الأحد 04/مايو/2025

عملية تل أبيب ضربة في صميم الوعي الصهيوني..!

عبدالله محمد العقّاد

(1)
ما إن اندلعت انتفاضة القدس حتى أخذ الهلع يحاصر المُستقدمين لحلم الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً..، وهم يشاهدون كيانهم المزعوم بالقوة، والمدعوم من دول القرار الدولي لا يجد ما يردّ الفدائيين وإن كانوا في أغلبهم بأعمار الزهور، ولكنّهم يُلاحقون بما تطاله أيديهم جلاديهم ومغتصبي أرضهم ومنتهكي أقصاهم ومقدساتهم..

وكان لافتاً ما أظهرته استطلاعات الرأي التي أجريت في المجتمع الصهيوني المُنهك بفعل الفزع، حيث تقدم زعيم عصابة ما سمي (إسرائيل بيتنا) “أفيغدور ليبرمان” ويكأنّه المخلص..!

(2)
ولكن، وبعد أن ظنّ الكثيرون أنّ القبضة الأمنيّة المزدوجة الأدوار بين اجتياحات جيش الاحتلال المتكررة في الليل والنهار من جهة، والعمليّات المستمرة لأجهزة التنسيق الأمني التي شهدت تزايدا مضطردا من جهة أخرى، قد آتت أكلها في محاصرة نيران الغضب الفلسطيني وحالت دون أن يكون لهيبه انتفاضة شعبية مستمرة وحولته فقط لهبّة جماهيرية تنفخ في رماد أو صرخة في وادٍ.. وكأنّها كما يقولون: (زوبعة في فنجان).

غير أنّ عملية تل أبيب التي أوقعت العديد من القتلى والجرحى في صفوف المغتصبين تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ نيران الثورة لا زالت تعتمل في رحم الشعب الذي صدق عزمه وعزم قصده نحو حريته بتحرير كل أرضه وتحقيق واجب عودته إليها؛ كي يقرر مصيره على الأرض الفلسطينية التي اغتُصبت وقُسّمت وفق مصالح الدول الإمبريالية المستعمرة وإن استدعوا الدين في إطاره الشكلي من جانبهم.

(3)
نعم، لقد وصل الفدائيان، خالد ومحمد مخامرة من الخليل في الوقت المناسب بعد أقل من أسبوع لاستلام المخلص بزعمهم “أفيغدور ليبرمان” لمنصبه وزيراً للحرب، ووقعت في المكان المناسب حيث لم يبعد عن وزارة الحرب الصهيونية سوى مسافة قريبة جداً.. وذلك لينقلا رسالة صريحة وقوية وواضحة من شعبٍ حرٍّ لا زال متمسكاً بكل حقوقه، وأنّه لا يريد سوى حريته وإن غلت الأثمان وعظمت التضحيات.. ومهما كانت العراقيل والتحديات من أُجراء الامتيازات أو ما استدعيتم من آلة بطشكم أيها الصهاينة المحتلون..!

فإنّه التصميم على الحريّة الذي كان مداعاة ليخرج الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه ليعبّر في تصريح له: بأنّ العنف الفلسطيني هو جزء من “الطبيعة البشرية” الميّالة إلى مقاومة الاحتلال..”.

وأكثر من ذلك ما قاله في وقت سابق، دان شابيرو، السفير الأميركي إلى (إسرائيل): إنّ نظام العدالة (الإسرائيلي) يستخدم “معيارين”.. واحدا (للإسرائيليين) وواحدا للفلسطينيين.. (ثم اعتذر فيما بعد عن توقيت تصريحاته).

وقبل أيام قليلة نقلت كلمة الحاخام اليهودي “رايي ميخائيل”، والتي ألقاها في جنازة أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي ، وطالب الحاخام اليهودي الإدارة الأمريكية “بوقف دعم (إسرائيل) وبالضغط عليها لإنهاء الاحتلال وأكد على حق الفلسطينيين بالحرية..”.

(4)
فرغم ما أحدثته هذه الانتفاضة من يقظة ضمير وإن بمنسوبٍ متدنٍ على أطراف مهمة في المسرح الدولي كما ذكرت آنفاً من موقف بان كي مون أمين الأمم المتحدة وسفير الولايات المتحدة في الكيان، وأن يطالب حاخام بوقف دعم الكيان..، إلا أنّ ذلك لم ينتج عند أزلام السلطة في المقاطعة غير مزيدٍ من الاسترضاء للاحتلال يقدمونه قرابين عبر التنسيق الأمني..!

