الجمعة 09/مايو/2025

المقادمة.. فكر ووعي الثورة

محمود مرداوي

في الثامن من مارس من العام ٢٠٠٣ ودعت فلسطين أحد أهم شخصياتها الوطنية المؤثرة على المشهد الفلسطيني في إطاره الثوري، وأبرز قيادات حركة المقاومة الإسلامية حماس الشهيد الدكتور إبراهيم المقادمة، الذي مثل في حياته تجربة فريدة من نوعها نقلت الوعي الفلسطيني بالقضية فكرياً وثقافياً وجهادياً في إطار الرؤية الإسلامية والوطنية، حيث مثلت كتابات الشهيد ومحاضراته وندواته وكل مخرجاته الحركية والفكرية والثقافية وعياً متميزاً في ثوريته الصارمة مع الاحتلال، واستيعابه لتعدد الرؤى والأفكار المتعلقة في الصراع، وإدارة المجهود الجهادي على اختلاف أشكاله وتنوع زواياه في مواجهة الجراد وبيوضه.

لقد عُرف الشهيد الدكتور إبراهيم المقادمة بعلو الهمة، والأخذ بالعزيمة، وسلوك الطرق الأقصر وإن اعترض الوصول حُفر وعقبات.

لقد مثل الشهيد في الحركة الإرادة القوية، والذاكرة الحافظة للمعلومات والأسرار، فما احتفظ به الدكتور كان في متناول حركة دون غيرها، لم تنجح أدوات القمع والتنكيل الاحتلالية والسلطوية من كسر جدار الذاكرة وفك شيفرتها، وما تبقى من أسرار صعدت مع روحه الطاهرة إلى العلا.

لقد كان مفكراً ومُنظّراً لأفكاره بثقة واقتدار إلى حد تمازج سلوكه مع فكره ورؤاه، داعياً إلى الله بود ورفق ورحمةٍ، مجاهداً حاسماً يملك رؤية ومساراً واضحَين، وثراءً بالوسائل والأدوات، يعرف ما يريد، ويعرف كيف يصل، لا يحيره تعدد الخيارات والمسارات والأدوات، قراره حاسم في تحديد خياراته.

آثر العمل في داخل الحركة وإدارة الملفات الداخلية فيها على المستوى العسكري والتربوي والإعلامي والمالي، لكنه في كل المراحل أوكل وفوض من يؤدي أدواراً ومهام تتعلق بالعلاقات الوطنية والسياسية، لكن على ابتعاده وزهده فيها دائماً ما أعطى التفويض والغطاء الكامل لمن يؤديها، ولم يُسجل عليه يومًا من الأيام أن قال لمن يدير الملفات الخارجية لماذا فعلت كذا؟

لقد عكست مؤلفات الشهيد ودراساته ومقالاته في مجالات الأمن وتاريخ القضية شخصيته القوية المتمسكة بالوطن حباً جُبل بترابه عندما سال دمه شهيداً وهو يدافع عن فلسطين ويرسم معالم خارطة العودة والتحرير.

لقد كان كتاب (معالم في الطريق لتحرير فلسطين) والدراسة التي تناولت الصراع السكاني في فلسطين إبداعاً واستشرافاً مستقبلياً، حيث تقف الآن على أبواب صانع القرار الصهيوني في المستوى العسكري والسياسي كتحدٍّ من زاويتين، الأولى وجود قوى متدنية الوتيرة تحيط في دولة الاحتلال من كل جانب، تمتشق السلاح وتصدع (لن نعترف باسرائيل).

وتحد آخر أن عدد الفلسطينيين بعد سنتين سيصبح أكبر من عدد الصهاينة بكثير في ظل انتشار وتوزيع سكاني يهودي في كل شبر وفي كل مكان، القدم على القدم والأنف بالأنف.

كان الشهيد زميلًا لمليون فلسطيني في الأسر، ومثّل لهم نبراساً وقدوة، وارتقى شهيداً ليجاور الشهداء الذين سبقونا إلى العلا، ولا زال الشهيد إبراهيم المقادمة يُذكر اسمه محفوراً في وعي المقاومة وسجلات المقاومين عندما يُطلق صاروخ M75 إلى أهدافه في فلسطين كل فلسطين، حيث أنتجت وحدة التصنيع في كتائب القسام صاروخاً يُذكر الصهاينة بمعالم في الطريق لتحرير فلسطين، ويؤكد لهم أنها ليست مجرد كلمات في سطور؛ إنما صواريخ تنهمر ومقاتلون يخرجون من تحت الأرض ومن لجج البحر حتى تحرير فلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...