مسيرات العودة الكبرى.. خيار يخشاه الاحتلال

يستعد الكيان الصهوني لمواجهة التطور واتساع رقعة مسيرات العودة وسط تباين واختلاف في آليات مواجهة هذا النمط السلمي القادر على جمع التأييد الواسع في الساحات العالمية.
المتابع والراصد للقلق الصهوني يمكنه مشاهدة ذلك عبر التصريحات ومنهجيتها، سواء كان من رجالات السياسة أم الجيش الصهوني، والتي اختلفت في توصيف المسيرات وشكل التعاطي معها، بالإضافة إلى تباين حول آليات مواجهتها والتي اتخذ الاحتلال والولايات المتحدة أمامها جملة خطوات يمكن تلخيصها بالآتي:
أولا: الاستعانة ببعضٍ من العرب والغرب: هناك اتصالات ساخنة جرت بين الكيان ومصر للضغط على حماس بغية الوصول إلى تهدئة على حدود غزة، كما كانت المسيرات مدار نقاش بين جهات أمريكية ومصرية، حيث طالبت مصر بالتحرك لوقف التصعيد في المنطقة.
ثانيا: نزع الشرعية السياسية عن غزة: تزامنت مسيرات العودة مع تصريح ولي العهد السعودي ضد حماس، وتصنيفها غير المسبوق باعتبارها خطرا على الأمن القومي السعودي، والواضح أن المكنة العاملة في الشرق من بين الملفات التي تسعى لإغلاقها ملف صفقة القرن، وما يعيق تنفيذها على الأرض وعلى رأس هؤلاء القوة المتماسكة في القطاع، حيث استغلت التصريحات لحشد مواقف واضحة عربية تجاه غزة ومقاومتها.
ثالثا: التبهيت من جدوى مسيرة العودة: هناك مكنة إعلامية صهونية مقترنة ببعض المنصات العربية المشبوهة، وبعض من وسائل إعلام تعمل على مدار الساعة لتبهيت الجهد المبذول ونتائج الأسبوع الأول لمسيرة العودة، الأمر الذي يظهر على شكل حملات أهمها (الكلفة والثمن) (الوسيلة والشكل) (التباين في الحالة الفلسطينية) (المستفيد والخاسر)؛ حيث استخدمت هذه العناويين للوصول إلى حالة من الانفضاض الجماهيري حول شعار العودة.
رابعا: الترهيب والتخويف: حرص الاحتلال (على) تمرير رواية التوعد والكلفة للمشاركين في مسيرات العودة، وحرص أيضا على التخفيف من روايات التخوف منها ما استطاع؛ لإيصال رسالة أن الاحتلال غير عابئ بما يصنع شعبيا على الأرض.
هذه الآليات أردنا إظهارها، للوصول إلى مناقشة حقيقية للتساؤل: لماذا يخشى الاحتلال مسيرات العودة ويعد لمواجهتها عبر لجان دائمة العمل في وزارة الخارجية والأمن والإعلام الصهوني؟
الإجابة بحسب متابعة تصريحات قيادة الاحتلال تتلخص في جملة محاور يمكن اختصارها بالآتي:
أولا: الجانب الأمني: يرى الاحتلال أن استمرار السخونة على الجبهة الجنوبية سيوفر مكنة تحريض متسعة، مما سيؤثر بالضرورة على الأوضاع الأمنية في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني، كما سيحفز لتطوير أفكار تتعدى الداخل الفلسطيني على صعيد فكر مسيرة العودة الكبرى قبيل ذكرى النكبة.
ثانيا: الجانب المقاوم: الاحتلال يرى بأن خلاصة التحشيد على حدود قطاع غزة سيتيح شكلا من المواجهة على حدود غزة، كما سيدفع المجال لعودة موجة من العمليات في المناطق الفلسطينية.
ثالثا: إعادة الحياة للنضال السلمي والدوبلوماسي: من الواضح أن حركة المقاطعة أخذت منذ انطلاقها زخما جديدا، عبر تسليط الضوء على جرائم الاحتلال، كما أمكن إعادة القضية الفلسطينية على المنصات الدولية بعد أن تحولت إلى هامش في ظل الأوضاع المحترقة في الشرق.
رابعا: أصابت المسيرات المخطط الأمريكي في جانب صفقة القرن بضربة مهمة؛ إذ وضعت عراقيل كبيرة أمام الحركة المتسارعة العربية نحو تبني إطار حل في الملف الفلسطيني مع العرب، إذ يشكل هذا الاستمرار عقبة لا يمكن تجاوزها بسهولة، وإن تم سيكون الإطار باهتا ضعيفا، لن تقوى معه الأطراف فرضه على الساحة الفلسطينية.
خامسا: رتبت مسيرات العودة الأجندة الفلسطينية ورفعت سقف الحلبة السياسية التي دخلت في موجة تصعيد داخلي بعد حادثة موكب الحمد الله، وما توقع على أثرها من تصعيد ممنهج على قطاع غزة.
سادسا: وفرت المسيرات فرصة للالتقاط الأنفاس ومراجعة خطوات الرئيس عباس في ملف الوطني والتنفيذية خاصة مع غياب حماس والجهاد والشعبية عن المشاركة.
سابعا: رفعت المسيرات مستوى التعبئة الجماهيرية الداخلية والخارجية تجاه القضية الفلسطينية، كما أعادتها إلى واجهة السياسة من جديد الأمر الذي سيستمر هذه الجمعة بزخم يوازي ما كانت عليه الأمور الأسبوع الماضي.
أمام ذلك، يحتاج القائمون على مسيرة العودة جهدا قويا مبذولا للحفاظ على منهجية متماسكة خلال المرحلة القادمة، وتتلخص بالآتي:
أولا: خطاب علمي مدروس يأخذ بعين الاعتبار الجهات التي يتم توجيه الرسائل إليها، وباللغات التي تناسبها.
ثانيا: استمرار الجماهير في السلمية والتقليل من الخسائر، عبر سياسة الاعتصامات الممنهجة والمتصاعدة في مناطق الحدود، وتحشيد التفاعل خارج قطاع غزة.
ثالثا: ترسيخ يوم الجمعة كقاعدة حضور فلسطيني في كافة العواصم الأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة، ثم استثمار باقي الأسبوع لحركة دبلوماسية عالمية.
رابعا: دخول حركة الاحتجاج إلى مناطق اللجوء في المخيمات الفلسطينية ومحاولة حشد كبير للفكرة حتى لو كان ذلك على بوابات المخيمات إن تعذرت الحدود.
خامسا: العمل على خروج أسطول حرية ضخم يصل بالتزامن مع أيام الجمعة لمئات النشطاء من أكثر من بلد وبأكثر من سفينة.
سادسا: ترتيب مسيرة مخترقة للحدود عبر مواكب السيارات تخرج من دول أوروبية، وتتجه إلى دول الطوق لتحقيق تعبئة واسعة قبيل النكبة.
سابعا: وضع منهجية إعلامية جمعية تراعي فتح الفضاء لموجات بث مشترك وعدم التفكير بحدود القناة الخاصة والسبق الصحفي.
وعليه يرى مركز القدس التطور في الأداء باعث أمل لتحقيق أهداف مسيرات العودة، كما يراها فرصة وطنية مهمة لترتيب البيت الفلسطيني وتمتين وحدته، بالإضافة إلى كونها الباعث المهم لترتيب الأجندة الوطنية وشكل النضال ووجهته في المرحلة القادمة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...