نعالوة على خطى جرار.. رمز فلسطيني جديد

مع كل يوم يمر دون تمكّن الاحتلال، بأذرعه المختلفة، من الوصول إلى المطارد “أشرف نعالوة”، يسطع نجمه ويزداد تألقًا، ليتحول شيئًا فشيئًا إلى رمزٍ فلسطينيٍّ جديدٍ، يعيد الروح إلى المقاومة بالضفة المحتلة.

أخطر ما تخشاه دوائر الاحتلال المخابراتية والأمنية صناعة النموذج، والذي سيشكل مصدر إلهام لآخرين، لذلك تسعى لإنهاء ظاهرة “نعالوة” في مهدها، إلا أنها على مدار أسبوع ما تزال تجرّ أذيال الهزيمة والفشل.

الخوف من تكرار رمزية الشهيد أحمد جرار، يخيم على أداء المؤسسة الأمنية الصهيونية؛ إذ تسارع الزمن لإنهاء ظاهرة المطارد في الضفة بأسرع وقت ممكن؛ نظرًا لما يحمله هذا العامل من تأثير على السياق العام في الضفة وتشجيع حالة المقاومة.

وينظر الاحتلال لهذه النوعية من المطاردين كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، وأن تعيد الاعتبار لحالة الاشتباك مع الاحتلال، ولهذا فهو يخشى من أن يعيد “نعالوة” تكرار نموذج “المطارد المشتبك”.

عملية مباغتة
لا يوجد في حياته ما يشير إلى نشاط سياسي، بقدر ما حرّكه حب الوطن لتغيير مسار حياته بشكل مفاجئ، تاركا عمله المهني لينفذ عملية بطولية في مستوطنة بركان، أسفرت عن مقتل مستوطنين وإصابة ثالث.

فنيّ الكهرباء أشرف وليد سليمان نعالوة (23 عاما)، لم يمض على عمله في تجمع “بركان” الاستيطاني سوى أربعة أشهر، كانت كفيلة بوضع السيناريو الأمثل لعملية تدمّر وهمَ الأمن المزعوم لـ”إسرائيل”.

وتشير المصادر إلى أن “أشرف” كان يحمل تصريح عمل للمستوطنة صادرًا عن الإدارة المدنية التابعة للاحتلال، ما يعني عدم وجود ملف أمني له أو نشاط سياسي، وهذه هي السمة الغالبة لكثير من منفذي العمليات الفردية في السنوات الأخيرة؛ ما شكل عامل إرباك كبير للاحتلال.

تفاصيل العملية

ذكر موقع “والا” العبري أن “أشرف” حضر الساعة السابعة صباحًا إلى العمل، وبعدها بعدة دقائق ذهب إلى مخزن قريب، وطلب من أحد العمال قيودًا بلاستيكية، وبما أنه يعمل كهربائيًّا داخل المصنع فلم يثر ذلك شبهات حوله.

وأشار الموقع إلى أنه صعد بعدها إلى الطابق الثاني من مبنى مصنع “ألون”، وأطلق النار صوب موظفة، ثم تعارك معها، وبعدها قيّدها ثم قتلها.

وذكر أنه وبتلك اللحظة حاول موظفٌ الاقتراب من المكان فأطلق عليه صلية من سلاحه “كارلو غوستاف” محلي الصنع فأرداه قتيلًا، وأطلق النار باتجاه موظفة ثالثة فأصيبت بجراح خطرة.

وبيّن الموقع أن المعلومات الواردة أن “نعالوة” مكث في المبنى حوالي 10 دقائق منذ لحظة تنفيذ عمليته في حين ساهم صوت الآلات المرتفع بعدم سماع عمال المصنع وموظفيه صوت إطلاق النار.

وعلى الرغم من المؤشرات التي تظهرها بعض كتاباته على الفيسبوك من قبيل حديثه عن ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا أو دعوته الله لتوفيقه فيما هو مقبل عليه، وأن يتقبله، إلا أنها كانت في غالبها عامة تختلف عن كتابات مباشرة لكثير من منفذي العمليات، ولكنها تعطي انطباعًا أنه شخص رصين وغير متهور.

مواطنون من أصدقاء أشرف وجيرانه، قالوا لمراسلنا: إن أشرف شخص هادئ ومهذب، وكان يقضي غالبية وقته في العمل، كما أنه ينحدر من عائلة ميسورة الحال من الناحية المادية في ضاحية شويكة في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.

وبحسب أصدقائه؛ فإن أشرف لم يكن يعاني من أي أزمات مالية أو اجتماعية، بل على العكس ترك رفاهية الحياة لمصلحة قضية آمن بها.

كما كان لافتا أن “أشرف” استخدم قطعة كارلو محلية الصنع، وهو من الأسلحة النارية قليلة الجودة، يصنع في مخارط محلية شنّت عليها قوات الاحتلال حملة واسعة في السنوات الثلاث الأخيرة، وأغلقت مئات ورش الحدادة.