إظلام غزة وظلام الوطن العربي

المصريون
وعلى الطرف الآخر، العدو الصهيوني يتقوى بضعف العرب والمسلمين، ومحاصرتهم لأنفسهم بتركهم لهويتهم وتبعيتهم للغرب. وهو يستقوي على الشعب الفلسطيني، ويطغى ويمارس عادته العتيقة في الغدر عبر القرون، فرغم اتفاق التهدئة المتفق عليه مع فصائل المقاومة في غزة، إلا أنه قام، عبر إعداد مسبق خبيث، بتوغل عسكري في الأسبوع الأول من نوفمبر متعمداً خرق التهدئة، ومستهدفاً قتل المقاومين، فاستشهد ستة مجاهدين من كتائب القسام بعد أن دافعوا عن كرامتهم وأرضهم ببسالة.
وكما كان متوقعاً قامت المقاومة بالرد بالصواريخ على العدوان وخرق التهدئة وقتل شبابها المجاهد، فكانت الفرصة المتوقعة من العدو الصهيوني فقام بإغلاق المعابر، ومنع الوقود اللازم لمحطات الكهرباء من دخول غزة، فانقطعت الكهرباء في غزة، وغرقت في ظلام دامس. وتوالى عدوان وخروقات العدو الغاصب الغادر تنفيذاً لمخططه، فقام بعدها بأيام باستهداف أربعة من المقاومين فاستشهدوا أيضاً رحمهم الله. وبينما تقاوم غزة بما تملك طغيان الصهاينة، رغم الحصار والاحتلال، ورغم الإظلام إلا أن الوطن العربي كان غارقاً في إظلام آخر ليس بفعل احتلال عسكري، ولكن بفعل احتلال فكري وسياسي واقتصادي، وذلك منذ أن تم تنحية شرع الله من الحكم في البلاد العربية واستبداله بالحكم بالقوانين الوضعية فخيم الظلام بعد النور وسيطر الضعف والتبعية والانهزامية على الوطن العربي. فلم ترتفع حتى الأصوات تندد وتشجب كما كانت تفعل من قبل، بل صمت مريب كأنه ظلام وصمت القبور التي لا حياة فيها.
بينما غزة مع ظلامها منيرة متوهجة بكرامتها وعزتها، وتستمد قوتها من إيمانها بالله وعدالة قضيتها، لا تخضع ولا تذل لعدوها مهما كانت الضغوط.
وكان لافتاً ومحرجاً للعرب المسلمين ارتفاع صوت بعض المنظمات في المجتمع الدولي (من غير المسلمين) بالتنديد من منع الوقود اللازم لمحطات الكهرباء. بينما الوطن العربي المسلم، دولاً، وحكومات، ومنظمات، وفضائيات ووسائل إعلام، غارق في ظلمات الوهن.
والعدو أعلن كذباً أنه سيفتح المعابر، ولكنه كعادته لم يف بما أعلن، وظلت المعابر مغلقة ليس أمام الوقود فقط إنما أمام دخول جميع السلع الغذائية ومستلزمات الحياة. ليتضح للجميع أن إظلام غزة وحصارها الآن هو ثمن الحرية. ثمن العزة. فالعدو أعلن أن ذلك الحصار والإغلاق بسبب الصواريخ التي نالت من المغتصبات الصهيونية، ولم تقتل صهيونياً واحداً. وكأن العدو يقول للفلسطينيين لا تردوا على قتلكم، ولا تغضبوا من سفكنا لدمائكم، فإن فعلتم وأعلنتم عزتكم فهذا الجزاء.
ولنا مع مغزى الحصار وإظلام غزة الآن وقتل أبنائها وقفات عدة:
أولاً: تيقن العدو الصهيوني من حالة الموت السريري التي يعيش فيها الوطن العربي، وبالتالي يعلم يقيناً أنه لا معقب على طغيانه من العرب مطلقاً.
ثانياً: خيبة وفشل العدو الصهيوني في الوصول إلى أي اتفاق حول مبادلة الجندي الصهيوني شاليط.
ثالثاً: توقيت التغيير الحكومي والانتخابات الصهيونية وتشكيل حكومة جديدة، فكأن اليهود الصهاينة يتسابقون للفوز انتخابياً على دماء الفلسطينيين.
رابعاً: محاولة إجبار حكومة «حماس» في غزة على التراجع عن مواقفها الثابتة، والضغط عليها بواسطة الحصار والتجويع والإظلام ومنع الدواء ومقومات الحياة من دخول غزة، ثم سياسة القتل. كل ذلك لإظهار ضعف «حماس»، وفشلها أمام الشعب الفلسطيني في غزة، وذلك كي يندفع أهل غزة تحت ضغط الجوع والظلام إلى التمرد على «حركة حماس»، ولكن الشعب الفلسطيني في غزة خيب ظنهم، وظل ثابتاً صامداً.
خامساً: من المحزن أن الدول العربية حاصرت غزة مع العدو الصهيوني وذلك لخوفها من الأمريكان ولخوفها من انتشار المشروع الإسلامي على غرار حماس ولذلك نجد تلك الصورة المخزية والموقف المهين الذي سطّّره التاريخ للعرب والمسلمين حيث يصرخ أطفال غزة من الجوع وكروش العرب المسلمين حولهم تتدلى من التخمة وتمنع مسيرات التأييد والمناصرة لأهلنا في غزة حتى وصل الأمر بأن يعلن عن إحباط الأجهزة الأمنية في مصر لمحاولة تهريب عشرين بقرة إلى غزة!
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء مّنا
ويبقى أن غزة رغم ما تعانيه من ظلم الاحتلال الصهيوني والحصار، والمؤامرات الداخلية والخارجية، إلا أنها صامدة وتقدم مثالاً حياً نادراً على قوة الصمود والمقاومة، رغم عدم التكافؤ مطلقاً في موازين القوى مع كل الأعداء، وخاصة العدو الصهيوني الذي لا يعرف إلا لغة الدم والغدر وسفك الدماء. لأن غزة يحكمها قيادة مؤمنة بالله وأهلها مسلمون مؤمنون يتوسلون ويستغيثون بالله وحده ولا يسألون غيره فلهم العزّة رغم كل الظروف المحيطة بهم
وأخيراً… متى تظهر بارقة نور شرع الله في ظلام الوطن العربي، تبدد ظلمته، وتعطي الأمل باشراقة نور وغد مشرق يعيش فيه العرب المسلمين في قوة وكرامة، ومتى تسري دماء العزة والحياة في عروق الكثير من حكومات الوطن العربي، فتنتفض من موتها السريري، وتخرج من ظلمة قبور التبعية للغرب إلى نور وحياة التبعية لله الواحد الأحد متى نقف وتساند إخواننا المحاصرين في غزة بكل ما نملك؟ لكم الله يا أهلنا في غزة، لن يضيعكم الله أبداً.
* محامٍ وكاتب
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...

“الجهاد الإسلامي” تنعى القائد بسرايا القدس الشهيد نور البيطاوي
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد نور عبد الكريم البيطاوي، القائد في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس،...

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...