الفساد الإداري والمالي وواقع وزارة الشؤون الخارجية في ظل حكومات فتح السابقة

ملف فساد جديد.. هذه المرة في وزارة الخارجية الفلسطينية، حول شبهات بتجاوزات إدارية وقانونية أدت إلى إهدار المال العام؛ وتؤكد الشكاوى والوثائق وجود حالة خلل إداري ومالي ظهر إلى العلن جزء منه من خلال إضراب الإداريين في وزارة الخارجية بغزة في (26/3/2005) احتجاجا على سياسة المحسوبية والإقصاء الوظيفي.
أما القضايا الأخرى المرتبطة بهذا الخلل فتتمثل بتشكيل لجنة قانونية بتاريخ 1/4/2005 لإدراج الموظفين على السلك الدبلوماسي في حين أن القانون لم يكن معتمدا في مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، وقد تم إقرار القانون في التشريعي بتاريخ 25/8/2005 وأقر في مجلس الوزراء بتاريخ 8/1/ 2006.
ويوجه موظفون في الوزارة انتقادات حادة لعملية التعيين والتسكين في السلك الدبلوماسي في ظل عدم الالتزام بالمعايير القانونية وعدم وجود دليل قانوني في حينه، وعليه هناك أشخاص يحملون شهادات أقل من الآخرين على درجة دبلوماسية أعلى من غيرهم. ويتمثل التجاوز الإداري بوجود أشخاص يحملون الدبلوم، توجيهي، شهادات غير مكتملة، شهادات غير معترف بها.
أما بخصوص إهدار المال العام فتتعلق الشكوى بأنه جرى صرف رواتب على نظام السلك الدبلوماسي ابتداء من 1/10/2005 أي قبل 100 يوم من اعتماده في مجلس الوزراء مما ضاعف موازنة وزارة الخارجية.
وتعاني وزارة الخارجية مثل كثير من وزارات السلطة من تكدس في الموظفين وبطالة مقنعة خصوصا على درجات السكرتاريا الدبلوماسية والمستشارين، فهناك على سبيل المثال نحو 7 موظفين على درجة مستشار أول، 14 موظفا على درجة مستشار، 23 موظفاً على درجة سكرتير أول، 30 موظفاً على درجة سكرتير ثاني، و27 موظفاً على درجة سكرتير ثالث، و 21 موظفاً على درجة ملحق، بالإضافة إلى أكثر من 90 موظفاً إدارياً، الأمر الذي يثير تساؤلات حول عمل هؤلاء المستشارين والسكرتاريا مقابل الرواتب الكبيرة التي يتلقوها وموازنة كبيرة جداً.
وللدلالة على ذلك فإن جدول الرواتب الشهري بالدولار على النحو التالي: (ملحق 900، سكرتير ثالث 1100، سكرتير ثاني 1250، سكرتير أول 1400، مستشار 1650، مستشار أول 1900).
جدير بالذكر أن معظم هؤلاء الموظفين متواجدون على مكاتبهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعضهم لا يقوم إلا بلعب “الكوتشينه” على الكمبيوتر. كما تم مؤخرا تعيين نحو 25 موظفاً جديداً العديد منهم عينوا بعد قرار رئيس السلطة الفلسطينية “أبو مازن” بوقف التعيينات والترقيات!!.
الحديث عن إهدار المال العام في هذا الجانب ليس مبالغاً فيه فقد حصلنا على كتاب موجه من المستشار القانوني د. عدنان عمرو للرئيس “أبو مازن”، يوضح فيه بأن هناك إجراءات غير قانونية في وزارة الخارجية تؤدي إلى كلفة مالية حالية ومستقبلية لا تتحملها موازنة السلطة وتستدعي تدخل الرئيس.
وجاء في نص الكتاب: طبق وزير الخارجية قانون السلك الدبلوماسي على الموظفين في وزارة الخارجية مما ضاعف مرتباتهم عدة مرات، لذا نشير على سيادتكم الإيعاز إلى وزير الخارجية ووزير المالية قصر تطبيق القانون على موظفي السلك الدبلوماسي في السفارات والمفوضيات والمنظمات الدولية فقط.
تجاهل الإداريين
وللدلالة على حالة الخلل الإداري في وزارة الخارجية ورفع رواتب الموظفين الدبلوماسيين مقابل تهميش الإداريين، فقد اعتصم موظفو وزارة الخارجية الفلسطينية الأحد (26/3/2005) قبالة مقر الوزارة في مدينة غزة احتجاجاً على ما وصفوه بـ “سياسة المحسوبية والواسطة والإقصاء للموظفين الإداريين بالمقارنة مع الدبلوماسيين”.
وتركز احتجاج الموظفين ومعظمهم من الإداريين ضد تعامل الوزارة معهم وعدم صرف مستحقاتهم المالية التي أقرها المجلس التشريعي ومجلس الوزراء على حد سواء، في حين صرفت مستحقات الدبلوماسيين في الوزارة على الرغم من أن القانون كان موحدا وشمل العاملين الإداريين والدبلوماسيين.
