الأحد 11/مايو/2025

الأسرى … في انتظار الانتصار

أ. حسن القطراوي
لقد بات الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أكثر املآ من أي وقت مضى في جدية قرب الإفراج عن الكثير منهم خصوصا أولئك الذين قضوا في السجون الإسرائيلية سنين طويلة أو الذين حكموا بأحكام عالية جداً، مما جعل من موضوع صفقة الأسرى مادة إعلامية غير مسبوقة للمنابر الإعلامية المختلفة من فضائيات وإذاعات ومواقع الكترونية الأمر الذي هدد نجاحها بشكل كامل وأثر سلبياً على أعصاب الأسرى بشكل عام ويعود ذلك إلى كون الصفقات المختلفة والتي تبرم بين الدول أو المنظمات المختلفة تبرم حيث يحيط بها درجة سرية غير عادية لتكامل فصول نجاح تلك الصفقة .

في موضوع الصفقة الفلسطينية الإسرائيلية والتي تدور رحاها بين الفصائل
الفلسطينية الآسرة للجندي الإسرائيلي “شاليط” في قطاع غزة والحكومة الإسرائيلية عبر وسيط يتمثل في وفد امني مصري، الأمر مختلف تماما حيث أصبحت قضية الصفقة والأسرى الفلسطينيون أخيراً حديث الشارع الفلسطيني على الأقل ليس لكون قضية الأسرى تهم الشارع بشكل أساس بقدر ما لعب الإعلام الفلسطيني دورا سلبيا فيها الأمر الذي جعل من المواطن الفلسطيني العادي يعرف الكثير من تفاصيلها والتي لربما لم تكن صحيحة في مجملها، ويعود ذلك إلى أمور أهمها :

1- قلة خبرة
بعض الفصائل الآسرة للجندي الإسرائيلي إلى حد ما .
2- تعدد تلك الفصائل الآسرة للجندي اسما وفعلا مما اخل بالخطاب الإعلامي الموحد لصفقة التبادل
3- استحواذ الموضوعات السياسية بشكل عام على شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني

لكن وبعد ما تقدم من أسباب سلبية تحيط بالصفقة إلا أن ثمة تساؤل مهم لا بد من الإجابة عليه ويتمثل في :

ماذا لو نجحت صفقة الأسرى ؟؟

ولكي نسرد الإجابة بشكل واقعي علينا أن نستقرأ التأثيرات السلبية والايجابية لكل طرف من أطراف صفقة التبادل .

الحكومة الإسرائيلية :

أولاً: “التأثيرات السلبية

_
إن ما يقارب من عام على اسر الجندي الإسرائيلي واحتجازه في قطاع غزة المحاصر بالآلة الإسرائيلية التصويرية والجاسوسية الضخمة التي يتمتع بها الجيش الأكثر تجهيزا في الشرق الأوسط إنما يشكل ضربة غير معهودة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية .

_ إن نجاح الفصائل بالإفراج عن الأسرى بصفقة تبادل يشكل أنموذجاً مهماً للفصائل الفلسطينية لأجل إعادة المحاولة من جديد من وجهة نظر إسرائيلية وأنموذجاً آخر للفصائل التي لم تشترك في عملية الأسر للقيام بالمثل .
_
كسر تلك القاعدة الإسرائيلية والتي تتحدث بأن إسرائيل لا تفرج عن أسرى ملطخة أيديهم بالدماء الإسرائيلية إن هي أفرجت .

ثانياً: التأثيرات الايجابية
:

_
لا شك في أن نجاح صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي “قلعاد شاليط” والمحتجز في غزة بأقل عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين خصوصا أولئك الذين تلطخت أيديهم بدماء إسرائيلية من وجهة نظرها يشكل نجاحا للصفقة خصوصا إذا ما تأكد وجود الجندي على قيد الحياة .

_ من ناحية أخرى نجاح الحكومة الإسرائيلية يتمثل في إقناع الرأي العام الإسرائيلي بأن إسرائيل بوسعها فعل أي شيء من اجل المحافظة على حياة أي مواطن إسرائيلي وأنها بصدد دفع أي ثمن لأجل ذلك .

الفصائل الفلسطينية

أولاً :  “ الناحية السلبية

_ بلا شك فإن عملية اسر الجندي الإسرائيلي في قطاع غزة قد كلفت أهالي القطاع من دون تمييز وبشكل عام الكثير الكثير من التضحيات التي قدمها على كل المستويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية، ناهيك عن عدد الشهداء الذين قاربوا على 500 شهيد فلسطيني منذ عملية أسر الجندي في قطاع غزة .

_ من ناحية أخرى فإن اسر الجندي الإسرائيلي شكل ذريعة أخرى للحكومة الإسرائيلية من اجل خنق الشعب الفلسطيني وعلى رأسه الحكومة، مما أضاف عبئاً جديداً للحكومة الفلسطينية العاشرة على الأقل من الأعباء التي حملتها أبان حكمها .

ثانياً: ” الناحية الايجابية

_ إن نجاح فصائل المقاومة الفلسطينية في أسر جندي إسرائيلي من خلال عملية نوعية وجريئة شكل اختراقة أيضا نوعية وغير مسبوقة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية حيث قهرت”أسطورة الجيش الذي لا يقهر” بأقل جهد وعتاد ممكن مع اكبر نجاح ممكن أيضا .

_ إن اسر الجندي شكل نقلة نوعية في العمل الفلسطيني المقاوم منذ دخول انتفاضة الأقصى الثانية على الأقل لشدة الإجراءات الأمنية والعسكرية الاحترازية التي اتخذت خصيصاً في قطاع غزة مما أدى ميزة غير عادية وضجة إعلامية حينها غير مسبوقة لهذه العملية .

_ الإثبات الفعلي على الأرض إن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي لايمكن أن يتم عبر “التوسل والاستجداء” للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إنما عبر” القوة ” التي ما انفكت الفصائل الفلسطينية مجتمعة عن المناداة بأنه لا يمكن تحقيق المطالب الفلسطينية إلا عبرها .

_ ولا يمكن أخيرا إغفال شيء مهم وايجابي يعود على فصيل واحد من تلك الفصائل الآسرة للجندي وهي “حماس” كونها شكلت الحكومة ولطالما اتهمت من قبل بأنها قد انسلخت عن المقاومة وأنها قد ركنت إلى السلطة وان المقاومة كانت شعاراً للوصول للسلطة الأمر الذي نفته “حماس” قولاً من خلال صمودها السياسي وفعلاً من خلال هذه العملية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات