الأحد 17/نوفمبر/2024

خطاب إلى الرئيس والمنظمات الفلسطينية: لم تخذلكم غزة فلا تخذلوها

المحامي فريح أبو مدين

من غزة إلى كل فلسطين والعرب، هناك محاولة خداع كبرى في الطريق إلى تصفية القضية عنوانها الراتب وحقيقتها التآمر.

فلقد اتخذ من غزة ميدان رماية للمناورات منذ زمن ليس بالقصير، وبدأت الصورة تتضح الآن بعد القمة وقبل زيارة أمريكا.

لقد كنت مشاركاً مع الآلاف من أهل غزة في ساحة السرايا، وتشعر مع الآلاف أن البعض يحاول كسر إرادتها برغيف الخبز، أو بشيكل “عملة إسرائيلية، ونتحدث عن الاستقلال”.

والمؤلم وأنت بين الناس، تجد من يحاول بيع الوهم بأن رضاء الرئيس مهم، فلا تقتربوا منه لعله يرحم، لذا وجهوا الغضب على رئيس الوزراء الحمدالله، بشعار “ارحل ارحل”، كم هذا التفكير مهين لشعب غزة أول الرصاص وأول الحجارة.

ولقد وقع في الفخ السيد رئيس الوزراء الحمدالله، حين أعلن وهو على بعد آلاف الكيلومترات في تونس، حيث فوجئ بردات الفعل العاصفة بأن قال “إن الحكومة صرفت على القطاع 17 مليار دولار خلال عشر سنوات”، إلا أن كلامه المتسرع فضح الطابق بالكامل، وهو شخص لا يمارس السياسة ولا الحكم، مع أنه حامل أختام الوزر والوزارة.

ومن مصدرٍ موثوق، هناك في رام الله، قيل إن القرار هو للرئيس وللرئيس فقط، وستتلوه قرارات أخرى، تمس عصب الحياة في القطاع في كل النواحي، وإن القرار سياسي بامتياز، والقصد منه إغراق حماس بمزيد من مشاكل سكان غزة.

وللعلم إن الرئيس لمّح إلى ذلك في مقابلة مع جريدة “القدس العربي” قائلاً “إذا شكلت حماس لجنة سباعية لإدارة غزة، سيكون لي شأن آخر”، وكأن غزة تُحكم بحماس منذ مدة قصيرة، والغريب أن الرئيس كان جذلاً مسروراً حين انفصال غزة عن الضفة.

وسبق أن نشرت مقولته بعد الانقسام التي قال فيها “الحمد لله أن أعمى قلب حماس، وتفردت بغزة”، فلماذا الآن هذا التصعيد واتخاذ أهل غزة رهينة من كلا الطرفين؟ وهل وجد تشجيعاً من القمة أم فتحت شهيته وثيقة حماس التي لم تُعلن رسمياً بعد؟، ومع من ينسق فخامته هذه الإجراءات؟ دعنا ننتظر ونرى!

لذا نعود بتساؤل من أهل غزة إلى كل الجهات الآتية، أولاً فتح والتنظيمات ثانياً، ورب قائل أي فتح فيهم، أقول هذا التحدي يطال فتح بمختلف مشاربها وأهوائها ويمس تاريخها منذ 1/1/1965 حتى الآن، فإذا كان هناك تيار أبو مازن وتيار دحلان وتيار مش عارف مين!

هل هم مستعدون للتوحد والتصدي لأمرٍ دُبر بليل؟ دعونا ننتظر اجتماع مركزيتها في رام الله، ولكن الثقل يجب أن يكون هنا في القطاع، فتركيبة المركزية نعرفها كلنا، كيف رُكبت في المؤتمر السابع وشعارها “نعم للرئيس ظالماً وظالماً”، وربما يخُلف ظنوني.

ثانياً: التنظيمات على اختلافها وعضويتها في المنظمة الموؤودة، هل ستصمت صمت الحملان أو الشياطين من أجل المخصصات؟

الشعب يراقبكم عن قرب، ودعوكم من البيانات والكلمات في المهرجانات، ولكن هل ستوقفون المشاركة في تنفيذية المنظمة، والتي أفرغت من محتواها، وأصبحت اسماً بلا مسمى.

وأخيراً، أعود إلى الشعب صاحب الشرعيات والسيادات المسلوبة منه، وأخص في الحالة هذه أهلنا في الضفة الغربية: ما هو موقفكم؟ ولا نزال نذكر عتبنا عليكم في الحروب الماضية على غزة، فاخلفوا الحال، وساندونا تسندوا أنفسكم.

وكلمة أخيرة لأبي مازن، أنت في مركز قوة، فلا تستقوِ بالعذاب على أهل غزة، والأجندات التي تعرفها مصيرها الفشل، واعلم أن تركيا وقطر خلف الباب، ولمست أنت بنفسك أثناء زياراتك لكلا البلدين ذلك، فلا تكُن دون كيشوت في رائعة سرفانتس وطواحين الهواء، فلم يتبق من العمر إلا البواقي، فاحرص كل الحرص؛ لأننا لن نسمح بتصفية أو إذابة القضية أو تجاهل غزة، فهي ليست بيدقًا في رقعة شطرنج؛ لأنها ستبقى رأس الرمح للقضية وأهلها، فسلام على أهل غزة، ومجداً لشهدائها وأسراها ومعدميها، اللهم اشهد اللهم.. إني بلغت.

*كاتب ووزير عدل فلسطيني سابق

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات