الثلاثاء 06/مايو/2025

قيثارة النصف شيكل دليل جديد على أكذوبة الكيان الصهيوني

قيثارة النصف شيكل دليل جديد على أكذوبة الكيان الصهيوني

على مدار سنوات الاحتلال يحاول ساسة الاحتلال ومؤسساته المختلفة تزوير التاريخ وقلب الحقائق في سعي دؤوب لصناعة تاريخ لدولتهم وكيانهم الصهيوني على أرض فلسطين المباركة، وتأكيد أحقية وجودهم عليها.

وفي آخر الفصول التي كشفت عن مدى الكذب والتزييف الصهيوني، ظهر إلى العلن زيف صورة القيثارة الموجودة على العملة النقدية، نصف الشيكل، والتي تم صكها عام 1985، ولا يزال النقش موجودًا عليها حتى اليوم.

أصل الحكاية
في عام 1979 كان مجتمع علم الآثار الصهيوني في ضجة؛ فعالم الآثار “نحمان افيغاد” ينشر وجود ختم حجري يحمل نقشاً باللغة العبرية القديمة، وتم تأريخ الختم إلى القرن السابع قبل ميلاد ما تسمى بـ”مملكة يهودا”.

وكان النص على النقش كالتالي: “ملكية مادانا، ابنة الملك”، وكان فوق النقش آلة موسيقية عرفت بـ “kinnor”، أو قيثارة، المعروفة في الكتاب المقدس بأنها آلة الملك داود.

وزعم حينها “افيغاد” أن هذا هو أول لمحة للآلة الأسطورية المستخدمة في “الهيكل المزعوم”، وبعد ست سنوات صك بنك (إسرائيل)، شكل قيثارة على عملة النصف شيكل الجديدة، عام 1985.

والمشكلة هي أنه من شبه المؤكد أن هذا ختم مزور، والذي يصور آلة موسيقية وهمية لم يسبق لأحد أن استخدمها، وأثيرت شكوك حول صحة الختم حتى قبل صك العملة، ولكن البنك الصهيوني تجاهل تلك الشكوك.

زادت الشكوك على مر السنين، وهناك شبه إجماع اليوم بين علماء الآثار أنه مزور، ويصر البنك المركزي الصهيوني أنه لا يوجد سبب لاستبدال العملة.

تزوير واضح
 نشرت مجلة نيو ريبابليك الأمريكية، الأسبوع الماضي، دراسة أجراها “دانيال إيسترن” في تاريخ الختم والقيثارة على عملة نصف الشيكل، وقال إن نصف الشيكل ليس عملة فريدة من نوعها فكل القطع النقدية الصهيونية تحمل الصور القديمة المستمدة من العملات والأختام القديمة.

ويقول “إيسترن” زاعماً أن “هناك خطًّا يربط (إسرائيل) القديمة والمعاصرة، وهو دليل على أن اليهود كانوا هنا، ولهم الحق في أن يكونوا هنا”.

ويعتقد “إيسترن”، الذي نشر الدراسة بعد العمل عليها لمدة عامين ونصف، أن الختم الذي تعود ملكيته إلى مادانا، ابنة الملك أصبح مشهورٌ بعد فترة قصيرة من شراء جامع الآثار روبن هشت له من سوق القطع الأثرية في القدس.

ويحاول “إيسترن” تبرير الشكوك التي أثيرت حول الصك بقوله: “مثله مثل العديد من الآثار التي تدخل أصالتها في شك، لم يتم العثور على الختم في الحفريات، ولكن انتهى به المطاف في سوق القطع الأثرية، وبعد حوالي سنتين من شرائه، في عام 1980، تبرع هشت بالختم للمتحف في القدس”.

كان الختم معروضا حتى عام 1993، وبعد ذلك وبدون أي إعلان، تم إزالته من المعرض؛ نظرا لتزايد الشكوك بشأن صحته.

أول من عبر عن الشك في الصك هي باثجا باير، وهي عازفة الموسيقى من الجامعة العبرية في القدس وخبيرة في الآلات الموسيقية القديمة.

ووفق دراسة “إيسترن”؛ فإن باير جاءت بعدة حجج ضد أصالة القيثارة، وقالت إن هيكلها غير منطقي، وإنه إذا حاول شخص ما أن يعزف على تلك الآلة لانهارت، إضافة لوجود 12 خيطاً فيها، وهو ما لا يتناسب مع معرفتنا بالآلات الموسيقية خلال تلك الفترة.

