في رمضان: الخليل تواجه الحصار بمزيد من التكافل
هلّ شهر رمضان المبارك هذا العام على المواطنين الفلسطينيين في مدينة الخليل (جنوبي الضفة الغربية)، كما هو الحال في باقي المدن الفلسطينية، وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية وتراكمت أعباؤها، سواء المرتبطة بالبطالة أو الحصار الاقتصادي الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني عقاباً على خياره الديمقراطي.
فقد جاء رمضان لهذا العام مصحوباً بارتفاع معدلات الفقر، وتراجع مستويات الاقتصاد في القطاع الخاص بشكل عام، ليجعل ذلك كله لمعنى الصبر في رمضان ودروسه مغزى عميقاً، فيما يستشعر الجميع كم تؤثر هذه الأوضاع على مشاعر الابتهاج بالشهر الفضيل التي كانت تغمر الخليل في هذا الموسم من كل عام.
ويؤكد جلال مخارزه، رئيس غرفة تجارة جنوب الخليل، أنّ “المشكلة الاقتصادية التي نعاني منها لا تحتاج إلى تحليل اقتصادي عميق، فالمؤشرات الاقتصادية تدل دلالة واضحة على أنّ المجتمع الفلسطيني يمر في مرحلة من أصعب المراحل التي مرّت بتاريخه”.
ويرى مخارزه أنّ الحصار الصهيوني المشدّد على القرى والبلدات الفلسطينية من جهة، والحصار الدولي الجائر من جهة أخرى، وصعوبة انتقال المواد سواء الغذائية منها أو الملابس، وزيادة تكاليف نقلها؛ كل هذا يزيد من أعباء المواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود منهم.
ويلفت جلال مخارزه الانتباه إلى أوضاع المواطنين في هذه الظروف فيقول “كيف بالموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم وهم فئة مثقلة بالديون في معظم الأحيان، وهذا ينعكس أيضاً على وضع التاجر الذي يحاول دائماً الحفاظ على زبونه والتضامن معه، لذا فإنّ المشكلة متفاعلة وتنعكس على جميع شرائح الشعب الفلسطيني”، حسب شرحه.
ومع ذلك؛ يشير مخارزه إلى أنّ رمضان هو “شهر فضيل وشهر خير”، حيث التواصل بين شرائح المجتمع، وبالتالي “يتم في هذا الشهر إعادة توزيع بعض موارد الخير التي تساعد الشرائح الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة، وتقوية هذه الشرائح بزيادة قدرتها على الشراء يوفر حركة اقتصادية نشطه لبقية القطاعات”، مناشداً التجار الالتزام بالأسعار المعقولة لتشجيع الناس على الشراء، حيث أنّ “المرونة السعرية إذا واكبها تخفيض بالسعر؛ تؤدي بالضرورة إلى زيادة الأرباح بشكل عام”، وفق تأكيده.
وقد ألقت حالة الكساد في أسواق مدينة الخليل بظلالها على طقوس استقبال هذا الشهر الكريم ومظاهره، فبدت علامات الحزن والقلق على الوجوه، لعدم قدرة الغالبية العظمى من شرائح المجتمع على تدبير احتياجات الشهر ومستلزماته.
ولا يخفي هشام جاد الله، الموظف في سلطة الأراضي، قلقه من هذا الحال، قائلاً إنّ “الأمور صعبة جداً”ـ وموضحاً أنّ لديه ستة أبناء، منهم خمسة في المدارس، فيما الديون تراكمت عليه حتى أنه لم يعد يستطيع تسديد فواتيره.
وليس الموظفون هم وحدهم من يعاني الضائقة الاقتصادية لعدم صرف رواتبهم منذ سبعة أشهر، وإنما التجار أيضاً يشتكون من قلة المشترين لبضائع متكدسة في محلاتهم التجارية.
ويقول التاجر الحاج عبد الرؤوف شاور، إنّ الأسواق تشهد كساداً وركوداً تجارياً ملموساً، لم يسبق له مثيل، موضحاً أنّ “هذا ناتج عن الظروف التي نعيشها مثل عدم صرف الرواتب”. ويشير الحاج شاور إلى أنّ القوة الشرائية للمواطنين في المدينة “ضعيفة جداً، بل مشلولة”، إذ أنّ الغالبية العظمي من المواطنين يقبلون على المحلات التجارية “للفرجة، فالمفلس يمر من السوق مسرعاً، والمواطنون لا يشترون إلا اليسير فقط”.
أما الحاج هاشم النتشه، رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل، فيوضح أنّ الوضع الاقتصادي في الخليل “لا يخفى على أحد، فهي كغيرها من مدن الضفة والقطاع، وذلك لأسباب وأمور، منها تأخير صرف الرواتب للموظفين وهذا يؤثر على التجار، مما أدى إلى عجز في المبيعات والديون، وهذا انعكس وأثّر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني”.
ومع هذه الملابسات المتضافرة؛ فإنه، وكما في كل عام، يتزايد الإقبال على خيار التكافل الاجتماعي من خلال فاعلي الخير والجمعيات الخيرية وعموم المواطنين في الخليل والبلدات المحيطة بها. بل أقدم أكثر من مواطن فلسطيني على بيع أرضه ليوزع جزءاً من ثمنها على جيرانه المعوزين، وعمد آخرون إلى استقطاع جزء من مبلغ ظلوا يدخرونه فترة طويلة لسد احتياجات بعض من أهالي قراهم.
يُشار إلى أنّ مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، كان حذّر مؤخراً من أنّ اقتصاد الضفة والقطاع بات على حافة الانهيار، مؤكداً أنّ تقلّص الدعم المقدم من الجهات المانحة قد ترك السلطة الفلسطينية في وضع مالي خطير.
وتوقعت الهيئة ذاتها أن تتراجع أحوال أسرتين من كل 3 أسر فلسطينية إلى ما دون خط الفقر، داعياً إلى زيادة الدعم المقدم من الجهات المانحة، وإلى إتاحة المزيد من الخيارات للمسؤولين عن رسم السياسات العامة الفلسطينية، كما ذكرت الهيئة الأممية.
وقدّر “الأونكتاد” أن يبلغ دخل الفرد الفلسطيني في الضفة والقطاع في عام 2006 الحالي، نصف مستوياته السابقة لعام 2000، وأن تطال البطالة نصف قوة العمل الفلسطينية بحلول نهاية العام الجاري، وذلك كله بمفعول حصار جائر يساوم المواطنين الفلسطينيين على قوتهم اليومي وخبز عيالهم، لدفعهم للإقرار بالاحتلال والاعتراف باغتصابه والتنازل عن حقوقهم.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...