شارع الشهداء .. قلب الخليل النابض بالتضحيات رغم الإغلاق

في قلب المنطقة التجارية الكبرى في البلدة القديمة من الخليل، جنوب الضفة المحتلة، يمتد شارع الشهداء، الذي حمل اسمه من مسيرة حافلة بالتضحيات عبر التاريخ؛ متحدياً سياسة الإغلاق والقيود الاحتلالية.
وبطول يصل إلى نحو 1300 متر، يمتد الشارع وسط الأسواق، والمتاجر الكبرى، وسوق الخضار المركزي “الحسبة”، ومحطة الباصات المركزية، والمقبرة الإسلامية، والمساجد التاريخية العريقة، من منطقة باب الزاوية، وحتى سوق القفاصين، ومنطقة السهلة، ويبدو كل جزء فيه شاهدًا على مرحلة ومحطات مضيئة من التضحيات والألم والأمل في الوقت نفسه.
في بداية الثمانينيات، وعقب عملية “الدبويا” الشهيرة، سيطرت سلطات الاحتلال على مدرسة الدبويا، ومستوصف الإخوان المسلمين، وأصبحت المنطقة جيبا استيطانيا في قلب شارع الشهداء، تحميه قوات كبيرة من الجيش الصهيوني.
وبعد مجزرة المسجد الإبراهيمي (1994)، سيطرت قوات الاحتلال على محطة الباصات المركزية، وسوق الخضار، ومدرسة أسامة بن المنقذ، ومسجد القطانين، ومسجد الكيال، ومحطة الجعبري، للمحروقات ومئات المحال التجارية.
وباتت منطقة شارع الشهداء بأكملها منطقة استيطانية عسكرية؛ حيث أغلق الشارع بأكمله أمام حركة مرور السيارات الفلسطينية، ومنع التجار من فتح حوانيتهم ومتاجرهم من غير اكتراث بكونه شرياناً رئيسًا للحياة العامة والاقتصادية والحيوية في قلب المدينة.
روايات كثيرة تناقلها المؤرخون والباحثون حول تسمية الشارع، منها ما نقله الواقدي أن الصليبيين حاصروا مجموعة من سكان المدينة المسلمين، وذبحوا أربعين منهم، على تلة الرميدة، المطلة على أحياء المدينة، فتدحرجت رؤوسهم حتى وصلت إلى المكان الذي أطلق عليه فيما بعد شارع الشهداء.
وبقي الشارع على مدار التاريخ مسرحاً للمواجهات، وعلى أعتابه وبين جوانبه ارتقى عشرات الشهداء برصاص الاحتلال ومستوطنيه، كان آخرهم الشهيدة هديل الهشلمون والشهيد فضل القواسمي والشهيد طارق النتشة خلال انتفاضة القدس المستمرة.
ورأى منسق اللجنة الوطنية لمواجهة الاستيطان، هشام الشرباتي، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن هدف الاحتلال من إغلاق شارع الشهداء هو تعزيز الوجود الاستيطاني في قلب المدينة.
وأشار إلى أن خطوات الاحتلال الأولى بدأت لتجفيف منابع الحياة في البلدة القديمة؛ بالسيطرة على المرافق الهامة للحياة، ومنذ تلك الفترة بدأت المعاناة تزداد للمواطنين القاطنين في الشارع، من حمل حاجياتهم ومتطلبات الحياة على أكتافهم وصولا إلى منازلهم.
وأضاف الشرباتي، أن مخطط التهويد لم يتوقف؛ بل استمر مع بداية الانتفاضة الثانية بفرض منع التجول على المنطقة ككل، وكان التركيز على السكان القاطنين بجانب البؤر الاستيطانية، فكان شارع الشهداء في أغلب الأوقات مغلقاً؛ تحت ذريعة حماية المستوطنين المتواجدين في البؤر الاستيطانية المحيطة به.
وأكد الشرباتي، أن إغلاق شارع الشهداء، يعد من العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين، لافتاً إلى أن الحجة الأمنية في إغلاق شارع الشهداء هي “حماية المستوطنين”.
وقال: “هذه الحجة تنسفها اتفاقية جنيف الرابعة، التي تؤكد أنه لا يحق للاحتلال نقل رعاياه ومواطنيه إلى الإقليم المحتل، وبالتالي أساس الحجة الأمنية باطل، ووجود المستوطنات باطل”.
من جهته، يؤكد الناطق الإعلامي باسم تجمع شباب ضد الاستيطان، محمد الزغير، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن اعتداءات الاحتلال على سكان شارع الشهداء ما تزال مستمرة؛ بهدف تهجير ما تبقى من السكان والسيطرة على ممتلكاتهم.
وأضاف الزغير، إن هذه الاعتداءات تمثلت بمحاولات القتل، والاعتقال، والتنكيل، وإلقاء الحجارة، وسكب الخمر على وجه امرأة محجبة، وتفتيش المنازل واعتقال الأطفال، وإغلاق المحال التجارية، وتهجير وتشريد السكان، والسيطرة على المحلات، وبعض الممتلكات.
كما أكد الزغير، أن المحاولات والفعاليات مستمرة لفتح شارع الشهداء، ووقف معاناة السكان فيه، حيث قام تجمع شباب ضد الاستيطان، وبالتعاون مع المؤسسات الحقوقية، والناشطين الحقوقيين في المدينة، بالعمل على حملة دولية لإعادة فتح شارع الشهداء، وذلك في العام 2009 بعد زيارة متضامنين من دولة جنوب افريقيا للخليل.
وفي حينه، تحدث المتضامنون أن نظام الاحتلال في البلدة القديمة وشارع الشهداء يشبه نظام “الأبارتايد” الذي كان يفصل البيض عن السود في جنوب إفريقيا، حيث تم تسجيل أكثر من 88 فعالية في العالم بعنوان “افتحوا شارع الشهداء”.
وتكرر اسم شارع الشهداء خلال انتفاضة القدس الحالية مراراً، وأبى إلّا أن يكون حاضراً في مسيرة التضحيات والعطاء بالمزيد من الشهداء والجرحى.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...

حماس: عودة عيدان ألكسندر ثمرة الاتصالات وجهود الوسطاء
المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن عودة الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر ثمرة الاتصالات الجادة مع الإدارة الأمريكية وجهود الوسطاء، وليس...