محمود عباس الراعي الأول للفلتان ..!!

هل يروق لك الشعور بالأمن ؟ ..
هل يضايقك ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية بسبب الفلتان الأمني ؟!
بالتأكيد سيكون جوابك / نعم

حسناً .. هل تعرف حجم الفلتان الذي تعيشه ومعناه الحقيقي ؟..
ربما يكون لديك تصور معين أو مفهوم ما حول الفلتان .. لكن أن تكون ملماً بكل تفاصيل الفلتان فهذا أمر يحتاج لجلسة طويلة تفكر فيها بهدوء وروية حتى تصل لحقيقة حجمه ومعناه الصحيح ..

لن يدهشك لو أخبرتك أنني رأيت مقتل شخص يسير في الشارع برصاصة طائشة بسبب الفلتان .. فهذا أمر يحدث يومياً ولا غرابة فيه ..
أما لو أخبرتك أن هناك من ماتوا بمرض خطير سببه الفلتان ، فأعتقد أنك ستعقد حاجبيك مستغرباً وربما تظن أنك لم تسمع جيدا !! ..

ولم العجب !! .. لعل الواحد منهم تناول طعاماً من أحد المطاعم التي لا تخضع للرقابة الصحية .. أو دخل جوفه ثمرة أو خضار تم معالجته بمبيد زراعي ممنوع ، أو أكل سمكاً مسموماً ، أو لحماً ذبيحته مريضة .. هل تعرف لماذا يقوم بعض المزارعين بوضع سم الفئران أو سموماً أشد فتكاً في المياه التي تُسقى بها المزروعات ؟ .. هل سمعت عن مادة اللنت شديدة السمية ، التي يتم اصطياد السمك بها ومن ثم بيعه في السوق ؟ .. هل أخبرك أحد العاملين في مزارع البقر ، لماذا انخفض سعر كيلو اللحمة في ذلك اليوم فجأة على هذا النحو ؟ ..

نعم من يقوم بهذه الأفعال المشينة قلة خارجون عن الصف الوطني ، أو معدومو الضمير ، أو عملاء .. سمهم ما شئت .. المهم أنه لا أحد يستطيع وقفهم عند حدهم وكف أيديهم عن إلحاق الأذى بالناس ، وهو أذى خفي لا يفرق بين مواطن أخضر أو أصفر أو أحمر أو حتى متعدد الألوان !!

هذا أحد الجوانب الخفية لمظاهر الفلتان .. إن أردت اكتشافه ولمسه بنفسك ، فعليك بأقرب مستشفى والاطلاع على أحوال المرضى الذين لا يعرف الأطباء سبب علتهم ، وفي أحيان كثيرة نوع مرضهم !! ..

هل تستطيع منع هذا النوع من الفلتان الدخول إلى بيتك ؟..
هل يفرق هذا الفلتان بين ابن فصيل وفصيل أو عائلة وعائلة ؟ ! ..

هذا النوع من الفلتان ليس الأخطر ..هناك أنواع أشد خطورة منه .. فالفلتان الذي يحدث في المدارس والجامعات ، يشبه فيروسا باستطاعته التحول والتطور ذاتيا بدرجة لا يمكن تصورها أو تخمين نتائجها ، لأنه فلتان فكري يضرب ويخرب في القيم والتقاليد والعقيدة أيضاً ، ويفرز ما لا يمكن السيطرة عليه من مسلّمات وعادات دخيلة ، تصبح مع الوقت مقبولة في المجتمع ، بينما هي انزلاق وانحلال في مجتمعات أخرى !! ..

لدي الكثير من نماذج الفلتان التي يمكن الحديث عنها ، وحتى لا يصيبكم الملل أو التشاؤم ، أكتفي بما أوردته ، لأثبت أن الفلتان يُصيب الجميع حتى لو تحصن في بيته .. وهو قضية لا يمكن استثمارها سياسياً كما يتوهم البعض .. ولا يمكن السكوت عليها تجنباً للفتنة كما يتوهم البعض الآخر !! .. ومن يظن أنه مسيطر على الأمور وأنه قادر على إعادة الوضع كما كان عليه حين يقضي على غريمه سياسياً ، فهو واهم .. ومن يظن أن الأمور ستنحل من تلقاء نفسها بمجرد كسر الحصار أو بترك كل شيء والتفرغ للمقاومة فهو أيضاً واهم ..!

أما عن الخطط التي يتم وضعها للقضاء على الفلتان وإعادة الأمن ، فكلها سيكون مصيرها الفشل ، حتى لو أُفسح المجال للقواسمي للإشراف عليها و تطبيقها ، بل ستتحول هذه الخطط لفلتان من نوع آخر يُضاف للفلتان السابق .. فقبل وضع الخطط ، علينا أولاً معرفة حجم الفلتان و مصدره و إمكانياته ، وإلا أصبحنا كمن ينفخ في قربة مقطوعة بتنقلنا من فشل إلى فشل .. وبما أننا عرفنا حجم الفلتان وأدركنا أنه ليس مجرد جرائم قتل وسطو ونزاعات عشائرية .. وأنه اكبر من ذلك بكثير .. علينا أن نعرف أيضاً مصدر هذا الفلتان ومن أين له هذه الإمكانيات .. !

من المؤكد سيقول الجميع أن مصدره الاحتلال .. أو على أقل تقدير ، أحد تداعيات الاحتلال .. و بدوري أتفق مع الجميع أن للاحتلال باعاً طويلاً في هذا الأمر ، ولكنه لا يستطيع إنجازه إلا بيد فلسطينية تحمي هذا الفلتان وتنميه وفي نفس الوقت تُفسد أي خطة للقضاء عليه .. فإن كانت إمكانيات الفلتان هي نفسها إمكانيات الاحتلال .. فمن يا تُرى اليد التي تحميه وترعاه ؟!..

كلنا نعرف تماماً ، أن محمود عباس رجل مهزوز لا يصلح لرئاسة دار مسنين وليس شعباً كالشعب الفلسطيني .. وجميعنا وحتى أبناء الحركة التي يتزعمها محمود عباس ، ندرك جيداً ، أن الصهاينة قتلوا عرفات ليحل عباس محله بعد خلق ظروف معينة تمكنه من ذلك .. فهو حسب وجهة نظرهم لن يمانع في منح عملائهم شرعية التصرف في الشأن الفلسطيني من خلال تقليدهم المناصب التي جردهم منها عرفات في آخر أيامه .. ولكي يكون لهؤلاء العملاء سيطرة تمكنهم من تخريب الوضع الفلسطيني، فالمطلوب من عباس وضعهم في مناصب قيادية على المنظومة الأمنية ، ومن ثم يخربون في المجتمع قدر استطاعتهم واجتهادهم بالتنسيق والتخطيط مع الاحتلال بشكل مباشر بعد تلقيهم الأوامر منه وليس من عباس الذي لا يعنيه شعب ولا وطن بقدر ما يعنيه اهتمامه بصورته أمام الصهيانة والدول الداعمة لهم ..

إن مفهوم كلمة أمن لدى عباس ، هو أمن العدو الصهيوني وليس أمن الشعب الفلسطيني ، وإن كان العدو الصهيوني يرى أن حل القضية الفلسطينية يكمن في شعار الأرض مقابل السلام .. فعباس يرى أن هذه الخطوة يجب أن تسبقها عملية تأديب للشعب الفلسطيني من خلال المس بأمنه واقتصاده بإفشاء الفلتان ، حتى يتسنى له تمرير مشروعه السياسي كانتصار وليس استسلاما أو تفريطا .. فعلى الرغم من سيطرته الكاملة على الأجهزة الأمنية ،إلا إنه لم يحرك آلية واحدة أو جندياً من الجنود الذين يعملون تحت إمرته لفض نزاع مسلح بين عشيرتين أو إلقاء القبض على لصوص أو خاطفين .. ولكنه يحركهم بسرعة إن تعلق الأمر بحرق جامعة أو مسجد ، أو بالانتشار على الحدود لمنع إطلاق الصواريخ ، أو حتى ليحثهم على البحث عن الجندي الأسير ..!

المشكلة أن عباس مقتنع بأن هذه الطريقة هي السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية ، وان ما يقوم به هو أداء سياسي سينتج عنه مصلحة ، وليس فسادا أو خيانة أمانة .. ولأنه مدرك أن هذا الأسلوب القذر قد يعرضه لغضب الشعب الفلسطيني ، يحاول جاهداً إحاطة نفسه بجيش تتكفل أمريكا والعدو الصهيوني بتسليحه .. !

من يتذكر برنامج عباس في انتخابات الرئاسة سيجد أن الرجل لم يعد بتحرير فلسطين أو عودة اللاجئين .. بل اختصر برنامجه السياسي على الدوران حول شعارين اثنين فقط .. وهما القضاء على الفساد .. والقضاء على الفلتان ..

أما عن الفساد .. فقد حصل على شرعية من خلال تكريمه للفاسدين ومنحهم الأوسمة والنياشين وتنصيب الفجرة منهم أعلى المناصب القيادية .. وبالنسبة للفلتان فقد زاد في عهده وأصبح كما ترونه الآن ..فهل يعقل الاتفاق على خطة للقضاء على الفلتان مع مؤسس الفلتان وراعيه .. ؟!