حول الحكومة الفلسطينية وما بعد تشكيلها
![حول الحكومة الفلسطينية وما بعد تشكيلها حول الحكومة الفلسطينية وما بعد تشكيلها](https://palinfo.com/wp-content/uploads/models/404.jpg)
صحيفة الشرق القطرية
تابعنا مقدمات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية من اتفاق مكة إلى أسابيع التشكيل وصولاً إلى جلسة الثقة، وما لفت الانتباه بالنسبة إلينا هو أن تشكيلة الحكومة، ومعها مفردات خطاب الثقة الذي تقدم به هنية كانت تشير بوضوح إلى أننا إزاء حكومة للسيد محمود عباس أكثر منها حكومة لحركة حماس، حتى لو كان على رأسها إسماعيل هنية، أحد القادة البارزين في الحركة.
معلوم أن وزير المالية هو السيد سلام فياض، وهو وإن حسب على كتلة نيابية أخرى غير فتح، إلا أنه محسوب على الرئيس الفلسطيني، وكان أيام الراحل ياسر عرفات مرتبطاً به في سياق ضغوط الأوروبيين والأمريكان من أجل تشكيل حكومة تتمتع بقدر من الاستقلالية عن الرئاسة. أما وزير الخارجية الدكتور زياد أبو عمرو، فهو لا يرتبط فقط بالرئيس، وإنما يحسب على فتح أيضاً، بدليل مشاركته في حوارات القاهرة قبل عامين ضمن وفد الحركة.
هناك أيضاً وزير الإعلام الدكتور مصطفى البرغوثي، وهو محسوب أيضاً على كتلة أخرى، لكنه يتحدث ذات لغة فتح وقيادة السلطة، ويبقى بالطبع وزير الداخلية، وهو مستقل كما يقال، لكن استقلاليته لن تنفع ما دامت الأجهزة جميعاً وقياداتها من حركة فتح، الأمر الذي غدا أكثر وضوحاً بعد تعيين محمد دحلان مستشاراً للأمن القومي، أي مسؤولاً عن الوزير من الناحية العملية. ولا حاجة إلى الإشارة إلى نائب رئيس الوزراء عزام الأحمد، الفتحاوي الأكثر شراسة في التعامل مع حماس إلى جانب دحلان. والنتيجة هي أننا إزاء حكومة فتحاوية، أقله من الناحية السياسية والمالية والإعلامية (ما الذي يبقى في حكومة سلطة من هذا النوع؟!).
ما يؤكد ذلك، إلى جانب التشكيل المشار إليه، هو خطاب الحكومة، وهنا لم نعثر في الخطاب على لغة حماس وبرنامجها، بل على لغة فتح وخطابها، إذ لم يترك خطاب الحكومة وثيقة ولا معاهدة ولا شرعية عربية ولا دولية إلا ومنحها الاعتراف أو ما يشبه الاعتراف، وإن بقي الجانب المتعلق بالاعتراف المباشر بالدولة العبرية الذي لم يقع، إلى جانب الحديث عن حق المقاومة، وهو بالتأكيد مما يذكر لحركة حماس في ضوء الضغوط المشددة عليها.
نأتي إلى الجانب المتعلق بتداعيات تشكيل الحكومة على منظومة الحصار الذي فرض على الشعب الفلسطيني منذ عام، وهنا يبدو أن الحكومة ستجد فرصة لفك الحصار، أقله بسبب اتفاق مكة وتبني الدول العربية له، فضلاً عن المواقف الأوروبية المعقولة، ويبقى الموقف الأمريكي الذي لم يجد غير تمرير الحكومة، لاسيما في ظل الحاجة إلى تهدئة الوضع الفلسطيني من أجل التفرغ للملف العراقي، ومن بعده التفرغ لاستهداف إيران، وفي العموم فإن تشكيلة الحكومة والخطاب الذي قد ساهم في جعل موقف واشنطن أكثر ليونة.
بيد أن ذلك لا يعني أن الدوائر الأوروبية وقبلها الأمريكية ستبادر إلى التعامل مع رئيس الحكومة، أو حتى وزراء حماس فيها، فقد أعلنت معظمها، بلسان الحال أو المقال، أنها لن تتعامل سوى مع الوزراء المستقلين، أو وزراء حركة فتح، وربما بعض وزراء حماس الذين يعول على تراجع مواقفهم أكثر فأكثر، فيما نعلم أن السياسة العامة التي يراها جميع الفرقاء من فتح إلى الدول العربية، إلى الأوروبيين، وحتى الأمريكان؛ ربما بموافقة إسرائيلية، هي فرض التراجع التدريجي على حركة حماس، لاسيما إذا كان هناك من بين رموزها أو المحسوبين عليها من يبشر بذلك، كما هو حال مستشار رئيس الوزراء أحمد يوسف الذي تحدث عن تحولات أيديولوجية في حماس عنوانها بحسب رأيه القناعة بإمكانية أن تحقق الحركة من خلال السياسة ما هو أفضل من المقاومة، وهو اكتشاف بائس بالطبع يتجاهل التجربة الفلسطينية برمتها خلال عقود.
على أي حال يبدو أننا إزاء مرحلة جديدة عنوانها التعامل مع حكومة الوحدة، ولكن هل يعني ذلك أن الأمور ستكون على ما يرام خلال المرحلة المقبلة، ثم ماذا عن التحولات المقبلة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة؟
ما ينبغي أن يقال ابتداءً إن قيادة السلطة وحركة فتح لن تكف عن مطاردة ثأرها والعمل بدأب من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات، وقبل ذلك إعادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الرئاسة من جديد بعد عامين، سواء في انتخابات نزيهة عادية، أو من خلال إقناع حماس بترك المنصب للرجل، لكن المساومة على المنصب لن تكون واردة بحال، لاسيما أن مرشح حماس القادر على المنافسة هو ذاته رئيس الوزراء إسماعيل هنية.
من الممكن أن ينتظر القوم حتى الانتخابات التشريعية المقبلة ليستعيدوا بضاعتهم، أكان بانتخابات نزيهة تخوضها فتح موحدة، أم من خلال بعض الفهلوة المتوقعة، هذا إذا لم يجر ترتيب محطة إقصاء أقرب في حال جرى تقليم أظافر حماس العسكرية في غزة، أكان بتقوية الحرس الرئاسي وأجهزة فتح، أم من خلال اجتياح إسرائيلي للقطاع، وما تصريحات رايس المؤكدة على دعم قوات الرئاسة، معطوفة على تعيين دحلان سوى دليل على ذلك.
نتحدث هنا عن برامج متوقعة للقوم، لكن ذلك لا يعني أنها ستتحول إلى أقدار، فهناك مسارات أخرى متوقعة في ظل الفشل المتواصل للمخططات الإسرائيلية الأمريكية، ومنها أن يذهب محمود عباس من أجل التفاوض ثم يعود بخفي حنين كما هو متوقع فتعود الانتفاضة كما كانت من قبل وتبقى حكومة الوحدة، أو تنهار السلطة برمتها، ربما بموافقة فلسطينية، أقله في الضفة الغربية.
لعلنا نميل إلى ترجيح هذا الاحتمال، وربما تمنيه في واقع الحال، فما يجري لا يمكن أن يكون مفيداً، لا للشعب الفلسطيني، ولا حتى لفتح وحماس، والقضية الفلسطينية ليست قضية رواتب ولقمة عيش حتى نرى في حكومة الوحدة التي تفك الحصار إنجازاً عظيماً بصرف النظر عن الثمن المدفوع.
أياً يكن الموقف، فإن الأفضل لحماس هو أن تبادر إلى رفض الهدنة المجانية، وإعادة الاعتبار للغة المقاومة، ولو في الحد الأدنى، أو من خلال المقاومة الشعبية، وذلك انتظاراً لوضع أفضل يسمح بالانقلاب على الوضع القائم، ومعه إفشال لعبة الدولة المؤقتة وتأبيد النزاع، التي يخطط لها الإسرائيليون ويؤيدها الأمريكان بكل وضوح.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
![مفوض الأونروا: نشهد اليوم الكارثة الفلسطينية الأكبر منذ النكبة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/models/media/images/2022/4/14/1360507906.jpg)
مفوض الأونروا: نشهد اليوم الكارثة الفلسطينية الأكبر منذ النكبة
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام صرّح مفوض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، بأنّ إسرائيل تسعى...
![الرشق: نتنياهو يراوغ لكسب الوقت ومواصلة حرب الإبادة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/04/izzat_rishiq.jpg)
الرشق: نتنياهو يراوغ لكسب الوقت ومواصلة حرب الإبادة
المركز الفلسطيني للإعلام صرّح القيادي في حركة حماس، عزت الرشق، أنّ التصريحات الإعلامية التي أدلى بها نتنياهو، أمس الأحد، تظهر حقيقة موقفه الساعي...
![حماس: ادّعاء الاحتلال استخدام مقر الأونروا لأغراضٍ عسكريةٍ كذبٌ مفضوحٌ](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/thumbs_b_c_59d9c34a1fc3e14ce56cac8a55c6e028.jpg)
حماس: ادّعاء الاحتلال استخدام مقر الأونروا لأغراضٍ عسكريةٍ كذبٌ مفضوحٌ
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن استهداف الاحتلال الفاشي لمقر وكالة الأونروا في مدينة غزة اليوم هو جريمة مركّبة...
![حزب الله يصعّد قصفه وإصابة 3 جنود إسرائيليين](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/05/hizbullah2.jpg)
حزب الله يصعّد قصفه وإصابة 3 جنود إسرائيليين
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إصابة 3 جنود بقصف من لبنان خلال الساعات الماضية، في وقت أعلن فيه حزب الله قصف عدة مواقع...
![الاحتلال يعتقل عشرات المواطنين في سلواد وكفر نعمة برام الله](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQlaiqbW4AAuQJ--1080x675.jpeg)
الاحتلال يعتقل عشرات المواطنين في سلواد وكفر نعمة برام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الاثنين، حملة اعتقالات واسعة خلال اقتحامها بلدتي سلواد شرق رام الله وكفر نعمة...
![منظمة أنقذوا الطفولة: فقدان نحو 21 ألف طفل في غزة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2023/12/141223_Rafah_BT_0038-1-1080x675.jpg)
منظمة أنقذوا الطفولة: فقدان نحو 21 ألف طفل في غزة
لندن – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت منظمة أنقذوا الطفولة البريطانية بأن تقديراتها تشير إلى فقدان نحو 21 ألف طفل في غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية على...
![عشائر غزة: نحن رديف كفاحي للفصائل وسنفشل مخططات نتنياهو](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/عشائر-فلسطينية.jpeg)
عشائر غزة: نحن رديف كفاحي للفصائل وسنفشل مخططات نتنياهو
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد مفوض العشائر الفلسطينية في قطاع غزة، أن العشائر رديف كفاحي للفصائل الفلسطينية وليست بديلاً عنها. منوهًا إلى أنهم...