الخميس 08/مايو/2025

المصالحة وتهديد نتنياهو

المصالحة وتهديد نتنياهو

الاتفاق الأخير وقعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في الدوحة، والذي نص في أهم جوانبه على تشكيل حكومة وفاق برئاسة الأول، تضم وزراء من المستقلين، وخطوات تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وهيكلتها، والانتخابات التشريعية والرئاسية، وضع الكثير من النقاط على الحروف، لكنه سيظل حبراً على ورق ما لم ينفذ بشكل سريع وفعال، وما لم يتجاهل القادة الفلسطينيون محاولات التخريب والتشويش “الإسرائيلية” المعتادة، ويلموا شمل التناقضات الداخلية الفلسطينية، خصوصاً أن أية عملية مصالحة تحتاج إلى إجماع لدعمها وإنجاحها.

 “إعلان الدوحة” الذي وقعه الطرفان الاثنين الماضي، أكد الاستمرار بخطوات تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتشكيل حكومة توافق من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة عباس مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بإعمار غزة.

في غزة أنباء عن تململ وعدم رضا في صفوف قياديين في “حماس” سارعت الحركة إلى نفيه، وحملت التصريحات أيضاً إشارة واضحة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى دعمها المصالحة، وتنبيهاً إلى أن القانون لا يسمح لرئيس السلطة الفلسطينية بترؤس أية حكومة، ولقي الاتفاق بشكل عام ترحيباً فلسطينياً.

لكن الواقع الفلسطيني يفرض حقائق لا يمكن لأحد تجاوزها، تتمثل في أن الشأن الفلسطيني، ليس مسألة داخلية، يضع معالمها وحلول أزماتها الفلسطينيون وحسب، بل يتعدى ذلك إلى حالة تدويل مصغّرة، بسبب ارتباطه العضوي بالمعركة مع الاحتلال “الإسرائيلي”، ومسيرة التسوية العالقة في فخ الجمود المزمن، وانحياز القوة الأمريكية العظمى الكامل إلى الكيان.

الموقف الأمريكي الضمني من الإعلان الفلسطيني التوافقي لن يخرج بأي شكل عن حدود الموقف “الإسرائيلي”، الذي سارع رئيس وزراء الكيان إلى الهجوم عليه، في محاولة لإفشاله، من خلال وضع السلطة الفلسطينية أمام أحد خيارين، “إما حلفها مع حماس وإما السلام مع “إسرائيل”، وحماس والسلام لا يسيران مع بعضهما البعض”، حسب بيان لمكتب نتنياهو.

ولو تعلمون عن أي “سلام” يتحدث بنيامين نتنياهو، إنه يعتبر حسب بيانه “اللقاءات الاستكشافية” التي عقدت الشهر الماضي، بين مفاوضين فلسطينيين و”إسرائيليين”، والتي لم تسفر إلا عن نتيجة واحدة أشرنا إليها مسبقاً، تتمثل في توظيف الكيان لمشاركته في اللقاءات، لإطلاق حملة دعاية عالمية تظهره “مهتماً” بالتسوية، وتمهّد لقبول اتهاماته للفلسطينيين، في حال أقدموا على أية خطوة ضد مصلحة الكيان، “جهوداً حثيثة لدفع عملية السلام”. وكأن وضع اللاءات ورفض مطالب الحد الأدنى الفلسطينية، يحمل “شحنة موجبة”، تقابلها “سلبية” الفلسطينيين، و”تعنتهم” في مطالبهم، و”إفشالهم” بالتالي فرص العودة إلى مسار التسوية، حسب الرؤية والنموذج “الإسرائيليين”.

نتنياهو هدّد وتوعّد، وأطلق اتهاماته الجاهزة، و”خيّر” الرئيس الفلسطيني، واضعاً في كفة الميزان مسيرة تسوية نسفها وسابقوه من أساساتها، من خلال العدوان الحربي، وتفشي الورم الاستعماري الخبيث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصاعد حدة التهويد وسرقة التاريخ، وغير ذلك كثير، وفي الكفة الأخرى المصالحة الفلسطينية التي اعتبرها “حلفاً” مع حماس.

المطلوب فلسطينياً بلا شك، عدم إعارة هذا الموتور الموغل في الدم الفلسطيني، أي انتباه أو أهمية، والمضي في ما اتفق عليه، والعمل الجاد على إنجاحه، وإنهاء الانقسام الطويل، كونه يشكل أفظع الكوابيس للكيان، المستفيد من حالة التشظي والانقسام الفلسطيني، في فرض الوقائع على الأرض، ووضع الشروط، وإطلاق التهديدات.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات