نتنياهو سلاح كاسر للتوازن والاتزان والاعتدال

صحيفة الخليج الإماراتية
الصراع بين العرب و”إسرائيل” لا يقتصر، كما يبدو، على حال العداء والحرب بين أطراف الخط العربي المقاوم والكيان الصهيوني. ثمة إشارات ذات دلالات إلى أن الصراع سيتحول أيضاً، عاجلاً أم آجلاً، إلى حال عداء وربما مواجهة بين العرب، ممانعين ومعتدلين، والصهاينة المتطرفين، وهم في طريقهم إلى وضع أيديهم على السلطة.
الصهاينة المتطرفون، أعلن بعضهم لوسائل الإعلام وبعضهم الآخر في مؤتمر هرتسيليا للشؤون الأمنية والاستراتيجية، مواقف تتعارض إلى حدٍ بعيد مع المواقف المعلنة للعرب المعتدلين. زعيم حزب ليكود اليميني المتشدد بنيامين نتنياهو يرفض علناً مبادرة السلام العربية، كما يرفض المفاوضات مع سوريا التي كان رئيس الحكومة إيهود أولمرت بدأها بصورة غير مباشرة مع سوريا عبر تركيا. زعيم حزب العمل ووزير الحرب إيهود باراك يرفض المبادرة العربية ويتقبّل المبادرة السعودية كأساس للتفاوض. والفارق بين الاثنتين أن الأولى تتضمن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، بينما لا تشير الثانية إلى ذلك.
تترافق مع هذه السلبية المتصاعدة ضد العرب، إعادة تموضع سياسية لافتة، فقد أبدى حزب “كاديما” الوسطي بزعامة وزيرة الخارجية تسيبي ليفي شعوراً حاداً بالتوجس والقلق من اجتماع زعيمي حزبي ليكود والعمل أخيراً واتهمهما بعقد صفقة يحتفظ بموجبها باراك بمنصب وزير الحرب في حكومة جديدة برئاسة نتنياهو.
الأخطر من ذلك كله صعود حظوظ حزب “”إسرائيل” بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان، القومي المتطرف الملقب “القيصر” والمنتظر أن يحصد 18 مقعداً نيابياً من أصل 120 في الكنيست ما يجعله القوة الثالثة في “إسرائيل”، متقدماً على حزب العمل العلماني وحزب “شاس” الديني. والمقول إن حصول ليبرمان على هذا العدد من المقاعد سيفرضه شريكاً قوياً في حكومة نتنياهو المقبلة. وقد تردد أنه سيشغل فيها منصب وزير الحرب.
ليبرمان أشتهر بدعوته إلى استعمال السلاح النووي ضد إيران، وإلى سحق المقاومة الفلسطينية، لاسيما “حماس”، بكل الوسائل الممكنة، وهو يعتبر عرب فلسطين الذين بقوا في الكيان الصهيوني بعد إنشائه سنة 1948، أي ما يشكّل اليوم أكثر من 20 في المائة من السكان، “طابوراً خامساً”. لذلك فهو يدعو إلى سن قانون يرغمهم على توقيع إعلان “ولاء” ل”إسرائيل”، ومن يعص هذا الأمر يحرم من حق التصويت، وقد يصار إلى طرده من البلاد.
يتحصّل من هذه الوقائع وغيرها أن الانتخابات النيابية “الإسرائيلية” قد تنتهي إلى صعود “يميني جديد” متطرف، عنصري وفاشي، وبالتالي رافض لمبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والسوريين وسائر العرب.
أكثر من ذلك، من المنتظر أن تتوافق معظم الأحزاب الصهيونية، لاسيما اليمينية منها، على موقف أشد تطرفاً من إيران. ففي مؤتمر هرتسيليا دعا باراك إلى “تفاهم استراتيجي” مع الولايات المتحدة في شأن البرنامج النووي الإيراني، وأنه حتى لو اختارت إدارة أوباما الطريق الدبلوماسي مع طهران، ينبغي أن تضمن “إسرائيل” “أن تكون المحادثات محددة بفترة قصيرة، وبعدها يجري فرض عقوبات صارمة ثم استعداد للتحرك. وقت محدود، عقوبات قاسية، وكل الخيارات على الطاولة”. ومن بين الخيارات توجيه ضربة عسكرية قاسية إلى إيران، كما يهدد باراك ضمناً، أو ضربها بالسلاح النووي، كما يدعو ليبرمان.
إلى أين من هنا؟
لا شك في أن وصول اليمين المتطرف بشخص نتنياهو إلى السلطة سيعقد الأمور كثيراً، “إسرائيلياً” وإقليمياً وأمريكياً. ذلك أن الحكومة اليمينية الجديدة ستتخذ، على الأرجح، المواقف الآتية:
* ستكون أكثر تعصباً وبالتالي عداء للسكان الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني، الأمر الذي سيحرج السلطة الفلسطينية وداعمي خط التسوية.
* ستكون أكثر تشدداً إزاء شروط التفاوض مع سوريا خصوصاً، ومع العرب عموماً.
* ستحاول إعطاء البرنامج النووي الإيراني أولوية مطلقة على سائر القضايا العالقة بقصد حمل إدارة أوباما على اتخاذ موقف صارم من إيران عقوبات شديدة أو ضربة استباقية قبل ولوج باب المفاوضات مع العرب. وعليه ستكون المفاوضات مع سوريا معلّقة على شرط فك ارتباطها مع إيران، ومع العرب المعتدلين معلقة على شرط عدم المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
إذا انتهت الانتخابات “الإسرائيلية” إلى تأليف حكومة يمينية متشددة تتخذ المواقف الآنفة الذكر فإن الممانعين سيجدون أنفسهم في الحرب مجدداً، بشكل أو بآخر، مع “إسرائيل” أكثر تشدداً واستعداداً لاستعمال القوة المفرطة. أما المعتدلون فقد يجدون أنفسهم عاجزين عن العثور على مسؤول “إسرائيلي” واحد، ناهيك عن حكومة “إسرائيلية”، ترضى بأن تفاوضهم على أساس المبادرة العربية للسلام.
ماذا عن الولايات المتحدة؟
يبدو أن الرئيس باراك أوباما، رغم اهتمامه الملحوظ بإيجاد حل للصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” على أساس حل الدولتين، قد أعطى أولوية مطلقة لقضية أفغانستان. وبما أن قضية أفغانستان مرتبطة، بشكل أو بآخر، بقضية إيران ومستقبل برنامجها النووي، فإن أوباما سيجد نفسه مضطراً إلى مراعاة الكيان الصهيوني الذي تجمع أحزابه على اعتبار إيران الخطر الأول على “أمن “إسرائيل””.
إذا أخذت التطورات الحالية والمرتقبة هذه الوجهة، فإن نتنياهو سيكون، قولاً وفعلاً، رئيس الوزراء “المدني” الأكثر تطرفاً وعنفاً من رؤساء الحكومة العسكريين، والرجل الذي يرشح نفسه كما يرشحه سائر الصهاينة المتطرفين لأن يلعب دور كاسر بوادر التوازن والاتزان والاعتدال، وربما أكثر، دونما طائل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...