محاولات تهويد المدينة المقدسة

المقدمة:
تهويد القدس أولاً وآخراً ، هو ذلك الحلم الصهيوني الذي لا تراجع عنه ، مهما تكن الأسباب والظروف في القدس بدأ المشروع الاستيطاني اليهودي وبالقدس يستكمل حلقاته الأهم والقدس هي كما يقولون قلب الصهيونية أو هي جوهر المشروع الصهيوني ومآله الأخير .
أهمية البحث:
تعالج هذه الدراسة موضوع تهويد القدس فيما بعد حرب 1967م ، وذلك بسبب خطورة الغزوة الاستيطانية الصهيونية على أرض فلسطين ، واستهداف الغزوة الاستيطانية لمدينة القدس وخصوصاً بعد احتلال الأراضي العربية اثر حرب 1967م ، حيث اندفع الاستيطان اليهودي للمدينة المقدسة بشراسة لا نظير لها في التاريخ ، مستهدفاً الأرض والإنسان العربيين في محاولة لتغيير الطابع العربي والإسلامي للمدينة بطابع غربي ، خالقاً أوضاعاً ديموغرافية وسياسية واجتماعية جديدة على أرض الواقع .
وهكذا فقد شهدت الفترة من 1967م وحتى بعد معاهدة السلام عام 1993م أقصى درجات التسارع على صعيد الاستيطان اليهودي في القدس ومن المهم دراسة هذا الاستيطان والتهويد ومدى تأثيره في الحاضر والمستقبل على وضع القدس ، ومدى التغيرات التي أحدثها هذا الاستيطان على أرض الواقع .
أسلوب وعرض البحث:
اعتمد الباحث في هذا المبحث على منهج التحليل التاريخي وذلك من خلال تتبع الاستيطان اليهودي في القدس ومراحل التهويد وأهم خطواته الاستعمارية.
قسمت الدراسة إلى ثلاثة فصول على النحو التالي :
الفصل الأول:- إستراتيجية التهويد العمراني ومصادرة الأراضي.
وتم تقسيمه إلى ثلاثة مباحث الأول عن الأساليب التي استعملتها إسرائيل لمصادرة الأراضي وتناول المبحث الثاني مراحل ومصادرات الأراضي أما المبحث الثالث عن خطة القدس الكبرى .
الفصل الثاني والذي تناول السياسة الإسرائيلية المتبعة ضد السكان العرب فتم تقسيمه إلى ثلاثة مباحث تم دراسة سياسة التهجير الصهيونية للسكان العرب في المبحث الأول ودراسة سياسة هدم البيوت وسحب الهويات من السكان المقدسيين في المبحث الثاني أما المبحث الثالث فتم فيه الحديث عن جدار الفصل العنصري في الجزء الجنوبي من القدس .
الفصل الثالث تم دراسة القدس من الناحية السياسية في ثلاثة مباحث تناول أولها موقف معاهدة السلام عام 1993م من القدس وتحدث المبحث الثاني عما حصل في القدس من خطوات للتهويد بعد عام 1993م ، أما المبحث الثالث فقد تناول السيناريوهات المقترحة للحل النهائي لقضية القدس .
تمهيد
أتمت القوات الإسرائيلية – ضمن عدوانها الشامل – في السابع من حزيران عام 1967 احتلال القدس الشرقية ، بما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية ، وفي 28/5/1967 أعلن حاييم موشي شابيره وزير الداخلية الإسرائيلي آنذاك ضم أحياء القدس الشرقية قسراً تحت شعار القدس الموحدة .
ومع إتمام المخطط ألاحتلالي الإسرائيلي واستصدار القوانين الملزمة كقانون توحيد القدس وعاصمة اسرئيل الأبدية ، شرعت الإدارة المذكورة بتنفيذ مشاريع إضفاء الشرعية الإسرائيلية على الأرض من خلال البرامج الاستيطانية التي سبقتها إجراءات مصادرة أرض عرب القدس .
ومنذ الساعات الأولى للاحتلال بدأت السياسة الإسرائيلية والجرافات برسم المعالم لتهويد القدس ، من أجل فرض الأمر الواقع وإيجاد أوضاع جيوسياسية يصعب على السياسي أو الجغرافي إعادة تقسيمها مرة أخرى، وشرع في وضع أساسات الأحياء اليهودية في القدس الشرقية لتقام عليها سلسلة من المستوطنات تحيط بالقدس من جميع الجهات ، وإسكان مستوطنين فيها لإقامة واقع جغرافي وديمغرافي وإحداث خلخلة سكانية في القدس العربية ، وبعد أن كان سكان القدس يشكلّون أغلبية في سنة 1967 م ، أصبحوا بعد عمليات المصادرة وبعد إقامة المشاريع الاستيطانية وفتح الطرق والبناء ضمن الأحياء العربية يقيمون فقط على 20% من الأراضي .
حيث كان ولا زال الاستيطان اليهودي في فلسطين الخط الرئيسي الذي تترسمه الحركة الصهيونية في تحقيق أطماعها وتكريس وجودها في فلسطين ، وقد تمكنت الحركة الصهيونية على مدى ما يربو من نصف قرن من الزمان من صقل خبراتها الاستيطانية وصوغ مخططاتها لتنفيذ أهدافها التوسعية .
حيث شرعت إسرائيل بعد حرب 1967م ببدء ممارسة سياستها الاستيطانية التوسعية لتدعيم سيطرتها على مدينة القدس ومحيطها تمهيداً لتهوديها وطمس طابعها العربي للأبد.
وعلى مدى ما يقارب 40 عاماً من الاحتلال قامت بلدية القدس ومن خلفها الحكومة الإسرائيلية بإجراءات عديدة من أجل فرض الأمر الواقع وتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي للمدينة المقدسة ضاربة بالمواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط متجاهلة جميع قرارات مجلس الأمن .
حيث لم تتوانى إسرائيل في تجميد نمو المناطق العربية في مدينة القدس وما حولها وسد الطريق أمام أي تواصل جغرافي وسكاني بين المدينة والمناطق الفلسطينية المحاذية لها.
وقد ساعدها على ذلك العديد من العوامل منها :
وجود تركز يهودي كبير محاذي في القسم الغربي من المدينة .
الشروع في عملية التهويد منذ اللحظة الأولى لاحتلال المدينة عام 1967
إقامة مستوطنات حكومية ولجان وزارية هدفها تغيير معالم المدينة وطمس طابعها العربي، حيث تم تخصيص موارد ضخمة لهذا الغرض.
إصدار قوانين ومراسيم خاصة على اعتبار أن القدس مدينة إسرائيلية يسري عليها ما يسري على غيرها من المدن الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.
الاعتماد على حركات دينية متطرفة في مجال الاستيطان .
إرهاب السكان المقدسيين في محاولة طردهم وتفريغ مدينتهم من خلال فرض قيود مجحفة عليهم .
زيادة الاتصال بالمستوطنات والمراكز والمدن الإسرائيلية من خلال التوسع في إنشاء شبكات الطرق.
إيجاد مراكز صناعية في القدس لربط تلك المراكز بالمؤسسات الإسرائيلية .
عند الإمعان في سياسة التهويد التي انتهجتها إسرائيل حيال مدينة القدس نستطيع القول أن سلطات الاحتلال اعتمدت على محورين أساسيين لتهويد المدينة وتوطيد السيطرة عليهما وهما: مصادرات الأراضي وإقامة المستوطنات.
الفصل الأول : استراتيجية التهويد العمراني ومصادرة الأراضي
المبحث الأول: أساليب مصادرة الأراضي
تنوعت الأساليب التي اتبعتها إسرائيل في مصادرتها للأراضي وإن كانت قد تجنبت في البداية المساس بأملاك المؤسسات الدينية للتخفيف من وطأة ردود الفعل العالمية.
ونلخص أهم أساليب المصادرة فيما يلي :
(1) أراضي الغائبين :
حيث أصدرت سلطات الاحتلال على إثر احتلالها للشطر الشرقي من مدينة القدس مجموعة من الأوامر العسكرية تزعم أن هدفها هو حماية الأراضي ومصالح الغائبين من خلال إدارتها وحراستها ولكن الحقيقة عكس ذلك حيث أن هدفها هو المحافظة على حقها المطلق بالتصرف بأموال وأراضي الغائبين.
