حماس.. إنذار ما قبل الترهل

منذ أن قررت حماس الدخول في انتخابات المجلس التشريعي وهي تحاول أن تصل بقاعدتها الشبابية إلى تشكيل عقلي متوازن يستطيع الشباب من خلاله استيعاب استحقاقات المرحلة والتكيف مع الوضع الجديد على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية منها والفكرية وحتى الاقتصادية.
اعتقدت حماس أن قاعدتها الشبابية قادرة أن تنتقل بسرعة بين المستويات الفكرية لتنطلق في تجربة هي الأولى من نوعها وهي المزج ما بين مبادئ الدين ومفاهيم المجتمع المدني باتساعها وتشعبها وأيضا مزالقها في الوقت الذي استغرقت غيرها من الحركات الإسلامية عقودا من الزمن لتهيئة عقول الشباب من أبنائها والتأسيس لتلك المرحلة .بالتأكيد لأن عملية التحول تلك خطورتها تكمن في الانحرافات الفكرية التي تشكل درجة أعلى في الخطورة من الانحرافات الخلقية التي قد تنجم عن تلك العملية.
قد يكون شباب الحركة الإسلامية في فلسطين عاشوا تجربة جديدة في حينها وغمرتهم السعادة وعمت الفرحة الأرجاء عندما فازت حماس بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي لكن وسط تلك الصورة التي رسمت لحظات الفرحة الآنية كان هناك ضبابية في الرؤية لدى الكثيرين من أبنائها، وإن أول تناقض فكري دخل فيه أولئك الشباب هو تباين القول لأساتذة الشريعة والفقه ممن كانوا على رأس القائمة الممثلة لحركة حماس من التغيير والإصلاح مع فعلهم عندما قبلوا بدخول الانتخابات وأصبحوا ينادون صباح مساء بالشرعية المستندة إلى القانون والدستور. وإني مازالت أذكر ما يتم تداوله في كتب متطلبات الجامعة الإسلامية الإلزامية في كتب الفقه والشريعة التي تحرم التعامل مع القوانين الوضعية و تلح علينا بالتكرار بأن من سن قانونا أو خطه بيده فكأنما نازع الله في سلطانه وهو في دائرة الكفر واقع.
مواقف ثلاث انقسمت عليها القاعدة الشبابية بعد الفوز: فالموقف الأول كان موقف الاندفاع اللاعقلي وهذا اتخذته الشريحة الشبابية التي تنتمي قلبا لا فكرا وتحزبا لا انتماء للحركة الإسلامية و ما يميز هؤلاء أن أعدادهم كثيرة في صفوف الحركة وهم من الذين يقادون ولا يقودون.
أما الموقف الثاني فكان التربع في دائرة الخوف والحذر مما هو آت والإحجام عن التعامل الجريء مع معطيات الأمور وهذا الموقف اتخذته الشريحة التي عششت في عقولها ما تم تسريبه إليها عبر عقود من الأفكار السلفية الاعتزالية التي لا تعرف فقها للواقع ولا أولويات ومقاصد للدين الإسلامي.
أما الموقف الثالث فهم من سارعوا إلى نقطة التوازن الفكري فقيموا قرارات الحركة وأهدافها ثم انطلقوا مقدمين فكرا وقلبا ومساندين وداعمين للحركة وقادتها على قلة عددهم إلا أنهم الأكثر نفعا.
بعدها أدخلت حماس عناصرها الشابة على اختلاف مواقفهم إلى المؤسسات المدنية والحكومية فنقلتهم بشكل مفاجئ من أجواء المسجد والجامعات وساحات النزال إلى صورة أخرى ترتسم فيها معالم الدبلوماسية والديمقراطية والحنكة السياسية والعلاقات العامة والإعلام وغيرها من العلوم التي طغت عليها ثقافة المقاومة من قبل.
هذا كله كان له ثمنه رغم التمكين الذي استطاعت حماس أن ترسي دعائمه في القطاع فمع كثرة الانشغالات والتجاذبات السياسية التي فرضها الواقع المرير على الحركة وفي زحمة انشغالات أبناء الحركة للنهوض بمستوى المؤسسات التي دخلوها ، قل التواصل ما بين القادة (قمة الهرم) والشباب (قاعدة الهرم) في الحركة بخلاف ما تعود عليه الشباب مسبقا فمن منا لا يذكر جلسات إبراهيم المقادمة الفكرية والياسين والرنتيسي التي مزجت ما بين صلاح الدين والدنيا منارات تهدي التائهين! لكن أين هم قادة حماس اليوم؟! هم على الساحة أيضا وفي الميدان لكنهم على جبهة أخرى من قاعدتهم الشبابية، إنها الجبهة السياسية حيث طغت السياسة على خطابهم و كلماتهم وقليلا منهم من حافظ على نقطة التوازن فيه.
إن المشكلة بعد هذا الوصف تكمن في أن حركة المقاومة الإسلامية حماس انطلقت من ميدان المقاومة إلى كل ميدان، ومن خصوصية المهمات إلى عمومية المسئوليات ومن محلية العطاء إلى عالمية الأداء وفي كل يوم تستوعب المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني تحت لوائها ويرقب الجميع في الخارج سلوكها وأداءها وإن لم يكن هناك تقييم سريع وتقويم يعالج أمورها فمصيرها اللامرجو بعد عقود هو الترهل إن بقيت على حالها ويبقى الأمل معقودا بناصية المفكرين ذوي التفكير النقدي السليم من أبنائها ليقيموا التجربة ويقوموا الأداء ويعلوا البناء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...