مبادرة (جسور الثقة)

في خضم حالة الشلل التي تصيب (المصالحة الفلسطينية) بعد هذه الفترة الزمنية الطويلة أعلنت حركة حماس من قطاع غزة إطلاق مبادرة أسمتها (جسور الثقة) على أساس أن المبادرة تعني استعادة الثقة الجماهيرية على مستوى حركتي فتح وحماس لإنجاح الاتفاقيات العديدة المبرمة بين الحركتين لتحقيق المصالحة في خطوات إجرائية ملموسة على الأرض.
حركة فتح – بدورها – أعلنت ترحيبها بالمبادرة واستعدادها لإنجاحها.
تأتي المبادرة بعد أيام معدودة من استشهاد ثلاثة أطفال فلسطينيين في قطاع غزة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وبعد وفاة مريض آخر لنفس السبب. وفي الوقت عينه بادر الاحتلال إلى إلقاء منشورات فوق القطاع يحذر فيها أي فلسطيني من الاقتراب من الحدود بين القطاع والأراضي المحتلة منذ عام 1948 ربما تمهيداً لشن عدوان جديد على أهلنا في القطاع.
لكن المشكلة أن أي خطوة إجرائية ملموسة من أجل انطلاق قاطرة المصالحة لم تتحقق حتى اليوم، بالتالي تكون مبادرة حماس خطوة جدية إن نجحت في أعمال زرع الثقة بين أفراد وكوادر الحركتين بعد أكثر من خمس سنوات من القطيعة والصراع، وضمن خطة العدو المحتل للإبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني – بل وتعزيزها بما يكفل للعدو استمرار استغلال واقع الانقسام لتفتيت وإضعاف المقاومة الفلسطينية للاحتلال في الضفة كما في القطاع – وبما يوفر للمحتلين فرصة سحب المزيد من الأرض الفلسطينية من تحت أقدام أبناء القضية الفلسطينية عبر المصادرة، وإنشاء المستوطنات بالتوازي مع خطته المستمرة لتهويد القدس والمراهنة على عامل الزمن حتى يستفيق الفلسطينيون يوماً على حقيقة عدم وجود ما يمكن أن تتم من أجله المفاوضات، فتنتهي حكاية (حل الدولتين) تلقائياً.
وبالنسبة للشعب الفلسطيني فإنه وصل إلى حالة التذمر واليأس من إمكانية استعادة وحدته الوطنية، وبذا فإن مساحة التأييد الشعبي الفلسطيني لكل من حركتي فتح وحماس قد تقلصت كما تظهر الاستطلاعات. ومع الفلسطينيين كل الحق في الغضب على الحركتين معاً، كون الحركتين هما أكبر التنظيمات القائمة والأكثر أثراً في الساحتين الفلسطينية والعربية معاً.
والمهم اليوم هو عدم إضاعة الوقت والجهد، وعدم السماح لمؤيد من الضعف في الصف الفلسطيني. وربما جاءت مبادرة حركة حماس لجسر الهوة ليس بين مناصري وأعضاء وكوادر الحركتين فحسب، بل بين الحركتين ومحيطهما في الساحة الفلسطينية.
فكما قلنا إن الانقسام في الساحة الفلسطينية صار عمودياً وأفقياً في وقت واحد، وأصبح من الصعب استعادة الثقة بين الفرقاء جميعاً. وعلينا ألا ننسى أن هناك عدداً كبيراً من الأحزاب والحركات الفلسطينية ممن يؤيد اتجاه حركة فتح من جهة وممن يؤيد اتجاه حركة حماس من جهة أخرى.
بالتالي فإن مبادرة (جسور الثقة) لا بد أن تواجه الكثير من العقبات، وخاصة ممن هم من المستفيدين من حالة الانقسام ضمن نطاق كل منهما، وفي مستويات قيادية مؤثرة في الحركتين ومناصريهما.
(جسور الثقة) قد تكون فرصة أخرى لوقف حالة التدهور والضعف، وقد تكون فرصة لدفع خطة المصالحة الفلسطينية خطوات إلى أمام، ولكن فشلها سيكون سبباً لمزيد من الإحباط في الشارع الفلسطيني ومحيطه القومي والإنساني.
*كاتب فلسطيني
[email protected]
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...