نذكر ومن هذه القوانين والأوامر العسكرية التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية :
قانون أملاك الغائبين لعام 1967م ، حيث اعتبر كل من كان موجود في خارج الضفة بغض النظر عن مكان وجوده في تاريخ صدور القرار يعتبر غائباً ، وهو يتناول أملاك الغائبين عامة سواء كانت منقولة أم غير منقولة ، وقد أوجد هذا القانون ما يسمى (( بالحارس )) الذي أوكلت إليه مهمة المحافظة على أملاك الغائبين حتى عودتهم .
وبعد يومين من إعلان هذا القانون وبتاريخ 25/7/1967 تم بموجبه تسجيل أسماء سكان القدس الباقين فيها ، واعتبر كل فرد لك يتم تسجيله في عداد الغائبين ، وحولت جميع ممتلكاته إلى حارس الأملاك الذي يحق له أن يتصرف فيها كما شاء.
(2) مصادرة الأراضي لأغراض عسكرية وأمنية:
حيث تقوم سلطات الاحتلال بإغلاق العديد من المناطق لأغراض التدريب والرماية واعتبارها
مناطق أمن للجيش ومن ثم تقوم باستغلالها لإقامة المستوطنات المدنية، وقد كانت المصادرات لأغراض أمنية وعسكرية هي الأسلوب المتّبع في أغلب الأحيان.
(3) الخرائط الهيكلية:
يعد هذا الأسلوب حضارياً لتطوير المدن والقرى على حد سواء وهدف سلطات الاحتلال من هذه الخرائط هو خنق البناء العربي والحد من النمو العمراني والسكني للأحياء العربية الوقت الذي تتاح فيه الفرصة للإحياء اليهودية بالتوسع والإحاطة بالإحياء العربية في المدينة والقرى المجاورة لها ،وأن تبقى جزء من الأراضي بمثابة احتياطي مستقبلي لعمل مستوطنات عليها بحجة أنها مناطق خضراء لا يسمح بالبناء عليها وبهذه الطريقة الجديدة لمصادرة الأرض وحيازتها من قبل السلطات الإسرائيلية ، قدرت مساحة الأرض التي تم الاستيلاء عليها من القدس بحوالي 44% .
(4) شراء الأراضي:
كان شراء الأراضي يتم عن طريق الصندوق القومي اليهودي حتى عام 1961م وبعد ذلك أصبحت مؤسسة (( هيمنوتا )) التابعة للصندوق القومي اليهودي المسؤولة عن عمليات الشراء هذه ، وقد قام اليهود بعمليات الشراء للأراضي بأساليب الغش والتزييف ، واعتبرت مثل هذه الإجراءات الإسرائيلية مناهضة لروح اتفاقيتي (لاهاي وجنيف ) اللتين تحرمان على دولة الاحتلال السيطرة وحيازة ملكية الأراضي إلا في حدود ضيقة لا تشمل هذه الحالة .
المبحث الثاني: مراحل مصادرة الأراضي:
يمكن القول أن حملة مصادرات الأراضي التي تشنها إسرائيل على مدينة القدس قد حدثت على مدى أربع مراحل رئيسية منذ عام 1967 نفصلها في ما يلي:
المرحلة الأولى:
بدأت بإعلان مصادرة 116 دونم من القسم الجنوبي من أحياء البلدة القديمة بحجة المصلحة العامة لإقامة الحي اليهودي الجديد ، وبأمر من وزير المالية الإسرائيلي حينها ” سابير” هُدمت منازل معظم الحي اليهودي (حارة الشوفة والمغاربة ) وصودرت منازل قدرت بـــٍ (700) مبنى حجري لم يمتلك اليهود منها إلا (105) قبل عام 1948 وشمل الهدم أيضاً بعض المساجد والأديرة والمحلات ، رافقها فوق كل ذلك تهجير سكان الحي من الغرب الذين وصل عددهم قرابة 6500 نسمة .
ونتيجة لعملية الاستيلاء على المنطقة المذكورة وُسعت رقعة الحي اليهودي من (5ـ150) دونما وشمل ذلك المنطقة الواقعة بين الحائط
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...