عمونا.. البؤرة الاستيطانية الأكبر والأخطر!
مع استقواء اليمين الإسرائيلي وحكومة بنيامين نتنياهو بعد نجاح المرشح الجمهوري ترامب بالانتخابات الأمريكية، تبدو الحركة الصهيونية بشقيها الديني وغير الديني مسعورة لاستئناف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، واستغلال انشغال العالم بتداعيات فوز ترامب والمخاوف المتوقعة من إدارته.
تقع مستوطنة عمونا الأكبر في الضفة الغربية المحتلة شمال شرق رام الله، وهي مجاورة لمستوطنة “عوفرا”، ورغم هدم جزء منها في الماضي مرتين عام 2006 (9 منازل فقط)، تصدى آلاف المتظاهرين الذين تحصّنوا في المكان لإحباط عملية إخلاء البؤرة الاستيطانية وهدمها، وتطوّرت مواجهات عنيفة بين المستوطنين وجنود الاحتلال. وفي عام 2013 تم هدم منزل آخر في عمونا، بناء على قرار المحكمة الإسرائيلية لأنه تم بناؤه على أرض فلسطينية خاصة.
موعد إخلاء مستوطنة عمونا القادم هو 25 كانون الأول/ ديسمبر هذا العام، أي بعد شهر تقريباً، إلا أن تاريخ بناء هذه المغتصبة يعود إلى قيام أوائل المستوطنين من المستوطنة عوفرا، الواقعة على مسافة كيلومتر منها بالقدوم إليها والشروع في بناء أبنية جديدة ملاصقة للمستوطنة الأقدم (عوفرا). وتعيش في “عمونا” اليوم 40 أسرة، وسكانها مزارعون ونجارون ومعلّمون وأصحاب مهن حرة.
واقع الحال أن حكومة الاحتلال تفرق بين المستوطنات القديمة و”الممأسسة” التي حصلت على تصريح أو اعتراف من الحكومة الإسرائيلية، وبين البؤرة الاستيطانية التي هي مستوطنة لا تعترف بها الحكومة كمستوطنة لاعتبارات مختلفة، ولذلك يأمر القانون الإسرائيلي القوى الأمنية بإخلاء أجزاء منها أو كلها، ورغم أن هذا التفريق لا يسمن ولا يغني من جوع بالنسبة للفلسطينيين أو القانون الدولي، كونها مبنية على أراضٍ فلسطينية مغتصبة، إلا أن حكومة نتنياهو فشلت حتى الآن في هدم حتى أصغر البؤر الاستيطانية المستقوية بنفوذ اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وفقا لـ”تقرير البؤر الاستيطانية” الذي قُدّم إلى الحكومة الإسرائيلية عام 2005، هناك أربعة معايير، إذا لم تستوفها المستوطنة، ستُعتبر بؤرة استيطانية غير قانونية في نظر كيان الاحتلال. المعيار الذي أمرت المحكمة الإسرائيلية بناء عليه بهدم البؤرة الاستيطانية “عمونا”، هو أنّ أراضيها ليست مملوكة لكيان الاحتلال وغير مسجلة باسم يهود، وإنما مسجّلة كملكيّة خاصة بالفلسطينيين، ولذلك لا يمكن اعتبارها قانونية وفقا للقانون الإسرائيلي.
في البرلمان الإسرائيلي يعزز أعضاء كنيست ووزراء من حزبَي “البيت اليهودي” و”الليكود” قانون تسوية الاستيطان، والذي بادروا إليه بهدف إحباط إخلاء عمونا، والإخلاءات المستقبلية لبؤر استيطانية ذات مكانة قانونية مشابهة. أما منظمات حقوق الإنسان، وعلى رأسها المنظمتان الإسرائيليتان “بتسيلم” و”يش دين”، فهي تحاول الوقوف والتصدي لمثل هذا الإجراء ومعهم أعضاء كنيست إسرائيليون من المعارضة، وحكم المحكمة العليا.
قبل عامين قررت المحكمة الإسرائيلية العُليا، أنّه سيتم إخلاء عمونا حتى 25 كانون الأول 2016. منذ ذلك الحين قدّمت الحكومة عدة طلبات لتأجيل موعد الإخلاء، ولكن رفضت المحكمة قبولها وظل موعد الإخلاء دون تغيير. في الأسبوع الماضي قُدّم طلب آخر لتأجيل موعد الإخلاء، ولكن رفضت القاضية، مريام ناؤور، طلب التأجيل أيضا وكتبت في توضيحها: “علينا أن نحذر لئلا تصبح المواعيد التي حُدّدت في الحُكم توصية فقط”.
حزبا اليمين “البيت اليهودي” و”الليكود” عزّزا في الأشهر الأخيرة “قانون تسوية الاستيطان” الذي هدفه الرئيس هو تسوية مكانة عمونا ومنع إخلائها. عندما تبيّن أن قرار المحكمة لإخلاء البؤرة الاستيطانية غير قابل للإلغاء أو التأجيل، استمر أعضاء الكنيست في تعزيز القانون مع علمهم أن عمونا سيتم إخلاؤها على أية حال، بهدف منع الإخلاءات المستقبلية لبؤر استيطانية أخرى في الضفة الغربية، ذات مكانة قانونية مشابهة. المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أعرب عن معارضته لقانون تسوية الاستيطان، وكتب أنّ “مشروع القانون يسمح بمصادرة ملكيّات خاصة بخلاف قواعد القانون الإسرائيلية، وبشكل لا يتفق مع التزامات دولة إسرائيل أمام المحكمة الدولية”.
معركة استئناف الاستيطان كما يقول اليسار الإسرائيلي “زوراً وبهتاناً” بينما واقع الحال أنه لم يتوقف أصلاً هي معركة حياة أو موت بالنسبة للفلسطينيين الذين يشاهدون كل يوم أرضهم وهي تقضم جراء البناء الاستيطاني المتغول على حساب تراجع الشرعية الدولية وعجز القانون الدولي عن حماية الفلسطينيين وممتلكاتهم، فيما تظل المعارك الوهمية والدونكيشوتية التي يقوم بها الإعلام الإسرائيلي للترويج بوجود صراع وتنازع داخلي حول مشروعية هدم البؤر الاستيطانية من عدمه مجرد صراع خيالي؛ لأن ما بني على باطل سيظل باطلاً ولو طال الزمان!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
كتائب القسام تقنص جنديًّا وتستهدف 5 آليات للاحتلال في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس لليوم الـ 302 تواليًا، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من...
قيادة حماس تجري مشاورات واسعة لاختيار رئيس جديد للحركة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن قيادتها باشرت بإجراء عملية تشاور واسعة في مؤسساتها القيادية...
حزب الله يهاجم 8 مواقع للاحتلال ويزف شهيدين على طريق القدس
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلامأعلن حزب الله اللبناني، مهاجمة 8 مواقع للاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان، وزف شهيدين على طريق القدس، مؤكدًا أن عملياته...
حماس تدعو المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل لمحاسبة الاحتلال على جرائمه
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة حماس إلى المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل، لفضح أكاذيبه، ومحاسبته على انتهاكاته الفظيعة وجرائمه ضد...
17 شهيدًا وعشرات الجرحى بمجزرة إسرائيلية استهدفت نازحين في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 17 مواطنًا وأصيب عشرات آخرون بجروح - مساء السبت- بمجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بعدما قصفت مدارس تؤوي...
أحرار العالم يلبون نداء نصرة غزة والأسرى
عواصم - المركز الفلسطيني للإعلام لبى أحرار العالم، اليوم السبت، الدعوات للمشاركة في فعاليات "اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى". ودعا القائد...
مسيرات حاشدة في الضفة باليوم العالمي لنصرة غزة والأسرى
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شارك الآلاف في وقفات ومسيرات حاشدة -اليوم السبت- انطلقت في عدة محافظات في الضفة الغربية، ضمن فعاليات "اليوم الوطني...