تهنئة أميركية مبهمة لنتانياهو

صحيفة الحياة اللندنية
هناك من يرى أن وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما لخطاب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه خطوة إلى الأمام، سببه أن لا أحد في الغرب يجابه “إسرائيل” بطريقة واضحة لأنها دولة ضحايا المحرقة وأن الكل يصفق لخطاب سيئ لا جديد فيه سوى أنه موقف نتانياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.
وهناك من يرى في وصف أوباما لخطاب نتانياهو بأنه خطوة إلى الأمام، ترحيباً أميركياً يسبق الضغط الحقيقي على “إسرائيل” للدخول في التفاوض.
ويقول دعاة هذه النظرية أن التقدم الذي حدث مع وصول أوباما إلى الرئاسة الأميركية، هو أن هناك ضغطاً أميركياً فعلياً على “إسرائيل” لم يمارس من قبل سوى مع وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأب.
والآن وللمرة الأولى يضغط أوباما على “إسرائيل” وللمرة الأولى هناك دعم من الكونغرس والجالية اليهودية له، وهذا أمر مستجد كلياً وأن الأميركيين جادون في التفاوض، فهم يبدأون بالقول لنتانياهو إنه أقدم على خطوة إلى الأمام ويهنئونه كأنهم لم يسمعوا الشروط التي تضمنها خطابه، أي أنهم لا يريدون الأخذ بها ولا يعني أنهم موافقون عليها.
ويقول أحد الديبلوماسيين العرب من الذين شاركوا في مفاوضات مع الأميركيين، أنه أسلوب الديبلوماسية الأميركية في التفاوض، فيبدأ بالتهنئة على عبارة الدولة ثم يضغطون في إطار مسار يبدو أنه يأخذ وقتاً. ويعطي الديبلوماسي العربي مثلاً على ذلك في موضوع الاستيطان، إذ أن المبعوث الأميركي جورج ميتشيل قال للإسرائيليين إنه جاء مع تعليمات للبدء بمفاوضات مع “إسرائيل” حول الحدود. ويشير هذا الديبلوماسي إلى أنه إذا كانت واشنطن تتفاوض مع الإسرائيليين على الحدود فهذا يعني أنها تبدأ مساراً لوضع حدود الدولة الفلسطينية، بما يعني أن ما هو داخل الدولة الفلسطينية لم يعد في “إسرائيل”، وبالتالي فإن مسار مسألة تجميد الاستيطان يتم تجاوزه بهذا الشكل.
فالنيات الأميركية جدية للمرة الأولى حتى إن صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية ذكرت أن الأميركيين قالوا ل”إسرائيل”، إنه بسبب الشروط الإسرائيلية بات من الصعب أن نحصل من العرب على خطوات إيجابية.
ويقول دعاة نظرية جدية الأميركيين إنه على رغم ترحيبهم بخطاب نتانياهو الذي لم يأت بأي تغيير فإن الإدارة الأميركية تفهم تماماً أن الخطاب يمثل تعطيلاً لمطالبها ومحاولة للهروب من الشروط التي وضعها أوباما، لكنها عازمة على الضغط عليه. وهذه نظرية منطقية من دون أن تكون متفائلة لأن نجاح التوجه الأميركي ليس مضموناً.
وهناك تحول أساسي في السياسة الأميركية يتمثل بشخصية أوباما المسالمة والتأييد العالمي والشعبي له، ولكن جوهر الموقف الأميركي اليوم، وقد لا يدوم، هو مصلحة أميركية في التقدم من أجل الرؤية الأميركية البحتة وليس الاهتمام ب”إسرائيل” ولا العرب ولا الفلسطينيين. فالمصلحة الأميركية البحتة اليوم مفادها أنه لم يعد بوسعهم الاستمرار على هذه الطريقة.
وأوباما قال لنتانياهو إن موقفه يعبّر عن تقدم ليتمكن من جرّه إلى التفاوض بعمق على رغم كل الشروط التي وضعها ويتصرف أوباما وكأنه لم يسمعها. ويزور نتانياهو أوروبا هذا الأسبوع، ويصل إلى فرنسا في 24 من الشهر الحالي ثم يتوجه إلى بروكسيل وينتقل لاحقاً إلى واشنطن.
فالمصلحة الأميركية البحتة هي اليوم، مع التخوف من سقوط باكستان وإعدادهم لسحب قواتهم من العراق في ظل النتائج الكارثية لسياسة الرئيس السابق جورج دبيلو بوش في المنطقة، إضافة إلى انتخابات إيران وما نجم عنها من أحداث، هي في استقرار المنطقة.
وإذا كانت الولايات المتحدة لم تتحرك حتى الآن للضغط على “إسرائيل” فلأنها لم تكن لديها مصلحة في ذلك. وصحيح أن نتانياهو أدلى بخطاب مجهض للسلام، كما قال الرئيس المصري حسني مبارك. وصحيح أن الدول العربية لا يمكن أن تتجاوب مع طلب أميركي بالانفتاح على “إسرائيل”. وصحيح أيضاً أن لا أحد في العالم العربي توقع من نتانياهو غير ما أورده في خطابه من عنصرية ضد العرب الإسرائيليين وتحديده لدولة فلسطينية محتلة وخاضعة لرغبة “إسرائيل”. ولكن لا يمكن أن يكون أوباما قرأ هذا الخطاب بمثابة تقدم. فالضغط الأميركي آت، لكن نتيجته ليست مؤكدة، وهذا هو الرهان الفعلي.
فهل ينجح المسار التفاوضي الأميركي، وهل تتمكن الإدارة الأميركية من الذهاب أبعد مما يجب مع حكومة إسرائيلية متطرفة يخشى العالم معاقبتها، لأن كل شيء مسموح لها؟ هذا ما سنراه في الأشهر والسنوات القليلة الآتية من ولاية أوباما الرئاسية الأولى.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان عام 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...