نتانياهو… بماذا يعود؟

صحيفة الاتحاد الإماراتية
عندما شن بنيامين نتانياهو زعيم “الليكود”، هجوماً عنيفاً على الجنرال اسحق رابين رئيس الوزراء بسبب توقيعه على اتفاقية أوسلو مع ياسر عرفات، تحول اتجاه الرأي العام الإسرائيلي عام 1995 نسبياً عن تأييد خطة السلام التي أرساها حزب “العمل”. في الوقت نفسه استلهمت قوى التطرف “اليميني” أحاسيس القوة من خطب نتانياهو ذلك العام، خاصة الخطاب، الذي ألقاه في حشد جماهيري، وقال فيه إنه لا يستطيع إيقاف سياسات رابين الذي “يسلم أرض إسرائيل لأعدائها”، بالطرق السياسية في الكنيست، ولهذا فهو يطالب الشعب بأن يتصرف معه. جاء هذا الخطاب قبل أسابيع قليلة من قيام حاخامات المستوطنين المنتمين إلى جماعات “جوش إمونيم” بتوزيع فتوى تحت عنوان “حكم من يسلم أرض إسرائيل لأعدائها”، وفيها أحل الحاخامات دم رابين باعتباره” يهودياً قام بمخالفة الشريعة”، ووقع اتفاقاً مع أعداء “إسرائيل” يسلمهم بموجبه أجزاء من الضفة الغربية التي يعتبرها هؤلاء الحاخامات جزءاً من أرض “إسرائي”ل الكاملة.
بعد أقل من أسبوعين من اكتشاف هذه الفتوى ورغم تشديد الحراسة على رئيس الوزراء، استطاع الشاب اليهودي المتطرف دينياَ يحآل عامير -عميل “الشاباك” وهو جهاز أمن الدولة الداخلي- أن يخترق حواجز الحراسة بفضل بطاقة شخصية صادرة له من “الشاباك”، وأن ينصب كميناً لرئيس الوزراء عند خروجه من مؤتمر جماهيري، ويطلق عليه النار من ظهره، ليصيب القلب بإتقان وإحكام، فيموت رابين وهو في طريقه للمستشفى.
الغريب أن الرأي العام الإسرائيلي الذي كان قد منح حزب “العمل” أغلبية للحكم عام 1992، قرر أن ينحاز لنتانياهو عندما رشح نفسه عام 1996 أمام زعيم حزب “العمل”، والذي تولى مكان رابين، وهو شمعون بيريز. فاز نتانياهو في الانتخابات وتولى رئاسة الوزراء رغم محاولات منافسه إظهار القسوة ضد العرب لكسب الشعبية اللازمة بارتكابه مذبحة “قانا”.
هكذا جاء نتانياهو إلى الحكم عام 1996 على دقات طبول التطرف ضد العرب، والتحريض المباشر ضد رئيس الوزراء المنتخب، واعتبار مدن الضفة التي سلمت للسلطة الفلسطينية بمثابة “قلب أرض إسرائيل” الذي يجب استرداده.
مضت سنوات على حكم نتانياهو في التسعينيات مشحونة بأحداث دامية مع الشعب الفلسطيني نتيجة لوضع برامج استيطان جديدة في جبل أبوغنيم بالقدس ونتيجة لافتتاح نفق تحت المسجد الأقصى، ونتيجة لعمليات عسكرية عدوانية ونتيجة لاستخدام سياسة معلنة قائمة على العجرفة سماها نتانياهو نفسه “سياسة تكييف العرب”، ويقصد بها ضرورة أن تقبل السلطة الفلسطينية جميع الإملاءات الأمنية من حكومة “إسرائيل”، وأن تقنع بما يقدم لها مقابل حماية أمن “إسرائيل” وهي عالمة أن الحكومة الإسرائيلية لا توافق على قيام دولة فلسطينية في التسوية النهائية، ولا تعترف للشعب الفلسطيني بأكثر من الحكم الذاتي “للسكان” على أن تكون “السيادة على الأرض” ل”إسرائيل”.
خلال سنوات حكمه زار نتانياهو مصر، وقبل أن يصل إلى القاهرة طيرت وكالات الأنباء تصريحاً منقولاً عنه يقول فيه إن على الحكام العرب أن يعلموا مثقفيهم كيف يحترمون “إسرائيل” وثقافة السلام، فاستفز جميع المثقفين المصريين استفزازاً شديداً وقابل في القاهرة أجواء رفض ساخنة له ولسياساته.
اليوم تشير استطلاعات الرأي إلى أن حظوظ نتانياهو في كسب منصب رئيس الوزراء، تتزايد في الانتخابات التي ستجرى في العاشر من فبراير المقبل، وأن حظوظ تسيبي ليفني زعيمة كاديما، الحزب “الوسطي” الذي انسلخ عن “الليكود”، أقل منه، وأن ضغوط إيهود باراك زعيم حزب “العمل” أقل من الاثنين. مرة أخرى نواجه تحولاً في اتجاه الرأي العام الإسرائيلي الذي منح كاديما في انتخابات 2006 تسعة وعشرين مقعداً في الكنيست رغم أن الحزب أعلن اعترافه بالحل القائم على وجود دولة فلسطينية. الغريب أن هذا الرأي العام الذي أعطى”الليكود” بزعامة نتانياهو أحد عشر مقعداً فقط، قد غير اتجاهه بعد عامين وراح يمنح “الليكود” وزعيمه نسباً شعبياً عالية في الاستطلاعات.
إن السؤال الآن هو: بماذا سيعود نتانياهو للحكم؟ هل سيعود بخطة لدفع عملية التفاوض على الحل النهائي؟ بالطبع لا، فهو يرى أن تحسين الأوضاع الاقتصادية في الضفة أهم لأمن “إسرائيل” من إقامة دولة فلسطينية، وبالتالي فإن وصوله للحكم إذا حدث، سيكون خاتمة أليمة للمفاوضات التي انطلقت في “أنابوليس” لتعود إلى نقطة الصفر وإلى سياسات التطرف العدوانية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...