الثلاثاء 13/مايو/2025

شارع الشهداء .. قلب الخليل النابض بالتضحيات رغم الإغلاق

شارع الشهداء .. قلب الخليل النابض بالتضحيات رغم الإغلاق

في قلب المنطقة التجارية الكبرى في البلدة القديمة من الخليل، جنوب الضفة المحتلة، يمتد شارع الشهداء، الذي حمل اسمه من مسيرة حافلة بالتضحيات عبر التاريخ؛ متحدياً سياسة الإغلاق والقيود الاحتلالية.

وبطول يصل إلى نحو 1300 متر، يمتد الشارع وسط الأسواق، والمتاجر الكبرى، وسوق الخضار المركزي “الحسبة”، ومحطة الباصات المركزية، والمقبرة الإسلامية، والمساجد التاريخية العريقة، من منطقة باب الزاوية، وحتى سوق القفاصين، ومنطقة السهلة، ويبدو كل جزء فيه شاهدًا على مرحلة ومحطات مضيئة من التضحيات والألم والأمل في الوقت نفسه.

السيطرة الاستيطانية على الشارع

في بداية الثمانينيات، وعقب عملية “الدبويا” الشهيرة، سيطرت سلطات الاحتلال على مدرسة الدبويا، ومستوصف الإخوان المسلمين، وأصبحت المنطقة جيبا استيطانيا في قلب شارع الشهداء، تحميه قوات كبيرة من الجيش الصهيوني.

وبعد مجزرة المسجد الإبراهيمي (1994)، سيطرت قوات الاحتلال على محطة الباصات المركزية، وسوق الخضار، ومدرسة أسامة بن المنقذ، ومسجد القطانين، ومسجد الكيال، ومحطة الجعبري، للمحروقات ومئات المحال التجارية.

وباتت منطقة شارع الشهداء بأكملها منطقة استيطانية عسكرية؛ حيث أغلق الشارع بأكمله أمام حركة مرور السيارات الفلسطينية، ومنع التجار من فتح حوانيتهم ومتاجرهم من غير اكتراث بكونه شرياناً رئيسًا للحياة العامة والاقتصادية والحيوية في قلب المدينة.

التسمية

روايات كثيرة تناقلها المؤرخون والباحثون حول تسمية الشارع، منها ما نقله الواقدي أن الصليبيين حاصروا مجموعة من سكان المدينة المسلمين، وذبحوا أربعين منهم، على تلة الرميدة، المطلة على أحياء المدينة، فتدحرجت رؤوسهم حتى وصلت إلى المكان الذي أطلق عليه فيما بعد شارع الشهداء. 

وبقي الشارع على مدار التاريخ مسرحاً للمواجهات، وعلى أعتابه وبين جوانبه ارتقى عشرات الشهداء برصاص الاحتلال ومستوطنيه، كان آخرهم الشهيدة هديل الهشلمون والشهيد فضل القواسمي والشهيد طارق النتشة خلال انتفاضة القدس المستمرة.

ورأى منسق اللجنة الوطنية لمواجهة الاستيطان، هشام الشرباتي، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن هدف الاحتلال من إغلاق شارع الشهداء هو تعزيز الوجود الاستيطاني في قلب المدينة.

وأشار إلى أن خطوات الاحتلال الأولى بدأت لتجفيف منابع الحياة في البلدة القديمة؛ بالسيطرة على المرافق الهامة للحياة، ومنذ تلك الفترة بدأت المعاناة تزداد للمواطنين القاطنين في الشارع، من حمل حاجياتهم ومتطلبات الحياة على أكتافهم وصولا إلى منازلهم.

إغلاق الشارع

وأضاف الشرباتي، أن مخطط التهويد لم يتوقف؛ بل استمر مع بداية الانتفاضة الثانية بفرض منع التجول على المنطقة ككل، وكان التركيز على السكان القاطنين بجانب البؤر الاستيطانية، فكان شارع الشهداء في أغلب الأوقات مغلقاً؛ تحت ذريعة حماية المستوطنين المتواجدين في البؤر الاستيطانية المحيطة به.

وأكد الشرباتي، أن إغلاق شارع الشهداء، يعد من العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين، لافتاً إلى أن الحجة الأمنية في إغلاق شارع الشهداء هي “حماية المستوطنين”.

وقال: “هذه الحجة تنسفها اتفاقية جنيف الرابعة، التي تؤكد أنه لا يحق للاحتلال نقل رعاياه ومواطنيه إلى الإقليم المحتل، وبالتالي أساس الحجة الأمنية باطل، ووجود المستوطنات باطل”.

الاعتداءات متكررة

من جهته، يؤكد الناطق الإعلامي باسم تجمع شباب ضد الاستيطان، محمد الزغير، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن اعتداءات الاحتلال على سكان شارع الشهداء ما تزال مستمرة؛ بهدف تهجير ما تبقى من السكان والسيطرة على ممتلكاتهم.

وأضاف الزغير، إن هذه الاعتداءات تمثلت بمحاولات القتل، والاعتقال، والتنكيل، وإلقاء الحجارة، وسكب الخمر على وجه امرأة محجبة، وتفتيش المنازل واعتقال الأطفال، وإغلاق المحال التجارية، وتهجير وتشريد السكان، والسيطرة على المحلات، وبعض الممتلكات. 

فعاليات شعبية لفتح الشارع

كما أكد الزغير، أن المحاولات والفعاليات مستمرة لفتح شارع الشهداء، ووقف معاناة السكان فيه، حيث قام تجمع شباب ضد الاستيطان، وبالتعاون مع المؤسسات الحقوقية، والناشطين الحقوقيين في المدينة، بالعمل على حملة دولية لإعادة فتح شارع الشهداء، وذلك في العام 2009 بعد زيارة متضامنين من دولة جنوب افريقيا للخليل.

وفي حينه، تحدث المتضامنون أن نظام الاحتلال في البلدة القديمة وشارع الشهداء يشبه نظام “الأبارتايد” الذي كان يفصل البيض عن السود في جنوب إفريقيا، حيث تم تسجيل أكثر من 88 فعالية في العالم بعنوان “افتحوا شارع الشهداء”. 

وتكرر اسم شارع الشهداء خلال انتفاضة القدس الحالية مراراً، وأبى إلّا أن يكون حاضراً في مسيرة التضحيات والعطاء بالمزيد من الشهداء والجرحى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات