السبت 10/مايو/2025

المحكمة العليا بالضفة رهينة مزاج أجهزة أمن عباس.. ولا قوة للقضاء مع حكم بوليسي

المحكمة العليا بالضفة رهينة مزاج أجهزة أمن عباس.. ولا قوة للقضاء مع حكم بوليسي

تواصل أجهزة أمن عباس بالضفة الغربية اختطاف أكثر من 800 مختطف سياسي من عناصر حركة “حماس” وجناحها العسكري وقياداتها المحلية منذ أكثر من عامين في أعقاب الحسم العسكري بقطاع غزة، وذلك في انتهاكٍ واضحٍ للقانون الفلسطيني الذي “يجرِّم الاعتقال على خلفية الانتماء السياسي”، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتدَّ إلى رفض تنفيذ قرارات المحاكم العليا بإطلاق سراح بعض المختطفين أو الالتفاف عليها، وهو ما لوحظ مؤخرًا.

ولا تستطيع “أم صهيب” (زوج مختطف سياسي) أن تُخفي غضبها تجاه السياسة الجديدة التي تتبعها أجهزة أمن عباس بالضفة، من خلال الالتفاف على قرارات الإفراج الصادرة عن المحكمة الفلسطينية العليا؛ حيث تمكن محامٍ خاص وكَّلته العائلة -بعد طول وقت- لاستصدار قرار إفراج بحق زوجها المختطف منذ عشرة أشهر دون تهمة محددة.
 
                                               التفاف على القانون

من هنا لجأت “أم صهيب” للمحاكم بعد قرار سلام فياض رئيس “حكومة” رام الله “اللا  شرعية”، الذي أعلن إلزام أجهزة الضفة بتنفيذ قرارات الإفراج، لكنَّ المفاجأة أنه وبعدما تسلَّم زوجها متعلِّقاته وتمَّ تجهيزه للإفراج ووصل إلى بوابة السجن وكان أفراد عائلته بانتظاره؛ قامت أجهزة أمن عباس بإعادة اختطافه مباشرةً وإرجاعه إلى السجن بحجة وجود قضية جديدة!.
ورصد “المركز الفلسطيني للإعلام” إعادة اخختطاف ما يزيد عن عشرة مختطفين سياسيين خلال الأسبوعين الأخيرين بعد وصولهم إلى بوابات السجن للإفراج؛ ما يعد تجاوزًا واضحًا لقرارات المحكمة العليا، ومن بينهم: “سميح عليوي، وعلي قطناني، وأمجد ديرية، وأيمن أبو حماد، وفاروق بشتاوي، وراسم خطاب، وعبد الهادي بشكار”.
وعقَّب د. محمود الرمحي النائب عن “كتلة التغير والإصلاح” وأمين سر المجلس التشريعي على هذه السياسة بأنها ليست بالجديدة، مؤكدًا أنها بدأت منذ أكثر من خمسة شهور، حينما تمكنت مؤسسات حقوقية من استصدار قرارات إفراج لصالح عدد من مختطفي حركة “حماس” السياسيين من المحكمة العليا، لكن أجهزة أمن عباس لم تلتزم بتنفيذها.
 
                                         
   القوة هي الحاكم والجلاد

وتابع في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”: “لكن جهودًا حقوقيةً محليةً ودوليةً ضغطت على سلام فياض، داعيةً إياه لإصدار قرار يلزم أجهزة أمن الضفة بتنفيذ قرارات الإفراج واحترامها، وأُعلن ذلك على الملأ، ونحن استبشرنا خيرًا، لكنَّ التلاعب بدأ منذ ذلك ولم يتأخر؛ حيث تمَّ إطلاق سراح الصحفي مصطفى صبري، وإعادة اختطافه من أمام بوابة السجن في قلقيلية، لكن من خلال ضغوط مؤسسات أهلية وجهودها تمكنا من إطلاق سراحه، وهو ما أعطانا بارقة أمل؛ بأن يكون هناك احترام للقضاء الفلسطيني، لكن خلال الأسبوعين الماضيين هناك ظاهرة بإعادة اختطاف المفرج عنهم على بوابة السجن بعد أن يتم إبلاغهم بقرار الإفراج”.

واعتبر الرمحي ذلك “عدم احترام من أجهزة الضفة للقضاء أو القضاة وقراراتهم وحريتهم، خاصةً مع تخوفهم من قيام المحكمة العليا ببحث ملفات موظفين تم فصلهم تعسفيًّا؛ على خلفية الانتماء السياسي، ورسالة للقضاة بأن قراراتهم لا تعدو كونها حبرًا على ورق والكلمة النهائية للأجهزة”.

وأضاف: “أيضًا يبدو أن أجهزة الضفة ومع قرب المصالحة تحاول أن تعتقل أكبر قدر لاستخدامهم كورقة ضغط على حركة “حماس” من الناحية السياسية”.

                                                حكم بوليسي بحت

وحول دعوتهم لأهالي الضفة لتحديث بيانات أبنائهم المختطفين لدى أجهزة أمن عباس؛ قال الرمحي: “بما أنه لا احترام للقانون فلا داعي لاتخاذ خطوات قانونية، لكنَّ هناك خطواتٍ سياسيةً يمكن اتخاذها انطلاقًا من اتفاق المصالحة المرتقب؛ حيث يتم إعداد قوائم جديدة بأسماء المختطفين لدى أي “جهاز” وفي أي سجن؛ لكي يتم لتقديمها، ولهذا طالبنا الأهالي بتوثيق ذلك؛ حتى لا ننسى أحدًا أو تهمل قضيته، وأما من يتم رفض الإفراج عنه فسوف تقوم لجنة مختصة من مصر و”حماس” و”فتح” ومؤسسة حقوقية ببحث الأسباب والخروج بنتيجة”.

ووصف د. الرمحي ما يجري بالضفة بأنه “حكمٌ بوليسيٌّ بحت ولا مجال فيه للحكم المدني”، معتبرًا ذلك إسقاطًا لادِّعاءات فياض بحكومة تنتهج “المهنية والتكنوقراطية”، في ظل استمرار سياسة “الفصل الوظيفي” و”السلامة الأمنية”، وهي مخالفة صريحة للقانون الفلسطيني والدستور، بالإضافة إلى مواصلة اختطاف المئات على خلفية سياسية دون تقديمهم لمحاكم إلا البعض ولمحاكم عسكرية، ولا تنفذ قرارات إن صدرت.

ولفت إلى أنه خلال أحد اللقاءات مع “أبو مازن” -بصفتهم ممثلين عن رئاسة المجلس التشريعي- قدَّموا له وثيقةً لحكم صادر بحق ثلاثة أسرى محررين من “حماس” من مدينة البيرة من محكمة عسكرية فلسطينية، وتهمتهم الوحيدة هي الإخلال بأمن الوطن، “رغم أنهم لم يمضِ على إطلاق سراحهم سوى أشهر، وحكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات، بالإضافة إلى كون استئناف القرار ممنوعًا، بينما في محاكمة الاحتلال يسمح بذلك ولو شكليًّا”.

وملخَّصًا لما سبق، فإن مختطفي حركة “حماس” في سجون أجهزة أمن عباس وعوائلهم بالضفة؛ هم من يدفعون ثمن سيطرة العقل الأمني على الحياة العامة والمدنية بالضفة، وطغيان لغة القوة والسلاح على لغة القانون والحكمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات