موسم المدارس.. طلبات كثيرة وجيوب فقيرة

بحسرة يترقب أهالي قطاع غزة قدوم العام الدراسي الجديد؛ فالأوضاع الاقتصادية الصعبة في ظل الحصار المشدد المفروض على القطاع للعام الحادي عشر على التوالي تلقي بظلالها الثقيلة على الناس، خاصة مع تزايد حدتها جراء الإجراءات والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع؛ ما أثر بشكل كبير على أوضاع الناس.

وتشهد أسواق قطاع غزة تراجعاً كبيراً في الإقبال على شراء الزي المدرسي لأبنائهم؛ حيث اكتفت عشرات الآلاف من الأسر بتهذيب وإصلاح أزياء أبنائهم المدرسية المستخدمة خلال الأعوام الماضية.

المواطنة أم سعيد تقول: إنّها رفضت شراء أي زي لأيٍّ من أبنائها الأربعة؛ نظراً لضيق الحال الذي يمرون به، بعد أن اقتطعت السلطة من راتب زوجها الذي يعمل موظفاً عمومياً.

حال المواطنة أم سعيد لم يكن فريدا؛ فقد انتهجت كثير من العوائل ذات النهج، وذلك تخفيفاً عن كاهلهم بعض متطلبات العام الدراسي الجديد.

القديم أرخص
فيما سعت المواطنة “سهام” -اسم مستعار- إلى شراء حقائب وملابس لأبنائها السبعة، ما يعرف بـ”سوق البالة”؛ حيث تباع الملابس القديمة المستوردة من الدول الأوربية والداخل الفلسطيني المحتل، وتُباع بثمن أقل بكثير من شبيهتها الجديدة في غزة، وهو ما تقوم به كثير من الأسر أيضاً نظراً لضيق الحال.

إجراءات عقابية
وتمارس السلطة بأوامر مباشرة من رئيسها محمود عباس إجراءات عقابية غير مسبوقة ضد قطاع غزة، حيث تحرم آلاف الأسر المتعففة من مخصصاتها المالية، فيما تقتطع من رواتب موظفيها بما لا يقل عن 50%، وتمنع دخول الأدوية وإصدار التحويلات الطبية.

هذه الإجراءات العقابية ألقت بظلالها على الأسر الأشد فقراً، فيما وصلت ارتدادات هذه الإجراءات إلى التجار وأصحاب الأعمال، حيث تأثرت مصالحهم بانقطاع الرواتب وتشديد الحصار الذي تشارك فيه السلطة بذراعٍ طويل.

وتشكو المواطنة “أم عبد الله” قلة ذات اليد؛ حيث أبدت حزنها وامتعاضها لأنها لن تتمكن من شراء حاجيات المدارس لأبنائها، حيث كان يتقاضى زوجها راتباً جيداً -كما تقول- من السلطة، إلى أن اقتطعوا من راتبه نسبة 50%، عدا عن الالتزامات المالية التي عليه، فبات راتبه لا يكفي حتى لشراء المستلزمات الأساسية لبيتهم.

مؤشرات سلبية
ويحمل دخول العام الدراسي الجديد في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية بغزة مؤشرات سلبية على المستويات والطبقات الاجتماعية كافة.

وهو ما أكّده الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، مبيناً في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ عدد العاطلين عن العمل زاد بأكثر من 10 آلاف معطَّل إضافي عن العام الماضي، نتيجة للأزمات التي يتعرض لها قطاع غزة، وعلى رأسها استمرار الحصار والخصم الخاص في رواتب موظفي السلطة.

وأوضح الطباع أنّ معدلات البطالة في قطاع غزة بلغت 44%، وبلغ عدد المعطّلين عن العمل حوالي 216 ألف شخص، مقارنة مع معدلات بطالة 41.1% في الربع الأول من عام 2017، وعدد المعطلين عن العمل حوالي 206 آلاف شخص، ومع استمرار الوضع على ما هو عليه فمن المتوقع أن تزيد معدلات البطالة خلال الربع الثالث من عام 2017.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أنّ الفئات الأكثر تضرراً هم من لديهم عدد من الأبناء في المدارس، فهم يشكون قلة ذات اليد من الأصل، وينتظرون من يقدم لهم يد العون للمساهمة في توفير المستلزمات المدرسية.

وتجد المؤسسات صعوبات بالغة في الحصول على الدعم المالي لتنفيذ مشاريع دعم طلبة المدارس الفقراء، كما يؤكد بعض مسؤولي الجمعيات، حيث تمارس السلطة دوراً مجابهاً لكل المشاريع الإغاثية والإنسانية التي تعمل في غزة، حيث تسببت مؤخراً بإغلاق مكتب منظمة التعاون الإسلامي الذي كان يمثل خطاً لإنعاش الكثير من الأسر المُعدمة.