حماس واغتيال مازن فقهاء
لا يختلف كثيرون على أنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبعد اغتيال القيادي البارز فيها، مازن فقهاء، عبر عملية أمنية لم تنكشف كثير من خيوطها حتى الساعة، وفي ظلّ التداعيات التي أعقبت العملية، ملزمة بشكل أو بآخر أن تقول كلمتها في هذه الجولة، إن لم يكن لكسب النقاط، فلوقف خسارتها على الأقل، لا نقول هنا مصطلح “الرد” إلا لتسهيل الحديث، فمثل هذا المستوى اللغوي في توصيف الأمور يعطي انطباعات خاطئة عن حقيقتها، ذلك أنّ ثمّة فرقا شاسعا بين قدرات الطرفين لا يصح معه بحال أن يتم الجمع بينهما على صعيد واحد، أحدهما يسدّد ضربته والآخر يرد عليها.
مع ذلك، تبقى حركة حماس مطالبة بعدم السماح لما جرى أن يمر من دون أن يكون لها كلمة لاعتبارات متعدّدة، تبدأ وبشكل أساسي من رغبتها في الحفاظ على الاستقرار الأمني في قطاع غزة، والذي تعتبره “حماس” الإنجاز الأبرز الذي تستهل به حديثها عن نجاح تجربتها في الحكم. ومن يتابع تصريحات قيادات الحركة بعد الحادثة، يلاحظ بوضوح أنّ التأكيد على ضبط الحالة الأمنية في القطاع هو العامل المشترك بين غالبية التصريحات، إلى جانب ذلك، هناك اعتباراتٌ تتعلق بضرورة إجبار الطرف الإسرائيلي على الالتزام بقواعد الاشتباك التي أقرّت بعد حرب 2014.
تعلم حركة حماس أنّ صمتها سيدفع “إسرائيل” إلى التمادي، وتجربة الرد الإسرائيلي على الصواريخ المجهولة النسب المنطلقة من القطاع لا زالت حاضرة في أذهان قيادة الحركة، فالصمت أدى إلى تزايد الغارات الإسرائيلية وصولاً إلى نقطة وجدت فيها الحركة نفسها ملزمة بتوجيه تهديدات شديدة اللهجة بأنّ صمتها لن يستمر طويلاً، ما دفع وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان، إثر هذه التهديدات، ليخرج ويؤكد أنّ طبيعة الرد وحجمه قد تغيّر، وسيكون خاضعا للتقييم، ولن يكون بمستوى واحد.
يضاف إلى هذه الاعتبارات التي تجعل من الرد على اغتيال فقهاء، من الضرورات لدى حركة حماس؛ هو خشيتها من أن يلحق الحدث الضرر بالمنظومة التي سعى فقهاء ورفاقه من مبعدي صفقة شاليط إلى غزة لبناء ومراكمة قواها في الضفة الغربية، هذا المشروع الذي لا يقلّ في أهميته الاستراتيجية عن أيّ عنصر من عناصر رؤية حركة حماس ومشروعها المقاوم، بل قد يتفوّق في أهميته على ما سواه من عناصر.
في ظلّ هذه الاعتبارات وغيرها، يصبح من البديهي أن نرى رداً لحركة حماس على هذه الجريمة، بغض النظر عن طبيعة هذا الرد ومكانه وحجمه، ولكن ما تمرّ به المنطقة من متغيّرات يجب أن يدفع الحركة للتفكير جيداً في خياراتها.
حراك الإدارة الأميركية بشأن القضية الفلسطينية، والذي يكتنفه درجة عالية من الضبابية، تحت عنوان “صفقة ترمب” يضع الجميع في موضع الترّقب والانتظار.
هناك اعتقاد أنّ ثمّة صفقة إقليمية يتم التحضير لها، بدأ دخانها يتصاعد بشكل فعلي مع تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية عن أفكار جديدة لحل القضية الفلسطينية.
لاحقاً تحدّث رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”، آلوف بن، عن مفترق طرق يواجه نتنياهو بين التعاطي مع متطلبات ترمب وطبخة السلام الإقليمي التي يعدّ لها، وبين إرضاء النهم الاستيطاني لشركائه في الائتلاف الحكومي، وعلى رأسهم نفتالي بينيت.
هذا المفترق بدأت معالمه بالاتضاح مع أول امتعاض، وإن كان بشكل متحفظ، تبديه الإدارة الأميركية الجديدة إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية مصادرة أراضٍ في الضفة الغربية لصالح إنشاء مستوطنة جديدة بديلة عن مستوطنة عمونا.
هذه الرغبة الترمبية في إغلاق هذا الملف، يثير قلقا حقيقيا لدى نتنياهو، ويجعل الخيارات مفتوحة أمامه للتهرّب من استحقاقات صفقة ترمب الموعودة بما في ذلك المواجهة مع قطاع غزة، والتي ربما يسعى إلى استجلابها وما يستتبع ذلك من بعثرة للأوراق وشراء مزيد من الوقت.
تستلزم هذه الجزئية بالتحديد التفكير الجاد من حركة حماس، وأن توازن بين مختلف عناصر المشهد، فتوّجه ردها مدفوعة باعتباراتها على اغتيال فقهاء، ولكن تتلاشى في الوقت نفسه ألغام نتنياهو وألاعيبه السياسية.
المصدر: العربي الجديد
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
“أطباء بلا حدود” تتهم سلطات الاحتلال بارتكاب مجازر شاملة في غزة
عمّان - المركز الفلسطيني للإعلام دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف "قتل المدنيين العشوائي" في غزة وتسهيل إيصال...
حماس: عملية الخضيرة تؤكد أن جذوة المقاومة لن تنطفئ
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية " حماس" أن عملية الطعن "البطولية" في مدينة الخضيرة المحتلة، تعد "رسالة بليغة مفادها أن...
نادي الأسير: مشاهد تعذيب أسرى عوفر تهدف للمس بالوعي الجمعي الفلسطيني
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قال نادي الأسير الفلسطيني، إن سجون الاحتلال الإسرائيليّ تواصل بث المزيد من الفيديوهات والصور للتّنكيل بالأسرى...
حماس: مشاهد تعذيب أسرى بسجن عوفر محاولة فاشلة لمسح فشل الاحتلال
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن نشر سلطات الاحتلال الإسرائيلي "مشاهد صادمة" لعمليات اعتداء وتنكيل بحق الأسرى الفلسطينيين بالتزامن...
ساري عرابي: طوفان الأقصى أنقذ القضية الفلسطينية من التصفية
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن معركة طوفان الأقصى أحدثت بلا شك خلخلة في الوضع القائم الذي كان يسبق هذه...
إصابة 8 إسرائيليين بعملية طعن في تل أبيب وتضارب حول مصير المنفذ
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 8 إسرائيليين في عملية طعن، اليوم الأربعاء، وقعت في مدينة الخضيرة شمال تل أبيب، وسط تضارب حول مصير منفذ...
غوتيريش محذراً: غزة تعيش أزمات ولبنان على شفا حرب شاملة
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن لبنان على شفا حرب شاملة بسبب التصعيد الإسرائيلي، مؤكدا...