الأحد 04/أغسطس/2024

لا دولة فلسطينية في الفكر الصهيوني

د. ناجي شراب

تقوم الحركة الصهيونية على فكرة جوهرية ومحورية هي الأرض، وتجسدت هذه الفكرة في أول مؤتمر لها بمدينة بازل السويسرية، والذي أسست مقرراته عمل الحركة الصهيونية. وفكرة الأرض تتلخص بأن فلسطين كلها أرض لليهود، وهذا ما يؤكد لنا إصرار الحكومة «الإسرائيلية» برئاسة نتنياهو بضرورة الاعتراف بيهودية «إسرائيل» كدولة لكل الشعب اليهودي، وهي لا تطلب هذا الاعتراف من الأمم المتحدة أو الدول الأخرى بل من الفلسطينيين على اعتبار أن الفلسطينيين يطالبون بنفس الحق، الحق في قيام دولة لهم تجسد هويتهم القومية والوطنية والحضارية والتاريخية، وهو ما يعني نسف مقولة الحركة الصهيونية في الأرض. فالقبول بفكرة الدولة الفلسطينية من وجهة نظر الفكر الليكودي الصهيوني هو إقرار بوجود شعب فلسطيني، وأن هذا الشعب له جذوره التاريخية، وحقوقه القومية على نفس الأرض التي تقوم عليها «إسرائيل»، ولذلك هي لا تعترف بأنها دولة احتلال، ولا تعترف أن البناء الاستيطاني على الأرض يتم على أرض فلسطينية، وهذا ما يجعلها تذهب بعيداً في الاستيطان والتهويد، والهدف في النهاية الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال.

قد يكون هذا من المنظور الأيديولوجي التوراتي، ومن المنظور الأمني الاستراتيجي، إذ تدرك «إسرائيل» أن بقاءها كدولة يعتمد على تحقيق فكرة «إسرائيل الكبرى»، وهذه الفكرة لا تتحقق إلّا بالتوسع الجغرافي والسيطرة على مزيد من الأرض المقررة دولياً بأنها أرض فلسطينية تقوم عليها الدولة الفلسطينية العربية. والفكر الصهيوني يقوم على فكرة التوسع الإقليمي، ولذا تصر «إسرائيل» مثلاً على التمسك بهضبة الجولان السورية المحتلة الاستراتيجية، وتسعى لقيام دويلات مذهبية اثنية على طول حدودها؛ بدلاً من وجود دول عربية قوية وفاعلة مثل العراق وسوريا. وبالمعنى العام ترفض «إسرائيل» فكرة الدولة العربية القوية المحورية المركزية. وكل هذه الأهداف يقف في طريقها القبول بالدولة الفلسطينية. وفي هذا السياق تواجه هذا الفكرة إشكالية كبرى تتمثل بالعنصر الديموغرافي الفلسطيني الذي فشلت «إسرائيل» في التخلص منه، أو السيطرة عليه، أو تهجيره. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل نجح الفلسطينيون في التأكيد على هويتهم الوطنية والتاريخية، ونجحوا في تثبيت كينونتهم السياسية أولاً عبر منظمة التحرير وثانياً عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية وكعضو مراقب في الأمم المتحدة، وعبر بناء المؤسسات السياسية والتعليمية والثقافية والمجتمعية، وكسب الشخصية الدولية إلى جانب شخصيتهم الوطنية.

وأمام المأزق السكاني الفلسطيني تركز «إسرائيل» على الحلول البعيدة عن فكرة الدولة، مثل الحلول المعيشية والعمل وتحسين نوعية الحياة، وتشجيع الإدارات المحلية، أو من خلال الحلول الإقليمية، أي البحث عن وطن بديل للفلسطينيين في الأردن أو بالتوطين، أو الهجرة، لكن هذه الحلول كلها باءت وتبوء بالفشل؛ لأن المشكلة ليست مشكلة أفراد، بل المشكلة تتعلق بحقوق تاريخية لا تقبل المساومة. والحل الوحيد يكون بإتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني بأن يمارس حقه في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة.

«إسرائيل» ترفض فكرة الدولة، وترى أنه لا يمكن وجود دولتين سياديتين متداخلتين جغرافياً وسكانياً، فمن شأن هذا التداخل أن يسلب «إسرائيل» يهوديتها، ويفقدها قوتها، إذ تتحول في المدى البعيد إلى دولة أقلية، بل إن قيام الدولة الفلسطينية سيقود حتماً لخيار الدولة الواحدة لكل مواطنيها، وهو نقيض لوجود «إسرائيل» التي تحاول أن تكون دولة لكل اليهود. لهذا ترفض «إسرائيل» فكرة الدولة الفلسطينية.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

أحرار العالم يلبون نداء نصرة غزة والأسرى

أحرار العالم يلبون نداء نصرة غزة والأسرى

عواصم - المركز الفلسطيني للإعلام لبى أحرار العالم، اليوم السبت، الدعوات للمشاركة في فعاليات "اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى". ودعا القائد...