وقال أحد المحتجين: “هذا الاحتجاج جاء للمطالبة بصرف علاوة 100 دولار لكل إداري بحسب ما أقره القانون الدبلوماسي، حيث لم يتم صرفها لنا في حين تم صرف علاوة الدبلوماسيين في الوزارة منذ شهر تشرين أول/ أكتوبر عام 2005 “.
وكان المجلس التشريعي الفلسطيني قد سن القانون الدبلوماسي في الخامس والعشرين من آب/أغسطس عام 2005 بينما تم صرف الرواتب للدبلوماسيين في الوزارة في الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر في العام نفسه، بالرغم مصادقة مجلس الوزراء على قرار التشريعي في الثامن من كانون الثاني/يناير عام 2006 م الأمر الذي اعتبره المحتجون مخالفة قانونية.
وقد طال احتجاج المعتصمين لجنة التقييم في الوزارة التي شكلت في شهر آذار/مارس العام الماضي لتقييم أداء موظفي الوزارة دبلوماسياً، مؤكدين عدم قانونيتها واتهموها باعتماد معايير غير نزيهة في سياسة التصنيف.
وطالب المحتجون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية ووزير الخارجية الدكتور محمود الزهار بإنصافهم وتكريس العدالة وإرجاع حقوقهم المالية والإدارية.
وفي التفاصيل الأخرى، فإنه مع تولي الوزير ناصر القدوة في عهد حكومة أحمد قريع، تفاجأ الموظفون بتشكيل لجنة لتقييم الموظفين لإدراجهم على السلك الدبلوماسي بتاريخ 1/4/2005م علماً بأن تشكيل اللجنة لم يكن قانونياً لأن القانون الدبلوماسي في ذلك الوقت لم يكن معتمداً في السلطة ووزارة الخارجية، كما أن تشكيل اللجنة لم يكن قانونياً لتقييم موظفي الوزارة لأن القانون الذي استند عليه قبل صدوره وإقراره في المجلس التشريعي في تاريخ 25/8/2005م وإقراره في مجلس الوزراء بتاريخ 8/1/2006، كان مبنياً على العلاقات والمحسوبية والفئوية والرؤية الشخصية، وذلك في أشارة إلى أشخاص يحملون شهادات أقل من آخرين صنفوا على درجة دبلوماسية أعلى من غيرهم وبغير وجه حق.
كما انتقد التظلم آلية عمل لجنة التسكين من خلال الإعلان عن موعد لبدء المقابلات، ونظراً لظروف رئيس اللجنة عبد الله عبد الله حسين عبد الخالق، وعدم صدور تصريح لهم من الضفة إلى غزة، تم تأجيل الموعد مرتين، ولم تقم دائرة شؤون الأفراد بإبلاغ الموظفين المعنيين بالموعد المحدد لإجراء المقابلة لكل شخص، علماً بأن القانون الذي تم إقراره فيما بعد ينص على ضرورة الإعلان مسبقاً للأشخاص الذين يرغبون في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي بجدول زمني لتنفيذ ذلك من تاريخ تقديم الطلب وقد جاء ذلك في المادة 6 البند 6.
وأضافت الشكوى: لم تكن اللجنة موفقة كثيراً أثناء مقابلاتها مع موظفي الوزارة الذين كانوا ينتظرون كثيراً، بل وصلت ساعات الانتظار إلى بعد الساعة الواحدة من منتصف الليل، حينها يكون الجميع مرهقا ومشدودا الأعصاب بالإضافة إلى عدم تركيز اللجنة أثناء التقييم للموظفين عند المقابلات، وقد نص القانون الدبلوماسي الذي صدر مؤخراً على ذلك بشكل صريح في المادة 6 البند 8 فرع (ج) أن تراعي اللجنة أثناء المقابلات أفضل الظروف لإجراء المقابلات.
بالإضافة إلى ما ذكر آنفاً من تجاوزات قانونية واضحة في عمل اللجنة، أشارت الشكوى أن المدة الزمنية لمقابلات الموظفين لم تكن كافية كما نص عليها القانون في المادة 6 بند 8 الفرع ج بتخصيص 15 دقيقة للمقابلة الواحدة للموظف و15 دقيقة بين كل مقابلة وأخرى بهدف التشاور بين أعضاء اللجنة لمعرفة النقاط التي لم تكن موجودة في الأصل التي حصل عليها الموظف، حيث أقرت هذه النقاط بعد صدور القانون من المجلس التشريعي ومجلس الوزراء.
وفي تبرير الموظفين لعدم اعتراضهم على قرارات اللجنة أوضحوا أنهم لم يكونوا يعلموا بوجود مادة قانونية تنص صراحة على حق الموظف بالاعتراض، لأنه لا يوجد في ذلك الوقت أي قانون دبلوماسي نستند إليه لا في التعيين ولا في الاعتراض.
في حين قال أحد الموظفين أنه تعرض وبعض الموظفين إلى تهديد الوزير ناصر القدوة بعد ظهور النتائج في تاريخ 25/6/2005، بعدم التقدم بأي تظلم أو شكوى أو اعتراض على النتائج لأي كان لأن ذلك سيعرض الموظف للعقاب القاسي.
وتكشف البيانات الأخرى تجاوز الوزارة في الترقية والتعيين لمواد قانون السلك الدبلوماسي، ومنها على سبيل المثال إتقان اللغة الإنجليزية والحصول على الدرجة الجامعية الأولى، في حين أن هناك أكثر من 10 أشخاص يحملون الدبلوم، توجيهي، شهادات غير مكتملة، شهادات غير معترف بها أدرجوا على السلك الدبلوماسي وبدرجات عالية.
إن شروط الترقية تكون بناء على معايير الأقدمية والكفاءة لموظفي السلك الدبلوماسي، وبعد مرور عام على عمله في السلك، في حين أن هناك نحو 13 موظفاً من الذين تم تصنيفهم في تاريخ 25/8/2005 تم ترقيتهم بعد أن صنفوا بدرجة دبلوماسية إلى درجة أعلى وذلك بعد صرف رواتب الشهر الأول في 1/10/2005 وبعد ذلك أقر مجلس الوزراء هذا القانون في 8/1/2006.
خفايا وحقائق
من بين المعلومات الأخرى والحقائق والخفايا في تعيينات السلك الدبلوماسي، فقد تم تعيين ابنة أخت مسؤول كبير في الوزارة وهي لازالت سنة أولى في الجامعة على درجة سكرتيرة مباشرة أي براتب حوالي 5000 شيكل (الدولار= 4.25 شيكل) شهرياً، كما حصل موظف بشهادة ثانوية على درجة مستشار في الخارجية أي براتب يصل إلى 8500 شيكل.
وبحسب المعلومات الأخرى، فإن نحو 13 موظفا تم ترفيعهم بتاريخ 20/10/2005 إلى درجات أعلى بعد عملية التسكين خارج المدة القانونية.
ولا يخلو الأمر من ظاهرة العائلية في وزارة الخارجية فهناك على سبيل المثال موظف كبير شقيقه وزوجته في الوزارة حيث لم تلتزم زوجته بالدوام في الوزارة مدة خمس سنوات وكانت تتقاضى خلالها راتبها كاملاً!!.
وهناك مسؤول كبير أيضا قام بتعيين ابنه بشكل مباشر مديراً في الوزارة، هذا إلى جانب الواسطة والمحسوبية في الدورات الخارجية.
وفي نموذج آخر على الفساد الإداري فقد تم تعيين ابنة نائب سابق في المجلس التشريعي على درجة دبلوماسية مباشرة وبعد الانتقادات من الموظفين لأن التعيين تم دون وجه قانوني أو استثنائي مهم تم إعادتها إلى درجة إداري، هذا إلى جانب عمل دبلوماسيين في الوزارة في أعمال أخرى يتقاضوا عليها رواتب رغم أن ذلك ممنوع وغير قانوني، خصوصاً في السلك الدبلوماسي.
ومن ضمن التجاوزات الأخرى هنالك أشخاص حصلوا على مرتبات دبلوماسية عالية واسمهم موجود في الرقابة العامة وعليهم قضايا اختلاس وهذا أيضا ينفي شرعية المنتسب للقانون الدبلوماسي، احدهم مسؤول في الخارجية.
وعلى ما يبدو أن هذه التجاوزات والخلل الإداري والمالي سوف يضاف إلى أعباء الحكومة الجديدة ووزير الخارجية الذي سيواجه ألغاما في طريقه بسبب الخطوات الاستباقية من الحكومة السابقة.
رعاية خاصة للفاسدين
وفي حادثة شكلت مثالاً صارخاً في حجم الرعاية وتوفير الغطاء للفاسدين في ظل الحكومات السابقة بزعامة حركة فتح، فقد أفادت مصادر إعلامية نقلاً عن مصادر فلسطينية وثيقة الإطلاع أن نائب القنصل وابن السفير الفلسطيني في المملكة العربية السعودية حقق معه في قضايا فساد إداري ومالي، مؤكدة أنه أدلى باعترافات تثبت تورطه في هذا الخصوص، وألقي القبض عليه من قبل الأمن الفلسطيني أثناء مغادرته معبر رفح نحو الأراضي المصرية، ومنها للسعودية، وذلك صباح 24 أيار (مايو) 2005، حيث وجهت إليه اتهامات في قضايا فساد ورشاوى وتزوير.
فما كان من رئيس السلطة محمود عباس إلا أنه أصدر أوامره بالإفراج عن مازن مصطفى الشيخ ديب، جراء
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...