فهذا ما كان كشفه رئيس جهاز المخابرات “الشاباك” في (إسرائيل) “يورام كوهين” قبل شهر خلال التقرير الذي قدمه للحكومة الإسرائيلية بأنّ أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية تعمل على إحباط العمليات ضد إسرائيليين عندما تحصل على معلومات استخباراتية من (إسرائيل).

وأنّه خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية تلك، وقعت مشادة كلامية بين وزير التربية والتعليم “نفتالي بينيت” ووزير الأمن الداخلي “جلعاد أردان” من جهة، ورئيس الشاباك من جهة ثانية، وذلك على خلفية الاتصالات التي يجريها الشاباك مع الفلسطينيين لتقليص حجم نشاطات الجيش (الإسرائيلي) في مناطق A بالسلطة الفلسطينية.

وطلب “بينيت” من “كوهين” أرقاماً حول حجم النشاطات الفلسطينية لإحباط عمليات ضد إسرائيليين. وأضاف “كوهين”: “أنا لا أتهرب، ولكني لا أنظر إلى الأرقام، وإنما إلى السؤال حول ما إذا كانوا يقومون بأمور من شأنها أن ترضينا”.

وانضم “أردان” إلى “بينيت” ووجه كلامه إلى رئيس الشاباك وقال: “أنت لا تجيب عن السؤال المحدد”. فأجاب كوهين أنه لا يتطرق بشكل محدد لحجم العمليات التي أحبطت من قبل الفلسطينيين وذلك لأن فحص الموضوع يجب أن يتم بصورة مركبة أكثر.

وأضاف كوهين أنه خلال عدة مرات فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تستطيع القيام بنشاطات معينة بسبب الحساسية الداخلية، وفي مثل هذه الحالات فإنّ (إسرائيل) هي من تتحرك وتقوم بإحباط العملية. وأضاف أنه مقابل ذلك فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعمل في أماكن ومواقع تستصعب (إسرائيل) العمل فيها.

(5)
أجل، فإنّ كلّ المُعطيات تُشير إلى ازدياد نشاط قوات أمن السلطة في مواجهة الانتفاضة، من خلال ما تقوم به من تنفيذ اعتقالات لمن تشتبه بأنّهم ينوون أو يخططون لتنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال وقطعان المغتصبين.

وعلى ضوء تعاظم هذا الدور المشبوه لقوات أمن السلطة في منطقة A كان قرار الجيش الاحتلال تقليص نشاطاته في المناطق المذكورة.

ولكن، كيف نفد الفدائيان من قبضة التنسيق الأمني الذي كان حاضراً كما هو دوماً..؟!

فلم يكن غريباً ما كشفه المحلل الأمني في القناة العاشرة الصهيونية “ديفيد بن آلون” من أن معلومات وصلت الجهات الأمنية تفيد باختفاء شابين من بلدة يطا في الخليل، وقد وجّه إنذارٌ خشية أن يكونا في طريقهما لعملية “فدائية”..

ولكنّ الغريب فعلاً ألّا تُؤخذ هذه التحذيرات من شركاء الجهد الأمني على محمل الجد فيتم تجاهلها..!

وأخيراً.. ماذا عساه أن يفعل بعبع الكيان “أفيغدور ليبرمان” في مواجهة الرصاص الذي وصل مقر وزارته.. غير ما قالته الصحافة الصهيونية أثناء انعقاد المجلس الوزاري المصغر بعد العملية مباشرة: “ما باليد حيلة”..؟!

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تشيد بالضربات المباركة من اليمن

حماس تشيد بالضربات المباركة من اليمن

المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالضربات المباركة التي تنفّذها “أنصار الله” والجيش اليمني في عمق الكيان الصهيوني....

أبو عبيدة: المجد لليمن صنو فلسطين

أبو عبيدة: المجد لليمن صنو فلسطين

المركز الفلسطيني للإعلام وجه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، التحية لليمن، مقدرًا مواصلتها حدي أعتى قوى الظلم ورفضها...