السبت 10/مايو/2025

رسالة مفتوحة للسيد عمرو موسى

د. إبراهيم حمّامي

معالي السيد عمرو موسى المحترم

الأمين العام لجامعة الدول العربية – القاهرة

 فاكس رقم: 5740331 – 5761017 – 5779546

بريد الكتروني: [email protected]

تحية طيبة وبعد،،،

بداية اسمح لي أن أعرّف بنفسي كمواطن فلسطيني يعيش في الشتات شأنه شأن ملايين اللاجئين الفلسطينيين المشتتين في أنحاء المعمورة بعد نكبة شعبنا عام 1948، عانى ويعاني، ويتابع ويتفاعل مع قضيته، ويتمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية غير القابلة للتصرف أو التفاوض أو عبث العابثين، ويقف في مواجهة الفساد والإفساد المستشري في المؤسسة السياسية الفلسطينية، والمسماة زوراً اليوم بالشرعية.

ما دفعني للكتابة لكم اليوم ليس مواقف جامعة الدول العربية شبه الغائبة تماماً عن الحدث، والمشغولة عن قضية العرب والعالم المركزية، ولا الضعف الواضح في الاجراءات والممارسات، والتي كان آخرها الموقف السلبي من قضية معبر رفح وارتهان مليونين إلا ربع فلسطيني في قطاع غزة لإرادة المحتل، واكتفاء جامعتكم الموقرة بدعم مقداره مليون جنيه مصري (ما يعادل 175 الف دولار أمريكي) للعالقين على الجانب المصري من المعبر بإرادة عربية خانعة خاضعة، بدلاً من التحرك ليل نهار وعلى كل الأصعدة والمستويات لفتح المعبر!

ما دفعني اليوم للكتابة لكم هو تصريحكم الخطير بحق الشعب الفلسطيني، الذي أدليتم به لوسائل الإعلام يوم السبت 28/07/2007 خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موارتينوس في القاهرة والذي جاء فيه: 

” إن الرئيس أبو مازن باعتباره رئيسا للسلطة الفلسطينية، هو الرئيس المفوض بالتحدث باسم كل الفلسطينيين وهذه مسألة مجمع عليها فلسطينيا بما فيها حركة حماس ، فهم لا يعترضون ولا يتحدون سلطة الرئيس أبو مازن في التفاوض باسم كل الفلسطينيين .. مشيرا إلى أن هذا الخط الفلسطيني موجود في كل الوثائق السياسية الفلسطينية”.

معالي السيد عمرو موسى:

اسمح لي مرة أخرى أن أقول وبكل وضوح، وبشكل لا لبس فيه أنكم أخطأتم وأيّما خطأ، فعباس هذا لا يمثل ولا ينوب عن الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، لا هو ولا كل من يحيطون به في رام الله، أو في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية المختطفة من قبلهم، وهذا ليس تعبيراً شخصياً عاطفياً كما قد يحلو للبعض تصويره، فبالإضافة لمشاركة شريحة كبيرة وعريضة من أبناء الشعب الفلسطيني لهذا الرأي، فإنه رأي مبني على أسس ووقائع علمية موثقة آمل أن يسمح وقتكم للإطلاع عليها، توضيحاً لخطورة وخطأ تصريحكم المذكور:

1. اعتمدتم في تصريحكم المذكور على أن الجميع متفق على تمثيل عبّاس (بما فيها) حماس ، وهنا وجب التوضيح أن فتح وحماس وباقي الفصائل لا تمثل الكل الفلسطيني، الذي هو في غالبيته خارج الأطر الفصائلية، وانتماؤه الوحيد هو لقضيته وحقوقه، وبالتالي ومع الاحترام لكل الفصائل فإن هذا الاستناد يبقى منقوصاً في غياب آلية إجماع وطني تشمل الكل الفلسطيني.

2. السلطة الفلسطينية، وبغض النظر عن حقيقة سلطتها وسيادتها في ظل الاحتلال، هي سلطة لإدارة شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، ولا يغيب عن سيادتكم أن أهلنا في الضفة والقطاع يمثلون أقل من ثلث مجموع الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن رئاسة عبّاس لهذه السلطة، وبغض النظر عن شرعيته، لا تعطيه الحق في تمثيل أو التحدث باسم الشعب الفلسطيني بأكمله.

3. قد يحاجج أحدهم بالقول أن عبّاس وبصفته رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو ممثل للشعب الفلسطيني أينما وجد، واسمح لي هنا مرة ثالثة أن أضعكم في صورة بعض الحقائق حول منظمة التحرير الفلسطينية وشعار “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”

· إن عبارة الممثل الشرعي والوحيد لم تكن اختياراً فلسطينياً، بل قراراً عربياً في القمة العربية بالرباط عام 1974

· الشعب الفلسطيني لم يختر منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً له، بل فرضت عليه من قبل النظام العربي الرسمي، فهو لم ينتخب أو يٌستفتى في شرعية تمثيلها، لكنه مع ذلك ومن خلال تراكمات تاريخية ونضالية احتضن المنظمة ودافع عنها وحماها، ودفع ثمن أخطائها القاتلة في الأردن ولبنان والكويت وغيرها من المواقف.

· الشعب الفلسطيني هو الذي يمنح الشرعية ويسحبها وليس العكس، ومنظمة التحرير الفلسطينية ليست ديناً منزلاً يكفر من تركه، بل هي تحت إرادة وشرعية الشعب الفلسطيني لا فوقه.

· إن تمثيل الشعب الفلسطيني وعلى فرضية شرعيته لا يعني مطلقا التفاوض أو التنازل عن الحقوق كما فعلت قيادة هذه المنظمة، ولا يعني الصلاحية المطلقة في التحدث أو التفاوض باسم الشعب الفلسطيني، كما يتوهم حكام المقاطعة في رام الله، بل هي صلاحية مقيدة ومحددة بالثوابت المقدسة.

· إن من أقدس مقدسات تلك الثوابت حق العودة غير القابل للتصرف، والذي أسقطه محمود عبّاس، الذي اعتبرتموه ممثلاً للشعب الفلسطيني، وهذا توثيق لبعض مواقف من يدعي تمثيل الشعب الفلسطيني في شأن حق العودة، ومن دعمتموه بتصريحكم الأخير:

*كان من أوائل من اجتمع معهم عباس بعد تعيينه رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2004، “مبادري” وثيقة جنيف التي يجمع الشعب بأكمله تقريبا على انحطاط مستوى الموقعين عليها، وعلى حجم التنازلات الهائلة فيها عن الثوابت والمبادئ، خاصة المتعلقة بحق العودة، وقام بتقريب ياسر عبد ربه عرّاب الوثيقة، والذي أصبح اليوم وبقدرة قادر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 *في لقاء مع صحيفة المصور المصرية بتاريخ 03/12/2004 قال عبّاس: (إنني لا أريد أن أغير ديموغرافيا “الدولة العبرية”، ولكننا نطلب التوصل إلى “حل” لمشكلة اللاجئين، وتحقيق حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194 وعلى أساس قرارات قمة بيروت عام 2002.)

*في شهر يناير/كانون الثاني 2005 ، أعلن عبّاس أنه على استعداد لتقديم “تنازلات مؤلمة” بالنسبة لموضوع اللاجئين!، ليضيف في حديث مع البي بي سي البريطانية بتاريخ 02/01/2005 ، أن الحل العادل لمشكلة اللاجئين هو بالتفاوض حول القرار 194.

*في حديث نشرته صحيفة دير شبيغل الألمانية يوم الاثنين 21/02/2005 قال عبّاس فيما قال:(أنه مستعد للتفاوض بشأن المكان الذي سيعود إليه اللاجئون، مضيفاً: هناك 5 ملايين لاجئ نعرف أنهم لن يعودوا جميعاً، مشيرًا إلى أن كثيرين منهم لا يريدون العودة لأنهم يعيشون حياة كريمة في الولايات المتحدة أو سعداء في الأردن ولكن يجب تعويضهم ، على حد وصفه، وأضاف،إننا واقعيون، وقد تعلمنا من تجربة قمة كامب ديفيد الفاشلة، بأنه لا يمكن حل مشكلة كهذه ، عمرها قرن خلال 16 يوما ، فقد يحتاج الأمر سبعة إلى ثمانية أشهر وربما سنة كاملة للوصول إلى حل شامل).

*واستمر عبّاس في نفس النهج التفريطي ليعلن وبإصرار وعناد غريبين رداً على الاعتراضات التي انهالت عليه من كل حدب وصوب، وبتاريخ 23/07/2005 في رسالة سرية لشارون نشرت تفاصيلها عدة صحف، ليعلن: (نحن مقتنعون إنه لا يمكن تحقيق عودة اللاجئين)، وليكرر نفس طروحاته المشبوهة في كلمة التشريعي المذكورة بتاريخ 09/08/2005

*في زيارته للبنان وفي تصريح نشر في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 09/07/2005، قال عبّاس (أنا أمثل الشعب الفلسطيني، وأنا منتخب في الداخل من الشعب الفلسطيني، لكنني رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أيضاً. وعندما أتكلم، فإن ذلك يكون باسم جميع الفلسطينيين)، مطالباً بفتح سفارة تكون مرجعية للفلسطينيين في لبنان، وهو ما سيتم الرد عليه بالتفصيل في جزء لاحق، ليبرر قوله لاحقاً بأن اللاجئين الفلسطينيين”ضيوف مؤقتون والقانون يطبق عليهم”، ليضيف إنه (في حال قررت الدولة (اللبنانية) سحب سلاح المخيمات، فان حركة فتح وكل الفصائل الفلسطينية ستلتزم)، متجاهلاً حقيقة أن سلاح المخيمات هو جزء من معادلة إقليمية أكبر تشمل تطبيقات وتداعيات القرار 1559، ليقدم تنازلاً مجانياً آخر دون مقابل، وفي إطار محاولات التوطين الحثيثة التي تجري الآن.

*وأخيراً وقبل أيام فقط وبالتزامن مع تصريحكم المذكور قال: “أنه ما من أحد سيجبر “إسرائيل” على إعادة اللاجئين، وأنه يفكر بحلول خلاقة” لمشكلة اللاجئين!

· أما بالنسبة لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، فحدث ولا حرج، مؤسسات ميتة ومعطلة ولا تجتمع إلا لتمرير مواقف عبّاس، وبشكل مسرحي هزلي كان آخره عقد المجلس المركزي للمنظمة في رام الله هذا الشهر ليدعم خطوات عبّاس الانقلابية، وهنا يجب توضيح التالي فيما يخص المجلس المركزي المذكور:

· المجلس المركزي ليس من أطر منظمة التحرير الفلسطينية المؤسسة لها، بل تم ابتداعه عام 1973 ليكون حلقة وصل بين المجلس الوطني الفلسطيني المتضخم العدد واللجنة التنفيذية التي أرادت منذ ذلك الوقت تمرير ما تشاء وبسرعة، وكان تأسيسه ب 32 عضو ليصل اليوم إلى 159 عضو كلهم بالتعيين لا بالانتخاب.

· مهام المجلس المركزي الفلسطيني محددة وبوضوح في المادة الثالثة من لائحته الداخلية وهو مقيد تماماً بقرارات المجلس الوطني، وعليه فإن ما صدر عنه في اجتماع رام الله باطل بحسب لائحته الداخلية.

· إن ذلك الاجتماع برمته غير قانوني بحسب المادة السابعة من لائحته الداخلية التي تنص أن جلسات المجلس سرية، لا مهرجانية كما فعل عبّاس

· لا يحق لمجلس معين وفاقد للشرعية بانتهاء صلاحيته أن يقرر عن مجلس منتخب هو المجلس التشريعي

– قامت منظمة التحرير الفلسطينية على ركائز أساسية هي المجلس الوطني، الميثاق الوطني، اللجنة التنفيذية والصندوق القومي الفلسطيني، هذه الركائز جميعاً دمرت بجهود القيادة المزعومة الحالية، ولا بأس من توثيق ذلك:

الصندوق القومي الفلسطيني:

لعب الصندوق دوراً مركزياً في حياة المنظمة، وكان يديره مطلع التسعينات عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة جويد الغصين الذي اختلف مع عرفات قبل وفاته، وحل محله نزار أبو غزالة الذي توفي بدوره، ثم أحيلت إدارته لاحقاً على

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات