الجمعة 28/يونيو/2024

الكويت.. مواقف أصيلة داعمة لفلسطين ومناهضة للتطبيع

الكويت.. مواقف أصيلة داعمة لفلسطين ومناهضة للتطبيع

تستحق الكويت وسام الشجاعة ونوط الواجب وهي تكرر بصلابة فولاذية دعمها الكامل لفلسطين أرضاً وشعباً رغم سيلان نهر التطبيع مع “إسرائيل” في كثير من روافد السياسة العربية.

موقف الكويت حكومةً وشعباً الداعم لقضية فلسطين يتجاوز مرونة السياسة وحدود الدبلوماسية، وهو يغرّد بعيداً عن السرب في الشرق الأوسط رافضاً شرعية الاحتلال في كل المحطات فوق أرض فلسطين التاريخية.

في كل الأحوال، احتل الفلسطيني دور المظلوم قسراً؛ فقد تعرّض للقتل والتهجير من أرضه من عام 1948م، ولم يجد من يواسيه في محنته أكثر من الكويت حتى الآن.

تجربة الكويت في دعم فلسطين أمّارة بالفضيلة؛ فهي انطلقت من موقف عروبي وقومي انتصر لأشقاء الدين والدم والعروبة، مترجماً تقديره لفلسطين ومقدساتها بنهج سياسي ثابت يرفض عدوان “إسرائيل” واحتلالها.

آوى الفلسطيني منذ بدأت الثورة إلى ركن شديد؛ فنشط فوق أرض الكويت قادة العمل الوطني الفلسطيني من الفصائل الفلسطينية كافة التي لاقت الدعم المالي والسياسي.

وترفض الكويت أشكال التطبيع كافة مع “إسرائيل” وتفرض عقوبات على كل من يسلك دروبه حتى ولو فرديًّا، في موقف سياسي وأدبي يبدي التزاماً كاملاً بدعم قضية فلسطين.

دعم تاريخي

خلافاً عن بقية الأقطار من حول فلسطين المحتلة، وجهت الكويت أحصنتها السياسية كافة لنصرة قضية فلسطين؛ فواصلت دعماً سياسيًّا ودبلوماسيًّا وماليًّا وإنسانيًّا في مراحل لم يجد الفلسطيني من يشدّ به الحزام غيرها.

بدأت العلاقات الرسمية بين فلسطين والكويت البلدين، عقب إرسال الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس عام 1936 م بعثة فلسطينية لتعليم أبناء الكويت؛ ضمت الطلائع الأولى من المدرّسين الفلسطينيين استمرت لسنوات.

وبينما كان رفض معظم الدول العربية لواقع “إسرائيل” رماديًّا بإيقاع هابط، كانت الكويت تسبقهم مصرّحةً برفضها لجرائم “إسرائيل” بحق الأرض والإنسان في فلسطين.

بعد نكبة فلسطين عام 1948م تدفق الفلسطينيون إلى الكويت عبر الأردن، ومصر، والعراق، وعمل آلاف الفلسطينيين فوق أرض الكويت الشقيق، وما بين عامي 1967 و1975م كانت الكويت أبرز البلاد المستقبلة للفلسطينيين الباحثين عن العمل.

ويؤكد طلال عوكل، المحلل السياسي، أن قادة العمل الوطني الفلسطيني انطلقوا من الكويت وقطر، وحركة القوميين العرب كان لها عمل سياسي وفرع دائم في الكويت.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بعد انطلاق الثورة الفلسطينية قدمت الكويت لها دعماً ماليًّا وسياسيًّا ودعمت قرارات القيادات السياسية الفلسطينية”.

ووصل عدد الفلسطينيين الذين تقلد كثير منهم مناصب رفيعة في الكويت حتى عام 1991م قرابة 400 ألف نسمة من أصل مليونين سكنوا الكويت، نصفهم ولد وعاش هناك.

تضررت العلاقة بين الكويت ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد غزو العراق للكويت، لكن الكويت ما لبثت أن استعادت دورها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية في المحافل العربية والدولية كافة.

ويقول يحيى موسى العبادسة النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، إن معظم القيادات الثورية والوطنية التاريخية تخرجت من أرض الكويت، وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات، والقائد أبو جهاد.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “شكلت الكويت حاضنة تاريخية للعمل الوطني الفلسطيني في فترات تاريخية، واستمرت في هذا الدور، وشعبنا له علاقة خاصة بالشعب الكويتي”.

لا أحد ينسى كيف طرد “مرزوق الغانم” رئيس مجلس الأمة الكويتي، عام 2017م رئيس الوفد الإسرائيلي من المؤتمر الـ137 للاتحاد البرلماني الدولي، في مدينة “سانت بطرسبورغ” الروسية.

يومها قال الغانم في كلمته: “ما تمارسه سلطات الاحتلال هو إرهاب الدولة، وينطبق على هذا الغاصب المثل القائل: إن لم تستح فاصنع ما شئت.. عليك أيها المحتل الغاصب أن تحمل حقائبك وتخرج”.

رفض التطبيع

أصاخت الكويت السمع للفلسطيني في المراحل السياسية كافة، وحين انطلق قطار التطبيع رفضته من المحطة الأولى؛ لأنها تعلم أن طريقه يتخطى عدالة قضية فلسطين.

قبيل رحيل “نتنياهو” رئيس وزراء “إسرائيل” عن الحكم بأسابيع صرّح باستحالة التطبيع مع دولتي الكويت والجزائر اللتان تقفان تاريخيًّا مع القضية والإنسان في فلسطين.

خارج فضاء السياسة وفلك الرؤية الدبلوماسية الكويتية الثابتة من فلسطين، انسحب قبل أيام لاعب المنتخب الكويتي للتنس، محمد العوضي، من مواجهة لاعب إسرائيلي، في الدور نصف النهائي من البطولة الدولية للمحترفين تحت سن 14 عاما، المقامة في ‫دبي. 

وقرر العوضي الانسحاب فور علمه بمواجهة لاعب إسرائيلي، وذلك بعد فوزه وتأهله إلى الدور النصف النهائي، حسب صحيفة الوطن الكويتية في إشارة لعموم مواقف الكويت من فلسطين حكومةً وشعباً.

ويرى المحلل عوكل أن الكويت دولة تمتعت بحرية الدعم لفلسطين فجمعت التبرعات وجندت الأنشطة لنصرة فلسطين وقضيتها بشكل راسخ من دولة تعد أول كيان ديمقراطي حقيقي في العالم العربي. 

ويتابع: “الكويت دولة متمسكة برفض التطبيع، وترفض أي علاقة مع إسرائيل، وتعلن دائماً أنها لجانب الشعب والقضية الفلسطينية ماديًّا وسياسيًّا ومعنويًّا في كل الأوقات”.

تزاوج الوعي بالموقف في الكويت تجاه فلسطين، انطلق، ولا يزال من تمسكها بالبعد العربي والقومي، وتسلل إلى مؤسساتها الرسمية التنفيذية والتشريعية دائما.

وعلقت القوى السياسية الكويتية على تصريحات الرئيس الأميركي السابق “ترمب” وهو يسوق للتطبيع وصفقة القرن بالقول: “لن ننسى دماء الشهداء وعذابات الأمهات والأطفال والأسرى والجرحى، وتضحيات الأجيال طوال عقود القهر والعدوان الصهيوني على فلسطين والقدس الشريف”.

ويشير العبادسة، النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، أن الكويت تخالف حالة السيولة في النظام العربي الذي تهاوى معظمه نحو التطبيع مع “إسرائيل” حتى أصبحت كثير من الأنظمة العربية هي من يلاحق “إسرائيل” في التطبيع.

ويضيف: “كثير من الأنظمة العربية ترى في تطبيعها مع إسرائيل المخلِّص لها من مشاكل إقليمية دون أن تعبأ بمشاعر الفلسطيني وقضيته، في حين أن كامل الشعوب العربية ترفض التطبيع”.

وبينما يجد الفلسطيني أكتافاً دافئة له في الكويت، بإمكانه مواصلة الاستفادة من صراحة الدبلوماسية والسياسة الكويتية الناصعة التي تكرر رفضها للاحتلال، وتنتقده في طريق يحتاج لتطوير في أروقة الأمم المتحدة، وفي المحافل العربية والدولية كافة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات