الأحد 20/أكتوبر/2024

معبر رفح .. عالقون في إنجازات التفاوض

معبر رفح .. عالقون في إنجازات التفاوض

 

إغلاق معبر رفح لشهور متواصلة، في وجه الداخلين إلى القطاع والخارجين منه؛ هو قرار صهيوني لتأزيم الموقف بالنسبة لعشرات الألوف من الأسر المتضررة مباشرة. فعلى جانبي هذا “المعبر”، الذي ليس له من اسمه نصيب؛ تبلغ المعاناة مبلَغها، خاصة بالنسبة لحشود الأطفال والنساء، وجموع المرضى والعجزة. وفي سياق تلك المعاناة كان على عدد من هؤلاء العالقين أن يدفعوا حياتَهم ثمناً للانتظار الطويل، دون أن يلتفت العالم لهذه المأساة المتجددة.

قصبة الحياة الوحيدة لقطاع غزة المكتظ؛ توجز في ذاتها وجهاً سافراً من وجوه المعاناة التي يتكبدها المليون ونصف المليون فلسطيني. كما أنّ أولئك العالقين في السجنِ الكبير (قطاع غزة) الذي بات مُوصَداً بإحكام، هم الشهادة الحية على الحصاد المرّ الذي يتجرعه الفلسطينيون من إرث التيه التفاوضي.

فالحالة الماثلة عند بوابة القطاع الوحيدة إلى العالم؛ ترسم في الأفقِ الفلسطيني تساؤلات شائكة. فما يجري هو مآل طبيعي لاتفاقية المعابر التي وقعها مسؤولون فلسطينيون قبل أقل من سنة مع الجانب الاحتلالي. إنها الحلقة الأخيرة من سلسلة الاتفاقيات المجحفة، والتي حظيت هي الأخرى بامتداح قيادات السلطة الفلسطينية آنذاك لها باعتبارها “إنجازاً” أمكن انتزاعه.

المسؤولون الفلسطينيون عن تصميم هذه الأوضاع المأساوية، التي يقاسي فصولََها المريرة الأطفالُ والنساء والشيوخ؛ لم يخضعوا لمساءلة تذكر، وتصرّفوا بمعزل عن شعبهم الذي يبقى هو المعني مباشرة بما جرى إبرامه من اتفاقيات وترتيبات خلف أبواب موصدة.

“إنجازات” التسوية السياسية ما زالت تلقي بمضاعفاتها الكارثية على مجمل الشعب الفلسطيني، وإذا كان منفذ العبور بات سداً مُغلقاً؛ فإنّ مطارَ غزةَ الدولي تحوّل منذ سنين إلى باحة مجرّدة من الطائرات، في ما الميناء البحريّ ظلّ وعوداً جافة على أوراق مهترئة.

اتفاقات التسوية الغابرة تحوّلت إلى مصائد للمواطنين الفلسطينيين، وإلى كبح لفرصهم اللائقة في الحياة. وليست الاتفاقات الاقتصادية استثناء من ذلك، وهي التي انقلبت إلى هيمنة شاملة على غذائهم ودوائهم، أما الاتفاقات التي أُبرمت بشأن الموارد والمياه والكهرباء؛ فقد باتت أسوأَ ما عرفته تجارب التفاوضِ على الإطلاق.

ولا ريب أنّ إغلاق معبر رفح، هو حلقة إضافية من مسلسل حصار الحكومة الفلسطينية المنتخبة، وتضييق الخناق على تجربتها التي تسير في حقل الأشواك. إنه إيصاد لفرص التواصل مع العالم، وقطع للسبل البديلة التي سلكتها الحكومة لتأمين رواتب الموظفين والمعلمين.

وفي ظلال ذلك كله؛ يكتشف الجميع اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أنّ “إنجازات” الأمس المزعومة ما هي إلا إخفاقات يدفع المواطنون الفلسطينيون ثمنها الباهظ. والعالقون على جانبي رفح هم بعضٌ من شهود العيان على أنّ بوابةَ الأمل الوهمي التي بشّرت بها وعود التسوية واتفاقاتها؛ قد أُوصدت بالكامل، وأُحكم إغلاقها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات