السبت 10/مايو/2025

سلطة عباس: سجلٌّ أسود حافل بالقرارات والمواقف ضد مصلحة الشعب الفلسطيني

سلطة عباس: سجلٌّ أسود حافل بالقرارات والمواقف ضد مصلحة الشعب الفلسطيني

لم يكن قرار سلطة رام الله سحب دعمها لمشروع قرار متعلق بـ”تقرير غولدستون” الذي يوفر أرضية لملاحقة الاحتلال الصهيوني في محكمة العدل الدولية -على خلفية جرائم الحرب وضد الإنسانية التي اقترفها خلال الحرب على غزة- القرارَ الأول الذي تتخذه هذه السلطة ضد مصالح الشعب الفلسطيني وانتصارًا لجلاديه، وكان يجري تمريرها رغم النقد الفصائلي والشعبي اللاذع.

إحباط مشروع أممي ضد الحصار

ففي مطلع شهر آب  (أغسطس) 2007م قام مندوب منظمة التحرير الفلسطينية وسفيرها في مجلس الأمن رياض منصور؛ بإفشال مشروع قرار عربي إسلامي تقدمت به دولتا قطر وإندونيسيا إلى مجلس الأمن الدولي لرفع الحصار عن قطاع غزة، وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان الفلسطينيين، وإيجاد حل سريع لضمان عودة الفلسطينيين العالقين على معبر رفح، مع كفالة وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في القطاع بدون عوائق.

وفي حينه أوضح رئيس الوفد القطري في مجلس الأمن الدولي أنه لم يتوقع ما أقدم عليه رئيس الوفد الفلسطيني رياض منصور تجاه المشروع؛ من إجراء اتصالات بجميع أعضاء مجلس الأمن فردًا فردًا لمعارضة مشروع البيان، وطلبه من المجلس عدم اتخاذ أي إجراء بخصوص تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة.

وبالرغم من انكشاف موقف السلطة وصدور تنديدات واسعة فإن السلطة -وعبر متحدثيها- عملت على التضليل ونشر التصريحات المتناقضة بين نفي ومداهنة، ومضت القضية دون أن تتخذ فصائل منظمة التحرير أي موقف جدي إزاء هذه الفضيحة.

افتعال أزمة الوقود

وفي ذات الشهر تفجَّرت أزمة خانقة في قطاع غزة من جرَّاء نفاد الوقود ومعاناة المواطنين في قطاع غزة؛ لينكشف بعد أيام تورط سلطة رام الله وراء هذه الأزمة، من خلال العلاقة مع شركة التوريد الصهيونية؛ وذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

ولم يكن الموقف من القرار بشأن بيان الأمم المتحدة المتعلق بالحصار وأزمة الوقود إلا أحد أشكال تورط السلطة الفلسطينية في استمرار إغلاق المعابر المحيطة بقطاع غزة، ومنع إدخال نوعيات عديدة من البضائع؛ بهدف ابتزاز حركة حماس سياسيًّا.

تضييق اقتصادي بهدف الابتزاز السياسي

الابتزاز بدأ منذ تشكيل حركة “حماس” الحكومة العاشرة بعد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي مطلع عام 2006؛ حيث وضعت حركة “فتح” وقادة سلطة رام الله كل العراقيل أمام فرص نجاحها، وكلما بدت نافذة أمل لتعزيز علاقة جديدة، خارجية كان مسؤولو السلطة يطيرون لتخريبها.

ووصل الأمر إلى عرقلة وصول الأموال وإثارة ضجة مفتعلة على سياسة نقل الأموال عبر الحقائب؛ بهدف توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة في ظل الحظر على تحويل الأموال عبر البنوك، وخلال هذه المرحلة كان غريبًا أن تمر الأموال عبر المطارات المصرية، وتجد العرقلة في الجانب الفلسطيني من المعبر الذي يفترض أن إدارته تتبع الحكومة المنتخبة!.

الحسم العسكري.. انخراط كامل في الجبهة المعادية

دخول السلطة وأقطابها في رام الله في خطط ومشاريع ضد مصلحة الشعب الفلسطيني؛ بدا أكثر وضوحًا و”وقاحةً” برأي المراقبين بعد الحسم العسكري في حزيران (يونيو) 2006؛ حيث رفضت كل الصيغ المطروحة التي قدمتها الحكومة في غزة لتأمين فتح المعابر.

إغلاق معبر رفح

وكان واضحًا أن أي محاولة مصرية لفتح معبر رفح ولو لقضايا إنسانية تشهد تحريضًا فتحاويًّا واسعًا؛ بدعوى أن ذلك يعزز الانقسام، وهو السوط الذي كان يستخدم لجلد أي محاولة لنصرة غزة ومساعدتها في ظل الحصار.

تدمير الجمعيات وتفكيك فصائل المقاومة

وفي ثنايا هذه الفترة، مارست السلطة في الضفة الغربية حربًا شعواء؛ تنفيذًا لخطة دايتون بتجفيف البنية التحتية لحركة “حماس”، فأغلقت وصادرت واستولت على كل المؤسسات والجمعيات التي بنتها الحركة الإسلامية على مدار عشرات السنين؛ لتنفِّذ خطة قديمة فشل الاحتلال في تنفيذها، واستكملت ذلك بالقضاء على كل الأجنحة العسكرية وتفكيكها بالترغيب والترهيب، فمن أجنحة ومقاومين تمَّ الحصول على قرارات عفو لهم، وآخرين تم قتلهم أو الزج بهم في السجون.
 
ونتيجة هذه القرارات زادت معاناة الأيتام في ظل عجز الإدارات الجديدة للمؤسسات عن تأمين التمويل أو سرقتها لهم، فيما تجرأ المغتصبون بعد القضاء على المقاومة وزادت اعتداءاتهم على المواطنين وعلى مصادر أراضيهم وباتت مشاهدة دورية واحدة تدخل عمق المدن الفلسطينية وتتجول وتعتقل من تشاء دون أن يردها أحد، في مشهد هوان غير مسبوق!.

الحرب على غزة.. التواطؤ الكبير

وجاءت الحرب الصهيونية الواسعة على غزة في 27 كانون أول (ديسمبر) 2008، والتي استمرت 22 يومًا وخلفت أكثر من 1450 شهيدًا و5500 جريح؛ لتكشف جانبًا آخر من انحياز السلطة إلى الجبهة المعادية للشعب الفلسطيني.

فخلال الحرب وبعدها كشفت حركة “حماس” وبالأدلة تورُّط العديد من قيادات “فتح” في غزة وعناصرها الأمنية في تزويد الاحتلال ببنك أهداف ومعلومات عن “حماس” وقادتها ومواقع الحكومة والرباط وغيرها.
وبدا أن التصريحات الأولى لأركان السلطة من نمر حماد والطيب عبد الرحيم في ظل الحرب تعكس استعداد السلطة لتولي زمام الأمور بعد انهيار “حماس” الذي لم يتحقق كما خططوا وتوقعوا.
ووصل الأمر بحركة “فتح” إلى توجيه بيانات تحدد فيها آليات استلامها السيطرة على غزة في ظل الانهيار المفترض لـ”حماس” وقواته،ا وهو الأمر الذي خسر الرهان عليه بفعل الصمود والثبات والالتفاف الشعبي الواسع وفق المراقبين والمتابعين.
وللوهلة الأولى بدا أن كل هذه الحقائق غير مصدقة عند بعض الأطراف الفلسطينية والعربية؛ إذ لم يتخيل هؤلاء أن تنخرط السلطة على هذا المستوى من الخيانة.

وككرة الثلج بدأت تتكشف الحقائق، فغير مسؤول صهيوني كشفوا دور السلطة في التحريض على استمرار الحرب والمضي فيها حتى النهاية، وما أكده وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان قبل أيام عن حقيقة هذا الدور إلاّ جزء من خبايا التوافق بين سلطة عباس والاحتلال لتدمير غزة وتهيئتها للفلسطينيين الجدد الذين أشرف على إعدادهم دايتون.

إحباط مسؤول أممي.. والسبب؟!

وفي أيلول (سبتمبر) 2009، قال سفير نيكاراغوا ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أسكوتو بروكمان قال إن “ما أصابني هذه السنة من الإحباط كان بسبب الوضع الفلسطيني.. وكان كل همي هو مساعدة الفلسطينيين، ولكن من كان يتوقع أن يكون أول المستفيدين من دعمي كان على عكس التوقع يعوق ما أقوم به من جهود؛ بسبب حذر لم أستطع فهمه”.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2009  المدير العام للصيدلة بوزارة الصحة في غزة منير البرش يحمِّل “حكومة” رام الله غير الدستورية مسؤولية المماطلة في توريد حصة القطاع من الأدوية والأجهزة الطبية، واتهمها بتقليص حصة العام الماضي إلى النصف، داعيًا إلى “عدم زج المرضى في المناكفات السياسية”.

وبالرغم من كل هذه الفضائح التي يكفي أحدها للإطاحة بأعتى الحكومات؛ تتبجَّح هذه السلطة وأركانها مستقويةً بالاحتلال الصهيوني؛ لتعكس صورةً أخرى لانخراط الأنظمة مع عدو الأمة ضد شعبهم، فكما كان هناك لحد في جنوب لبنان، وكرزاي في أفغانستان.. هنا عباس وفياض في فلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات