحضورها السياسي والإعلامي والعسكري، وباتت ليس أمل الفلسطينيين فحسب؛ بل ملهمة للأمة في الحرية والنضال.

ورغم تعقيدات المحطات، نجح مشعل في العبور بالحركة عبر متاهات المحاور بعيدًا عن الاصطفافات الطائفية والسياسية، لتبقى “حماس” حركة تحرر وطني فلسطيني إسلامية ليست في جيب أحد.

من هو خالد مشعل؟
خالد عبد الرحيم إسماعيل عبد القادر مشعل “أبو الوليد” مواليد 28 مايو/أيار 1956 من قرية سلواد قضاء رام الله.

تربى مشعل في كنف والده الحاج عبد الرحيم (توفي في أيلول 2016) الذي شارك مع تلاميذ الشيخ عز الدين القسام ومع الشهيد عبد القادر الحسيني، في مقاومة الانتداب البريطاني وفي ثورة 1936م، ما ترك بصمات واضحة على عقله ووجدانه، فغرست الروح الوطنية والجهادية في نفسه مبكرا، فيما انعكس تدين العائلة على التزامه منذ وقت مبكر.

وهاجر مع أسرته ف عام 1967 إلى الكويت، وبقي هناك حتى اندلاع أزمة الخليج عام 1990.

تأثر بمناخ الثورة الفلسطينية في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، وعايش تفاعل الساحة الكويتية والجالية الفلسطينية فيها مع العمل الفدائي خاصة في ظل تَردُد عدد من قيادات الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم ياسر عرفات وصلاح خلف وجورج حبش وخالد الحسن وغيرهم من قادة الثورة على الكويت.

كاد أن يغادر مقاعد الدراسة للالتحاق بالعمل الفدائي، لكن تفوقه الدراسي كان يدفعه إلى التأجيل لاعتقاده بأن التحصيل العلمي سيساعده لاحقاً على أداء دوره الوطني والنضالي بكفاءة أفضل.

التحصيل العلمي
درس مشعل الابتدائية في سلواد، وأكمل تعليمه الإعدادي والثانوي والجامعي في الكويت، بينما حصل على بكالوريوس فيزياء من جامعة الكويت عام 1978.

ومشعل متزوج منذ عام 1981م، ولديه سبعة أبناء، ثلاث إناث وأربعة ذكور .

المحطات العملية والسياسية
تأثر بدعوة الإخوان المسلمين عندما كان طالبا في ثانوية عبد الله السالم في الكويت، وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين الفلسطينيين عام 1971.

قاد التيار الإسلامي الفلسطيني في جامعة الكويت، وشارك عام 1977م في تأسيس قائمة الحق الإسلامية وكان أول رئيس لها، وهي التي نافست قوائم حركة فتح على قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين في جامعة الكويت، وسرعان ما تحولت بعد ثلاث سنوات إلى ما عرِف بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين.

عمل مدرساً للفيزياء في مدارس الكويت حتى عام 1984م، حيث تفرغ بعدها للعمل في خدمة القضية الفلسطينية، وفي بناء لجان ومؤسسات متعددة للعمل الوطني الفلسطيني والتي كانت النواة لإنشاء حركة “حماس” بعد ذلك.

المساهمة في تأسيس “حماس”
يعد أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تأسست في ثلاث مناطق: غزة، والضفة، والخارج (الكويت بصورة خاصة).

بعد أزمة الخليج عام 1990 غادر الكويت إلى الأردن وبقي هناك حتى إبعاده عام 1999.

و كان عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس منذ تأسيسه، وانتخب رئيساً له في عام 1996 واستمر فيه حتى اليوم 6 مايو / أيار 2017.

توجه مشعل لمغادرة موقع رئاسة المكتب السياسي لحماس؛ لإفساح المجال للتداول على رأس الحركة الإسلامية ليس جديدًا، فقد أصر خلال الدورة الانتخابية السابقة لحماس عام 2013 على مغادرة موقعه؛ بيد أن إلحاح قيادة الحركة عليه ومحبيها، دفعه للاستمرار في ظل حساسية تلك المرحلة.

محاولة الاغتيال
تعرض مشعل لمحاولة اغتيال فاشلة يوم 25/9/1997، في العاصمة الأردنية عمان على أيدي عميلين للموساد “الإسرائيلي”، وعلى إثرها، وفي ظل ضغط الملك حسين اضطرت “إسرائيل” إلى إحضار مصل العلاج من السم الذي استعملته في المحاولة، والإفراج عن الشيخ أحمد ياسين الذي كان محكوما عليه بالسجن مدى الحياة مقابل إطلاق سراح العميلين، وهو ما تمَّ بالفعل.

و في 22 سبتمبر 1999م، اعتقلته السلطات الأردنية وعدداً من قيادات الحركة، بعد قرار إغلاق مكاتب “حماس” في الأردن، وأبعدته عن أراضيها مع ثلاثة آخرين من قيادات الحركة، (إبراهيم غوشة-سامي خاطر-عزت الرشق) إلى العاصمة القطرية الدوحة في 21 نوفمبر 1999م، حيث أقام فيها حتى بداية عام 2001م.

في سوريا
انتقل مشعل بعدها إلى سوريا وأقام فيها قرابة أحد عشر عاما، ومن هناك واصل قيادته للحركة في مرحلة زاخرة بالأحداث والتطورات، خاصة الانتفاضة الثانية عام 2000م، وتطور المقاومة بأشكالها وأدواتها، وتحرير غزة عام 2005م، وفوز الحركة في الانتخابات التشريعية عام 2006م، ومعركة الفرقان 2008-2009م، كما واصل مسؤوليته في ترسيخ العمل الوطني المشترك عبر تحالف القوى الفلسطينية، ومن خلال التحرك مع مختلف الفصائل والشخصيات الوطنية والإسلامية: نضاليا وسياسيا وجماهيريا وحول مختلف ملفات القضية وهموم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

و حصل في دمشق على إجازة في القرآن الكريم من الشيخ عبد الهادي الطباع بسند متصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم برواية حفص عن عاصم، في شهر ذي الحجة عام 2007م ثم أجازه الشيخ بكري الطرابيشي، شيخ عبد الهادي الطباع، ثم أجازه شيخ قراء الشام الشيخ كريم راجح، وبعد ذلك أتم حفظ القرآن الكريم كاملا في (ذكرى غزوة بدر) 17رمضان عام 2010م.

وإثر تعقيدات الوضع في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية، غادر مشعل دمشق في يناير 2012 إلى الدوحة، حيث أقام فيها حتى الآن.

زيارة تاريخية إلى غزة
وأتاح انتصار المقاومة بغزة في معركة حجارة السجيل عام 2012، وصول مشعل صباح الجمعة 7/12/2012 على رأس وفد من قادة الحركة في الخارج، إلى غزة، في زيارة تاريخية هي الأولى له من نوعها، عبر معبر رفح البري مع مصر، وسط استقبال رسمي وفصائلي وشعبي حافل على مدار أيام الزيارة الثلاثة.

برز دور مشعل في بناء ونسج العلاقات السياسية لحركة “حماس” فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، مع القادة والحكومات والمنظمات والهيئات، وفي صياغة وتطوير الفكر السياسي للحركة، وتكريس ملامحه في الوسطية والانفتاح والحوار والتسامح والوحدة الوطنية والشراكة مع الآخرين، مع التمسك بالثوابت والحقوق الوطنية، والتأكيد الدائم على حق الشعب الفلسطيني في أرضه وقدسه وفي مقاومة الاحتلال، وذلك عبر مختلف المنابر والمحافل الوطنية والإقليمية والدولية.

يغادر مشعل منصبه، معطيا نموذجًا مشرفا يكاد يكون نادرًا في الحركات الفلسطينية والعربية، إذ يغادر الموقع الأول لأهم حركة فلسطينية، وهو في أوج عطائه، التزامًا باللوائح، وحرصًا على تكريس التجربة الديمقراطية وتحقيق التداول على القيادة، وسط تأكيدات أنه لن يغادر موقع العطاء والتضحية في الحركة من أجل فلسطين وتحريرها من دنس الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...