مشكلة أخرى أثارتها باير هي أن التصوير المبكر للآلات الموسيقية دائما ما يضع موسيقياً بجانب الآلة، ولا تظهر الآلة مجردة، وقالت إن تعريف إمرأة (مادانا، ابنة الملك) من خلال آلة موسيقية يعد أمرا إشكاليا، لأنه في ذلك الوقت كان تعدّ المرأة التي تعزف على آلة موسيقية عاهرة، وهي صورة لا تتناسب مع أميرة.

وتشير دراسة “إيسترن” إلى وجود رسالة في المكتبة الوطنية في القدس ضمن أرشيف باير، كتبتها للبنك الصهيوني في أغسطس عام 1985، عندما تم صك النقود، ولكن قبل إصدارها للعامة، نصها: “للأسف، رفض البروفسور افيغاد حتى الآن السماح لي بتقديم حججي”، وتابعت: “توجهت إليه مرتين، فأجاب أن رأي عازف الموسيقى لا يبدو جديراً بالاهتمام هنا”.

يقول “إيسترن”: “بنك (إسرائيل) لديه باير، خبيرة موسيقى من الجامعة العبرية، التي تصدر تحذيرا من ناحية، ومن الناحية أخرى لديه العملاق نحمان افيغاد، لذلك قرروا الاستمرار كالمعتاد وتوزيع العملة”.
واصلت باير إلقاء محاضرات عن شكوكها على مر السنين، حتى وصلت الشكوك للمجتمع العلمي.

تحدث “إيسترن” في دراسته إلى الكثير من الخبراء، بما في ذلك البروفيسور “بنيامين ساس” من جامعة “تل أبيب”، والبروفيسور “شموئيل اهيتوف”، الحائز على جائزة صهيونية في دراسات الكتاب المقدس، والدكتور عيران آري، أمين في متحف (إسرائيل)، والدكتور روبرت دويتش، خبير في علم العملات وتاجر في الآثار.

 وقد أقروا جميعا أنه من المحتمل أن تكون الآلة مزورة، وقد قام البروفيسور كريستوفر رولستون، من جامعة جورج واشنطن، قبل عامين بفحص الختم وأعلن أن العلامات التي تركها الحفار الذي أعد الآلة لا تتطابق مع الأدوات التي استخدمها الفنانون قبل 2700 سنة في القدس.

 المشكلة هي أن العلم لا يزال يفتقر إلى طريقة موضوعية لتأريخ ختم مصنوع من الحجر المحفور.

ويؤكد “إيسترن” أن الطريقة الوحيدة لتخمين ما إذا كان شيءٌ من هذا النوع أصيلا هي فحص شكل الحروف والزينة، وتحديد ما إذا كانت تطابق من حيث الشكل والفن واللغة النتائج الأخرى المألوفة لنا عن نفس الفترة.

ويقول: “المشكلة في ختم القيثارة هو أنه فريد من نوعه في نواح كثيرة؛ فعلى سبيل المثال، لا تكاد توجد أختام الانتماء إلى “ابنة الملك”.

إصرار على التزوير
مرت 30 عاماً على البنك لوضع هذا الموضوع أمام انتباه الجمهور ولمناقشته علنًا، يقول “إيسترن”، إنه عندما يكون هناك إجماع واسع على أن إحدى الصور مشبوهة، يبدأ المرء بالتساؤل عن الأشياء الأخرى المشبوهة.

ويكابر ويعاند “إيسترن” الحقائق الدامغة التي اكتشفها بنفسه، ويقول: “هذا لا يعني أن (إسرائيل) ليس لديها جذور هنا، ولكن عند الامتناع عن التعامل مع هذا الموضوع، أسأل نفسي لماذا؟”.

البنك الصهيوني من جهته قال لمجلة “نيو ريبابليك”: “لا يوجد دليل على أن ختم (ملكية مادانا، ابنة الملك) غير موثوق، وحتى إن كان الأمر كذلك، فهذا ليس مهمًّا، لا يوجد لدى البنك أي نوايا لتغيير العملة إلا لو كان هناك عملية تغيير شاملة في السنوات القادمة”.

 وقد رد المتحف الصهيوني بالقول: “إن ختم مادانا ليس موضوعاً في المعرض منذ عشر سنوات، وإن التحقيقات الأثرية هي عبارة عن عملية تأخذ وقتا، ولا تزال هناك أسئلة تحتاج لإجابات بخصوص الختم”.

هذه القضية الصغيرة بالنظر إلى حجم التزوير والتهويد التي تحاول مؤسسات الاحتلال الصهيوني ترويجها لإثبات أحقية للصهاينة في أرض فلسطين، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن دولة الاحتلال ليست إلا حالة ظارئة على هذه الأرض بنيت عبر روايات مزورة وخيالات مريضة في رؤوس مؤسسيها لا صلة لها بالتاريخ والواقع الصادق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...